الجمعة - 10 أيار 2024

إعلان

رحيل محمود غزالة المتواضع القلب

المصدر: "النهار"
غسان حجار
غسان حجار @ghassanhajjar
A+ A-

يحاذر المرء في وصف محمود غزالة مخافة ان يجرح تواضعه رغم الغياب، هو الذي عاش بصمت، ورحل بخفر. عرفته من بعيد، رغم كوننا أبناء بلدة واحدة هي مشغرة التي غنت لها فيروز، وكان لها تاريخ عريق ان في السياسة، وخصوصا العلمانية سابقا، مرورا بالفنون والاداب والصحافة، وصولا الى نهضتها الصناعية في دباغة الجلود.

من هذا المعين، غرف محمود غزالة. كنا نعرفه "الاستاذ محمود". ومذ كنا صغارا عرفنا انه صحافي وكاتب ملتزم العقيدة القومية. عقيدته لم تشكل حائلا دون لقائه، او تقبله الاخر. ربما كان يتجنب احيانا الاخر النقيض له في السياسة، لا هروبا وهو المثقف العالم القدير، بل ربما لعدم الدخول في جدالات عقيمة غالبا ما تؤدي الى الافتراق والتباعد ما بين الاهل والاصدقاء.

لم يكن صمته وليد خجل، بل ثمرة عمق التفكير، كالشجرة المثقلة بالانتاج الوفير الذي يجعلها تنحني، فيما تبقى الاخرى البلا ثمر رافعة الرأس، غير عابئة باطعام ناسها ومحيطها.

ومن يعرف الاستاذ محمود، يدرك جيدا انه ضحى للقضية التي آمن بها وعمل لاجلها، ومضت معه عائلته، ولم يجن مالا ولا حصد ثروات اذ انه غالبا ما التزم العمل الاعلامي الحزبي، الفقير ماليا، والذي يهجره طالبو الشهرة والمال.

لم تتسن لي معرفته الشخصية العميقة، رغم اقتصار المسافة بين منزلينا، على مئات الامتار فقط. ربما كان تقصيرا مني، لاني كنت سأفيد حتما من عمق فكره وعلمه وثقافته. وربما كان ساعدني في تحسين صورة الحزب الذي ينتمي اليه، لانه بكل تأكيد لم يكن ليدافع عن ارتكابات وشواذات ارتكبها القومي. ربما كان يمكن للاستاذ محمود الذي لم ينسحب من الحلبة، ككثيرين من رفاقه، ان يقدّم صورة مغايرة، لكن الوقت فات.

وقد نعت نقابة محرري الصحافة اللبنانية "الزميل محمود غزاله الذي وافته المنية وهو في منتصف العقد الثامن من عمره الذي ملأه نضالا وكفاحا في سبيل قناعته العقائدية من خلال الحزب السوري القومي الاجتماعي، وفي معترك الصحافة، وهو الذي عمل فيها محررا ، كاتبا، محللا، رئيسا للتحرير. مديرا عاما، وكان في المواقع التي تنقل بينها:"فكر"، صباح الخير-البناء"، "البناء"، "النهار"، "الشرق"، "الديار" و"صدى البلد" ، الصحافي الملتزم، الرصين، المتحصن بالاخلاق والمناقبية .

انتسب الراحل الكبير الى نقابة المحررين ، وكان دائم الترداد اليها ، والمشاركين في مناسباتها ونشاطاتها ، ولم يتخلف الا عندما اقعده المرض عن اداء الواجب الذي حرص على ادائه دائما.

نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف قصيفي قال في الراحل الكبير: ان محمود غزاله، كان في حياته المهنية قدوة ، كما في مسيرته النضالية، عبر بقلمه عن قناعاته، متفردا باسلوبه الواضح، ودقة التعبير برقي وتهذيب هما من شيم الكبار. عرفته عاشقا لعمله راغبا في العطاء ، يسمو فوق الماديات الزائلة، مؤثرا التجذر في النضال، واقتحام الصعاب، ومواجهة التحديات بشجاعة اثرت عنه. وهو اكتسب تقدير عارفيه واحترامهم، وهم من كل المواقع والتوجهات، لان من مثله لا يخشى منه، لان الخصومة معه هي خصومة شريفة، وصداقته تكال بمكيال الذهب.

رحم الله الزميل الكبير، وافسح له في جنان الخلد صحبة الابرار الصالحين ، ولاسرته وللحزب السوري القومي الاجتماعي جميل الصبر والعزاء.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم