السبت - 04 أيار 2024

إعلان

حذارِ من خدعة الدولة المدنية

أمين الياس
Bookmark
حذارِ من خدعة الدولة المدنية
حذارِ من خدعة الدولة المدنية
A+ A-
ليست المرّة الأولى التي أكتب فيها في "المدنيَّة" و"العلمانيَّة"، وأظنّ أنَّها لن تكون الأخيرة. وكلّ مرّة أكتب في هذا الموضوع ليقيني بأنّه هناك الكثيرين الذين لا يزالون يستخدمون الهامش بين المفهومَين لبثّ المزيد من المغالطات والاضطرابات في وعي الرأي العام، اللبناني منه والعربي.فئات المنادين بالدولة المدنية ومصالحهم يمكنني أنْ أقسّم المنادين بالـ"مدنيَّة" أقسامًا ثلاثة. قسم أوَّل هو عبارة عن "العلمانيّين" الذين يعيشون في المجتمعات العربيَّة ذات الغالبيّة المسلمة. فهؤلاء يمكن القول عنهم أنّهم فئتان أيضًا. فئة مجاهرة بمبدأ العلمانيَّة ساعية لتوضيحه ونشر الوعي الخاصّ به بين الناس، وفئة بائسة فاقدة الأمل بإمكانيَّة تطوّر المجتمعات العربيَّة، فتقوم باعتماد تعبير "المدنيَّة" بحجّة أنَّها لا تريد استفزاز الرأي العام أو المرجعيات الدينيَّة، وأنَّ تعبير "العلمانيَّة" مرفوض في هذه المجتمعات ولا يمكن جذب الناس إليه.الفئة الثانية مؤلّفة من "الطائفيّين". وهؤلاء يشكّلون الفئة الأخطر. فهم يستعملون مصطلح "المدنيَّة" تارة من أجل إبعاد الشبهة الطائفيَّة عنهم، و تارة من أجل تغيير معادلات سياسيَّة واجتماعيَّة لمصلحتهم الطائفيَّة، وطورًا من أجل المناورة السياسيَّة بهدف الكسب الطائفي - السياسي أو لمحاولة الخروج من أزمة تلمّ بهم. وغالبًا ما يكون هؤلاء، سياسيّون كانوا، أم مثقّفون أم أبواق، يخدمون ما كان المفكّر والسياسي موريس الجميّل قد أطلق عليهم في خمسينيات القرن العشرين صفة "النيو - إقطاع - سياسي"، والذي يُعدّ أخطر وأخبث من الإقطاع التقليدي، ذلك أنّه يجمع في ذاته، قيم الإقطاع القديم، والاستعداد الدائم لخدمة الأجندات الأجنبيَّة، وقيم التعصّب الطائفي العنصري، وإرادة سحق وإفقار وتسخيف الشعب بشكل دائم للمحافظة على مركزه وسطوته على الناس وموقعه في النظام الإقطاعي - الطائفي المتحالف مع السلطة الدينيَّة وحيتان المال.الفئة الثالثة هُم الإسلاميُّون الذين، وبعد أنْ اصطدموا بواقع ممارسة السلطة وتدبّر الشؤون الزمنيَّة واقعيًا، أدركوا ولمسوا فشل مشروعهم الإسلامي بشكل كبير، فما كان منهم إلّا أنْ أخفوا مشروعهم الإسلامي - بما يعنيه من أسْلَمَة الدولة والمجتمع - بستار "المدنيَّة"، الذي يبدو يستخدمونه بأوجه شتّى. فمدنيَّة الإخوان المسلمين في مصر مثلًا كانت شعارًا لدولة أرادوها "ذات خلفيَّة إسلامية"، وكذلك الامر بالنسبة لحزب راشد الغنوشي في تونس. فعندما يشعرون بالقوّة والتمكّن، يقوم الإسلاميُّون بإعلان مشروعهم جهارًا...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم