الثلاثاء - 07 أيار 2024

إعلان

"القمة العالمية للحكومات": المستقبل السعيد ينطلق من دبي

المصدر: دبي - "النهار"
سلوى بعلبكي
سلوى بعلبكي
"القمة العالمية للحكومات": المستقبل السعيد ينطلق من دبي
"القمة العالمية للحكومات": المستقبل السعيد ينطلق من دبي
A+ A-

في وقت فشلت الحكومات اللبنانية المتعاقبة في احترام الحد الأدنى من حقوق مواطنيها عبر تأمين أبسط الخدمات المطلوبة لهم بدءاً من الكهرباء والمياه وغيرها من الخدمات، وفي الوقت الذي يغرق فيه لبنان بنفايات لم تفلح الحكومة حتى الساعة في ايجاد حل للتخلص منها، كانت دبي التي انضمت الى نادي "الحكومات الذكية"، تجمع أكثر من 125 دولة لمناقشة تحديات المستقبل، تحت عنوان "استشراف حكومات المستقبل"... وتعلن عن استحداث وزارة للسعادة مهمتها "مواءمة خطط الدولة كافة وبرامجها وسياستها لتحقيق سعادة المجتمع".
وفي ظل غياب رسمي لبناني واضح عن اعمال "القمة العالمية للحكومات"، ناقش المشاركون الذين ناهز عددهم الـ 3 آلاف مشارك بينهم رؤساء دول ووزراء ومسؤولون في هيئات ومؤسسات دولية، التحديات التي تنتظر الحكومات في العالم، والسبل لإيجاد نماذج تعاون جديدة بين الحكومات والقطاع الخاص إضافة إلى تطوير حلول ابتكارية برؤية مستقبلية للتحديات المشتركة التي تواجه حكومات العالم.
القمة العالمية الرابعة التي افتتحت اعمالها برعاية نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نقلت العالم نحو آفاق جديدة من استشراف المستقبل إلى صناعته، محاولة تقديم أجوبة عن اسئلة الغد وتحدياته المختلفة وفق ما قال وزير شؤون مجلس الوزراء، رئيس القمة، محمد عبدالله القرقاوي.
وعلى مدى ثلاثة أيام بحثت القمة مستقبل 8 قطاعات حيوية، هي: التعليم والرعاية الصحية والعمل الحكومي والعلوم والابتكار والتكنولوجيا والاقتصاد وسوق العمل وإدارة رأس المال البشري والتنمية والاستدامة ومدن المستقبل.
وفيما أجمع المشاركون على أنه من شأن الانفاق على التعليم والابتكار والبحث والتطوير، والقضاء على الرشوة والفساد، تأمين تنمية مستدامة، وكسب ثقة الشعوب، ودعم اقتصاد الدول، أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما في كلمة متلفزة ألقاها خلال افتتاح القمة، ان "من خلال تطبيق الشفافية والمساءلة، والاستثمار في المواطنين، يمكن الحكومات ان تصبح أفضل، ويمكن أصحاب العمل والمبادرات ان يحققوا طموحاتهم وأفكارهم. فحين تستثمر الحكومات في مواطنيها وفي حقوق الإنسان يصبح البلد أكثر أمناً وسلاماً". ودعا أوباما الدول العربية الى تأليف "حكومات جامعة تتمثل فيها جميع الاطراف لضمان الامن في المنطقة التي تشهد اضطرابات.عندما تستثمر الحكومات فعلاً في تعليم مواطنيها وتنمية مهاراتهم ورفع مستوى الطبابة، وعندما تحترم حقوق الانسان، فإن الدول تصبح أكثر سلاماً وازدهاراً ونجاحاً".
كلمة الافتتاح القاها رئيس القمة القرقاوي، فاعتبر ان استشراف المستقبل والاستعداد للمتغيرات المحتملة في السنوات المقبلة ليست أعمالاً تكميلية للحكومات بل هي من اهم الأساسيات، لأن الحكومات غير المستعدة للمستقبل ستهدر بلا شك سنوات وثروات ومستقبلاً". وأكد "ان الإنسان سيبقى باحثا عن السعادة وساعيا إلى تحقيقها، ولا بد أن تكون رسالة الحكومات كافة" .
وقال القرقاوي ان القمة "لن تنتهي بانتهاء أيامها الثلاثة، بل ستستمر ويستمر التواصل والبحوث ويستمر تبادل الخبرات طوال العام، لأننا نريد ان نكون جزءاً من المستقبل مؤثرين به وليس متأثرين به".
وشاركت في اعمالها منظمات دولية بارزة، من بينها الأمم المتحدة ومجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية والبنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والمنتدى الاقتصادي العالمي.
أول المتحدثين في القمة كان رئيس ومؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) البروفسور كلاوس شواب الذي قال: "ان المستقبل يتطّلب من الحكومات تطوير رأس المال البشري والمهارات وتوفير امكانات التعلّم المستمر وإشراك جميع فئات المجتمع وعلى رأسها النساء في عملية التغيير".
وفيما أكد ان "تسونامي الثورة الصناعية الرابعة قادم لا محالة"، نوه بدولة الامارات التي "تشكل نموذجًا عالميًّا لحكومات المستقبل، بما تمتلكه من رؤية بعيدة المدى وقدرة على استشراف المستقبل جعلتها تقود مختبر المنظومات المبتكرة للمستقبل نيابة عن العالم".
ولم تخل كلمة شواب من الاضاءة على دور القادة في تحفيز المسؤولين الحكوميين على رفع مستوى جهوزيتهم وتقبلهم للمتغيرات غير المتوقعة، مؤكدا "ان المستقبل يتطلب من الحكومات تطوير رأس المال البشري والمهارات والكفايات وتوفير إمكانات التعلم المستمر، وإشراك فئات المجتمع وفي مقدمها النساء في عملية التغيير".
أما رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم، فتطرق الى عمل الحكومات ودورها في استقرار المجتمع، وذلك بتأكيده "ان الحكومات التي تعمل بطرق وأساليب غامضة وإقصائية وغير خاضعة للمساءلة، أو التي تفشل في تمكين السلطات المحلية، غالبا ما تزرع بنفسها بذور السخط والاستياء... وحين لا تسمح الحكومات للمواطنين بالمشاركة في صنع القرارات فإنها تبذر بذور الشك والريبة، وعندما تتخذ الحكومات القرارات على أساس المحسوبية والتقسيمات الاجتماعية أو العرقية والتمييز أو الفساد، يتعمق الشعور بالظلم في نفوس المواطنين".
وحض الحكومات على التأكد من أن بيئة الأعمال مهيأة بما يساعد في إطلاق طاقات الإبداع والابتكار وريادة الأعمال والتنافسية...فعندما لا تقوم الحكومات بتشجيع بيئة الأعمال القائمة على العدالة والتنافس، وعندما تُحدّ من توافر الفرص بسبب المحسوبية، فإنها بذلك تشجع رأسمالية المحسوبية التي يمكن أن تؤدي إلى الفوضى وعدم الاستقرار".
وأمام ما رآه من تطور في دبي التي يزورها للمرة الاولى، كان لا بد لرئيس البنك الدولي من الاشادة بتوجهات الشيخ محمد بن راشد وتطلعاته نحو مستقبل بلاده، معتبرا أن دعوته في تغريدة بموقع "تويتر" جامعات الإمارات لأن تختار وزيرا يقل عمره عن 25 عاما لتمثيل الشباب وإسماع صوتهم وتحقيق دور لهم في حكم البلاد، هي من أبرز المبادرات إلهاماً في مجال الحوكمة في هذه السنة الجديدة".


وتضمن المؤتمر جلسات حوارية عن سبل تحقيق أهداف التنمية المستدامة ،والاستعداد للمستقبل عبر تطوير المجتمع وتحقيق تطلعاته على الصعد كافة منها التعليمية، والتكنولوجية، والبيئية، والتنموية، والخدماتية، وغيرها.
ومن الجلسات المميزة، جلسة "لماذا تفشل الحكومات" التي سلطت الضوء على الأسباب الكامنة وراء ازدهار بعض الدول وتحقيقها أعلى مستويات الرخاء والأمن والصحة، وتراجع دول أخرى؟
وتطرق المشاركون فيها الى العوامل التي تؤثر على عمل الحكومات وتدفعها الى النجاح أو الفشل، مؤكدين أن التعامل مع الهجرات الجماعية والتطرف والعنف والبطالة تأتي في مقدمة التحديات التي تواجه حكومات العالم.
وفي جلسة حوارية سلطت الضوء على قدرة الدول النامية على النهوض، عرض رئيس جمهورية رواندا بول كاغامي تجربة بلاده في إنقاذ مليون مواطن من الفقر.


مبادرات الشيخ محمد
ابدى الشيخ محمد اهتماما خاصا بهذه القمة فحرص على حضور حفل الافتتاح، وبعض الجلسات الحوارية خصوصا تلك التي تناولت "دور الشباب في تحقيق الأهداف العالمية"، كذلك افتتح "متحف المستقبل" قبيل الجلسة الرئيسية للقمة، برفقة ولي عهد إمارة أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. فيما كتب في حسابه بموقع "تويتر" أن القمة العالمية للحكومات "ليست فقط لنحو 125 حكومة، بل تفاعل حكومي دولي من اجل مستقبل أفضل للشعوب"، و"سيكون لدينا خريطة طريق لإسنادغالبية خدمات الحكومة للقطاع الخاص".
وعلى مدار ثلاث ساعات متواصلة، ارتأى الشيخ محمد ان يطلق حوارا مختلفا عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع أكثر من 10 ملايين متابع لحسابه الخاص، فكانت جلسة تفاعلية بعنوان "حوار المستقبل"، بأدوات المستقبل، حول رؤيته لمستقبل الحكومات ومستقبل القطاعات التعليمية والصحية ومدن المستقبل.
وفي مبادرة هي الاولى من نوعها، اعلن أنّ "الحكومة الجديدة ستضم عدداً أقل من الوزارات وعدداً أكبر من الوزراء للتعامل مع ملفات وطنية واستراتيجية... ووزيرا للسعادة وآخر للتسامح".
وبهذه التغييرات الهيكلية تكون الامارات الدولة الأولى على مستوى العالم التي تستحدث وزارة للسعادة واخرى للتسامح وتدمج وزارات وتقلل عددها، وتمنح شباباً في مقتبل العمر فرصة حمل حقائب في حكومات تتطلع الى المستقبل بعين التحدي.


[email protected]


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم