الجمعة - 10 أيار 2024

إعلان

لماذا قد يحتدّ الصراع الأميركيّ-الروسيّ أكثر حول فنزويلا؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
A+ A-

واشنطن تصعّد

نائب الرئيس الأميركيّ مايك بنس غرّد كاتباً "نحن معكم". وكذلك فعل الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب الذي أعلن دعم "حرّيّة" الشعب الفنزويلي مشيراً إلى متابعته الوضع "عن كثب". وبدأت الإدارة الأميركيّة تصعّد لهجتها إذ أعلن مستشار شؤون الأمن القوميّ جون بولتون أنّ "كلّ الخيارات على الطاولة" على الرغم من قوله إنّ بلاده تفضّل "انتقالاً سلميّاً للسلطة". كذلك، هدّد ترامب كوبا ب "فرض حصار كامل وشامل إلى جانب عقوبات على أعلى مستوى" إن لم تتوقّف عن دعم مادورو.

في حديث إلى صحيفة "ميامي هيرالد" الأميركيّة الأسبوع الماضي، قال غوايدو إنّ التقديرات حول أعداد الكوبيّين في فنزويلا تراوحت بين 20 و 40 ألفاً، "من ضمنهم بين 2000 و 2500 تمّ تكليفهم خصّيصاً لتعقّب واضطهاد" أعضاء من القوّات الفنزويليّة المسلّحة. وكان بولتون قد أعلن أمس ردّاً على سؤال بأنّ 20 إلى 25 ألف جنديّ وأمنيّ كوبيّ هم الذين يمنعون مسؤولين آخرين في الحكومة الفنزويليّة من دعم غوايدو.


اتهامات وردود بين واشنطن وموسكو

أتى الخبر اللافت على لسان وزير الخارجيّة مايك بومبيو خلال مقابلة مع شبكة "سي أن أن". فقد قال إنّ مادورو كاد أن يهرب من فنزويلا ليعيش في المنفى الكوبيّ، لكنّ روسيا منعته من ذلك: "كانت طائرته على المدرج وكان جاهزاً للمغادرة هذا الصباح بحسب ما علمنا، لكنّ الروس أشاروا عليه بضرورة البقاء".

في خطاب ألقاه الثلاثاء وأعلن فيه انتهاء "الانقلاب" رفض مادورو كلمات بومبيو واصفاً إيّاها ب "الجنون" و "الأكاذيب والتلاعب". من جهتها، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجيّة الروسيّة ل "سي أن أن" إنّ واشنطن "بذلت أقصى جهد لديها من أجل ضرب معنويات الجيش الفنزويلي وهي استخدمت الآن (الأخبار) الزائفة كجزء من حرب المعلومات".

من جهته، تساءل السفير الأميركي السابق إلى موسكو مايكل ماكفول في تغريدة، خلال تعليقه على كلام بومبيو، عن السبب الذي قد يدفع روسيا إلى منع مادورو من التنحّي فيما لم تتّخذ الخطوة نفسها مع حليفها الرئيس الأوكرانيّ الأسبق فيكتور يانوكوفيتش سنة 2014.


عاملان لنجاح تحرّكه

ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أنّ مادورو بات يتمتّع باليد العليا في ما يتعلّق بالتحرّك الأخير مشيرة إلى أنّ مسؤولين عسكريّين بارزين وافقوا سرّاً على الانضمام إلى الاحتجاجات لكنّهم تراجعوا لاحقاً لأسباب غير معروفة. وقال الممثّل الأميركيّ الخاص للشؤون الفنزويليّة إيليوت أبرامز إنّ المسؤولين الأميركيّين اعتقدوا أنّ كبير قضاة المحكمة العليا في فنزويلا ووزير الدفاع ورئيس الحرس الجمهوريّ سيعلنون دعمهم لرئاسة غوايدو. وكان ذلك سيؤدي إلى تحفيز الدعم الشعبيّ لغوايدو بحسب اعتقاد المسؤولين.

يبدو أنّ غوايدو لم ينسّق خطوته مع الأميركيّين، ولذلك، فقدَ تحرّكه الأخير بعضاً من الزخم، علماً أنّه رفض التراجع ودعا الفنزويليين للنزول إلى الشارع اليوم. وكتبت جوديث ميلر في شبكة "فوكس نيوز" أنّ بولتون أيقظ ترامب في السادسة صباحاً ليبلغه آخر التطوّرات. وتضيف أنّ نجاح خطوة غوايدو في الأيّام المقبلة يرتبط بعاملين: انشقاق مسؤولين عسكريّين ذوي رتب رفيعة إضافة إلى مشاركة الملايين في المظاهرات لا بضع مئات الآلاف من المتظاهرين كما كانت عليه الحال في الأسابيع القليلة الماضية. وأشارت ميلر، وهي صحافيّة سابقة في "نيويورك تايمس" حائزة على جائزة بوليتزر للصحافة الاستقصائيّة، إلى ضرورة وجود "خطّة باء" لدى الإدارة الأميركيّة، لكنّ هذا الأمر غير واضح إلى الآن.


الأزمة إلى مزيد من التصعيد؟

قد ترسم سيرورة الأحداث اليوم منعطفاً جديداً في فنزويلا، تكشف من خلاله المعارضة قدرتها على الاستمرار في حشد المتظاهرين ضدّ مادورو أو إخفاقها في ذلك. لكن أيّاً تكن النتائج، بات مستقبل فنزويلا أبعد من الصراع الداخليّ مع تحوّله باطّراد إلى صراع دوليّ بين الولايات المتّحدة وروسيا بصورة عامّة. أبدت واشنطن لغة متشدّدة تجاه فنزويلا بدأت مع التهديد ب "طرح جميع الخيارات على الطاولة" وصولاً إلى تطبيق "مبدأ مونرو" الذي تحدّث عنه بولتون.

من جهتها، أرسلت روسيا حوالي 100 من جنودها وحوالي 35 طنّاً من حمولات مختلفة إلى تلك البلاد أواخر آذار الماضي. وفي حين أوضحت زاخاروفا أنّ تلك الخطوة جاءت بناء لاتفاقيّة تعاون أمنيّ مشترك بين البلدين تعود لسنة 2001، واجهت الخطوة انتقاداً حاداً من الولايات المتّحدة. واليوم، عاد بومبيو ليتحدّث عن الخيارات المطروحة لكن بعبارات أكثر حزماً من السابق إذ قال: "التحرّك العسكريّ محتمل. إذا كان ذلك المطلوب، فذلك ما ستفعله الولايات المتّحدة". وفي هذه التصريحات تأكيد للتحليلات التي تقول إنّ واشنطن لن تقبل بنفوذ روسيّ في ما تعتبره "حديقتها الخلفيّة".

لكنّ روسيا ترى في فنزويلا أيضاً فرصة لتحقيق مجموعة من الأهداف القريبة والبعيدة المدى. مدير مركز كارنيغي في موسكو ديمتري ترينين أشار إلى أنّ روسيا لا تهدف فقط إلى حماية سوقها النفطيّ وسوق الأسلحة المتواضعة في فنزويلا بل يرتبط الأمر أيضاً بمنع حصول تغيير في النظام أكان على يد الولايات المتّحدة أو حلفائها الإقليميين. وتابع موضحاً: "مثل سوريا في 2015، إنّه أساساً حول النظام العالمي".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم