الثلاثاء - 07 أيار 2024

إعلان

حين تنهش "الذئاب" ما تبقى من "أشلاء" لاجئات!

المصدر: "النهار"
أ. ش.
A+ A-

وجوههن تروي ألف حكاية، نظراتهن العميقة يعجز عن الغوص فيها أعتى البحارة، أما هدوئهن فليس له تفسير إلا حالة التلبد التي وصلن اليها بعد المآسي التي مررن بها... إنهن لاجئات سوريات في لبنان، هربن من الموت والعنف والاغتصاب في وطنهن، ليواجهن حياة أبت إلا أن تكشر عن أنيابها محاولة التهام ما تبقي من "أشلائهن" .
من الفقر والحاجة وأدنى مقومات العيش، إلى معاناة التحرش والاغتصاب مروراً باستغلالهن الجنسي وتزويجهن بالقوة مقابل "حفنة" من المال، محطات مرّت وتمر بها اعداد كبيرة من النازحات، على هذه البقعة من الكرة الأرضية.
وبما أن "الشرف" عند العرب زينة المرأة، يصبح الحديث عما تعرضن له ضرب من الخيال. فكيف لـ "ضلع قاصر" أن تتحدث عن "زينتها" التي تشوهت بفعل من يخشى على "الشرف"! لذلك كل من أرادت فتح كتابها تمهر قصتها بتوقيع فتاة أخرى.


عمل شريف



واذا كان للبؤس كتاب، فان شارع صبرا في بيروت هو العنوان، هذا الحي الذي نزلت فيه آلاف العائلات السورية رغم ازدحامه باللاجئين الفلسطينين، يخبئ في زواياه وفي كل شبر منه آلام جراح من الصعب أن تضمدها الأيام. في هذا المكان الذي تفقدته "النهار"، هربت فاطمة من حلب بعد استعار المعارك فيها، تقول: "قدمت مع والدتي وأختي وطفلها، لم نجد في اليومين الأوليين مكاناً يأوينا، أذكر أننا افترشنا الأرض تحت أحد جسور بيروت، حتى ساعدنا أهل الخير، وأمنوا لنا غرفة في مخيم شاتيلا، اليوم أنا في حاجة إلى عمل شريف يؤمن لنا قوت يومنا ".
السؤال عن موضوع "محرم" كبيع الجسد مقابل الاتيان بما يساعد على العيش، غالباً ما يقابل بالصمت، أو بابتسامة خجل"حزينة". بعد صمت وجيز، تشير فاطمة الى "انها تعرف العديد ممن اضطررن للقيام بذلك مقابل مبالغ زهيدة، الجوع كافر"!
بررت نهاد "عمل" الفتيات في المهنة "المحرمة"، قائلة: "لا ألومهن فلا أحد يعرف ظروف الآخر، بالنسبة لي توفي زوجي في الحرب الدائرة في سوريا، عانيت الكثير للوصول من ريف حماة إلى هنا، أسكن اليوم في منزل استأجره أخي في مخيم مار الياس، لا أعمل وأولادي ما زالوا أطفالاً ".
ومن أين تؤمن نفقات أطفالها، اجابت: " بدبرها".
"بدبرها"، هذه الكلمة الغامضة تحمل في طياتها العديد من الاحتمالات ومن ضمنها "طريق السوء".


الامم المتحدة



المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان جوال عيد أكدت في اتصال مع "النهار" أن" أكثر من 70 في المئة من المسجلين لدينا هم من النساء والأطفال، وكما هو معروف فإنه في الحروب النساء هن الفئة المستضعفة، أما موضوع انخراط قسم من النازحات في الدعارة، فهو أمر في غاية الحساسية نسمعه في الاعلام، لكن على أرض الواقع أعداد قليلة جداً تمتلك الجراءة للتحدث عن قصتها، الموضوع يعد "تابو" لا يُتكلم فيه ولا يعطى حقه من المعالجة".
وأضافت: "لكن من خلال البرامج وحلقات التوعية التي نقوم بها يظهر كم أن النساء معنفات، وأن الكثير منهن في حاجة إلى علاج نفسي، لكن تبقى الحالات التي نعرف بها نقطة في بحر عميق يخفي أسرارهن". الأمم المتحدة وبمساعدة شركائها في المراكز الاجتماعية، تقوم ببرامج اجتماعية لتوعية المرأة على حقوقها وضرورة الحديث عما عانت وتعانيه، كما تقدم لها حلولا قانونية وغيرها، والأهم من ذلك أنه" لدنيا برامج وحلقات عمل لاعطاء النازحات استقلالية اقتصادية "، ختمت عيد.
حاملة هموم الكون، تحدثت فضة ابنة العشرين ربيعاً بغصة وحرقة عن ظروف ليس لها يد في صنعها: "إذا كانت بلدي جهنم فلبنان بركان لا يرحم، لا نُرحم من أحد، سواء من غلاء المعيشة أو الايجارات أو التحرشات الجنسية ومحاولات الاغتصاب، أسكن مع والدي العاجز وأخوتي الخمسة في غرفة لا تتسع لشخص واحد في الطريق الجديدة، بدل ايجارها 250 دولاراً، واذا كنا نحصل على بعض المساعدات الغذائية فإن ذلك غير كافي ".
تتعرض كثير من اللاجئات لحالات من التحرش اليومية، وفق فضة التي تتحدث عن ابتزاز جنسي تعرضت له صديقتها من قبل مالك المنزل الذي تستأجره.


ابتزاز علني



تعيش بيننا "ذئاب بشرية" كاسرة تتنقل في أكثر من منطقة تنتهز الفرصة لاصطياد الفتيات وادخالهن إلى سوق الدعارة، مقابل مبالغ زهيدة كما أفصحت التحقيقات التي أجريت مع فتيات قبض عليهن ضمن شبكات دعارة. ووصل الأمر إلى الإتجار بالفتيات عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خلال صفحات تتضمن طلبات للزواج منهن مقابل مبلغ من المال، مستفيدين من الظروف التي أجبرت بعض الأسر المشردة على تزويج بناتها الصغيرات، من خلال عملية أقل ما يقال عنها أنها صفقة تجارية والخاسر الأكبر فيها "العروس" .
لم يترك العوز الشديد خياراً لهند سوى أن تتزوج برجل يكبرها بـ 30 سنة ومع هذا تقف على طرق بيروت تبيع المحارم. تقول وعلامات الحزن بادية على وجهها المتعب: " لم أنل من الحرب السورية سوى التعتير والزواج برجل في سن جدي أغرى والدي بـ 500 دولار وهو يجبرني على العمل لتأمين المال...".
وأضافت: "أنا أحزن على الفتيات الصغيرات اللواتي يمددن أيديهن للحصول على المال، فتسحبهن ايدي السوء إلى أماكن أخرى".
لا بد للصمت أن ينكسر وأن تولد حلول لوضع حد لهذه المأساة الانسانية التي تعيش في الظل وتنال من المستضعفات.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم