الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

شجرة كينا عمرها 200 سنة تبتر من جذورها في قلب بيروت

المصدر: "النهار"
باسكال عازار
A+ A-

أن تقطع شجرة عمرها 200 سنة على عينك يا تاجر في وضح النهار من دون أن تشعر القوى الأمنية بالنخوة للتحرك، ومن دون أن تعطي بلدية بيروت أجوبة واضحة للأهالي المستفسرين عما يحصل، فهذا يعطي دليلا واضحا عن هشاشة الحماية البيئيّة التي تدعيها سلطاتنا المفترضة، ويضعها أمام استجواب علني لتفسير ما حصل في تلة الخياط في قلب بيروت وليس في أطراف الجمهورية. وما يصح وصفه هو وصمة عار على جبين الدولة المتراخية في ملاحقة زمرة من المخرّبين كرمى للمصالح الشخصية الضيقة، في حال ثبت أنهم لم يحصلوا على إذن كما يبدو. وفي حال كان الإذن الرسمي متوافرا هل يجوز قطع شجرة معمّرة وسط مدينة متعطشة للغطاء الأخضر؟ وما الدوافع خلف منح هذا الإذن إذا حصل؟ لا تزال الأجوبة مجهولة كون الأهالي لا يدركون الأسباب فعليا غير أنهم رفعوا قضيتهم عبر "النهار" التي رفعت بدورها صرختهم إلى بلدية بيروت، وفي الآتي تفاصيل لا تزال أولية.


روت رلى طبش جارودي لـ"النهار" تفاصيل ما حصل في الحي الذي تقطنه في تلة الخياط "فقد استيقظ أهالي الحي السابعة والنصف صباح السبت الماضي على فريق عمل يقوم بقطع شجرة كينا عمرها 200 سنة وهي ذات جذور ضخمة منغرسة في الأرض وتملأ ظلالها الشارع لأنها تغطيه بأغصانها وخضرتها". وأضافت "كلنا في الحي نحب الشجرة فوجودها جميل وغير مزعج أبدا، وعندما شيدنا بنايتنا أخذنا كل التراخيص على أساس شرط وهو أن نحافظ في مخطط البناء على الشجرة وهكذا فعلنا بكل سرور".
ومع بداية تنفيذ الأعمال "اعتقدنا أنهم يقومون فقط بالتشحيل، لكننا اكتشفنا لاحقا أنهم يقومون بالبتر وقالوا لنا أنهم يحملون إذنا من البلدية غير أنهم لم يبرزوا أي ورقة رسمية كما أن أي عنصر رسمي بلدي أو من القوى الأمنية لم يحضر إلى المكان. ومع الإطلاع على الورقة المعلقة على الشجرة والتي تطلب عدم ركن السيارات في هذا الموضع لأن ثمة أعمال لإزالة الشجرة، اكتشفنا أنها إعلان من لجنة بناية فرح وليست إعلانا رسميا من البلدية".
وأكدت "استمرت الأعمال حتى الثالثة بعد الظهر، وقد اتصلت بالقوى الأمنية ثلاث مرات خلال هذه الفترة، علما أن ثكنة الحلو تبعد عنا خمس دقائق فقط لكن أحدا لم يتحرك وقالوا لي: "هذا ليس من اختصاصنا". طلبت إليهم التحقق على الأقل من قانونية العمل فقالوا لنا أنه "طالما أن فريق عمل يعمل على إزالتها فهذا يعني أنهم يملكون إذنا". لكنه جواب غير دقيق وجدي فما من شيء يثبت أن الفريق مكلف رسميا".
أما بالنسبة للإتصالات مع البلدية قالت: "لم يجب علينا أحد ولا معلومات لديهم عن الموضوع". وشكت جارودي من أن "الشجرة تحولت إلى عمود معرى وسط الطريق لأنهم لم يستطيعوا إزالة الجذع نظرا لجذور الشجرة الكبيرة والمتجذرة في الأرض، يقولون حاليا أنهم سيحفرون الأرض لاقتلاعها ما يعني أنهم لن يكتفوا بإزالة الشجرة إنما بتشويه الحي من خلال الحفر".
وكشفت عن أن "النواطير يقولون أن ثمة ساكن جديد انضم إلى بناية فرح وهو على ما يبدو مستشار ذو نفوذ سياسي، وقد انزعج من الشجرة وقرر قطعها مقابل وعد قطعه للبلدية بغرس خمس أشجار أخرى في بيروت بدلا من شجرة الكينا". وأضافت "هذا غير مقبول إذ لا يحق للدولة أو البلدية بقطع الشجرة. اتصلت بـGreenpeace من أجل الحصول على دعم لكنهم لم يردوا فلمن نلجأ إذا كانت الدولة والبلدية والمجتمع المدني لا يسألون ولا يردون في اللحظات الحرجة"؟
استفسرت "النهار" من رئيس بلدية بيروت بلال حمد عن الموضوع فقال أولا "لا يسعني الحديث عن موضوع لا أعرفه". ومع الإستفسار عن القضية قال: "في العادة إن شجرة الكينا قاسية وهي تشلش في الأرض ما يضرب الأرصفة والبنى التحتية في المناطق السكنية لذلك نكون مضطرين أحيانا لإزالتها لكن لا يمكننا القيام بذلك قبل الحصول على إذن من وزارة الزراعة. والمعروف عنا في بلدية بيروت أننا نعمل على زيادة الغطاء الأخضر لذلك سأتحقق من الموضوع إذ قد يكون عملا تخريبيا".
ووعد حمد بالإتصال بجارودي للتحقيق في المسألة. "النهار" ستتابع مأساة هذه الشجرة وما حل بها حتى النهاية.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم