الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

بشر قوشجي "يشوّش" الواقع ليعيد خلقه بالفنّ في "غاليري آرت أون 56"

المصدر: "النهار"
بشر قوشجي "يشوّش" الواقع ليعيد خلقه بالفنّ في "غاليري آرت أون 56"
بشر قوشجي "يشوّش" الواقع ليعيد خلقه بالفنّ في "غاليري آرت أون 56"
A+ A-

الأشخاص، الوجوه، الأماكن، البيوت، المدن، هي في أساس "مواد" المعرض الذي تقيمه "غاليري آرت أون 56"، الجميزة، للفنان السوري بشر قوشجي، ابتداء من اول أمس الجمعة. وإذا كانت هذه "المواد" المستدرجة من الواقع هي الأساس وهي الأصل في لوحته، فإن الفنان لا يتركها على سجيّتها، وصورتها الأولى، بل يعيد صوغها وبناءها وتركيبها وإنتاجها، بما يجعل السطح التشكيلي للوحته أرضاً خصبة لـ"التشويش" الضبابي الذي يعتري "أبطاله"، حيث تتلاشى صور المشاهدات المألوفة والوجوه، بسبب انعكاس الواقع على الذكريات فتظهر بشكل واقعي مشوّش، ضبابيّ، وغير واضح، لكنه شكلٌ فنيّ، أحياناً تجريديّ، غنيّ بالتأويل.

تختفي الوجوه والأماكن والبيوت، أو تضمحلّ، من أمام نظر الفنان، فـ"يتذكّرها"، عاكفاً على إعادة تجميع مشاهد الصور من الذكريات الجميلة. هكذا يظهر "أبطال" لوحته على هيئة خيالات متكسرة، وهي الخيالات التي تتماوج ضمن خطوط طولية، عمودية وأفقية على السواء، ممزوجة بما بقي من ذلك الواقع الآفل، الذي يصونه الرسّام على نحوٍ تجريدي، أشخاصاً وبيوتاً ومناظر، في عمق اللوحة الخلفي.

لماذا "يرتكب" الفنان هذا التحوير، فيعمد إلى تكسير الواقع، واقع الأماكن وواقع الشخصيات ووجوهها؟ إنه يفعل ذلك، لأن الواقع هو نفسه يبتعد بفعل مرور الزمن وتضعضع الذكريات، أولاً، وبفعل ظروف الحياة وحوادث الدهر. هنا بالذات، تتدخل التقنية، وهي مزيجٌ معقد ومركّب من الخيالات والظلال التي تروي طبقات الذاكرة وتحولاتها من جهة، والفعل التشكيلي التقني من جهة ثانية. وكلّما حاول صوغ الوجوه والأماكن صوغاً واقعياً، بدت له أنها لن تعود كما كانت، فيعيد خلقها أشكالاً متكسرة، ضبابية، مشوشة، وخطوطاً تمعن في التمدد علواً وأفقاً.

وإذ يحفظ الفنان بشر قوشجي بهذه الطريقة، عالمه المألوف، ويمنعه من الاندثار، مستبقياً إياه على السطح التشكيلي، فإنه يدرك تماماً أن هذا العالم لن ينجو إلاّ بالفنّ، مغتنياً بالتأويل والتخييل، وإنّ مشوّش البصر قصداً.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم