الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

هل ينجح الإعلام المصري في التصدي لشائعات التواصل الاجتماعي؟

المصدر: "النهار"
القاهرة- ياسرخليل
هل ينجح الإعلام المصري في التصدي لشائعات التواصل الاجتماعي؟
هل ينجح الإعلام المصري في التصدي لشائعات التواصل الاجتماعي؟
A+ A-

ومنذ بداية العام الحالي، نفذت عشرات الآلاف من الشائعات إلى المصريين، عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسهولة، وانتشرت بسرعة فائقة، وترك بعضها أثراً جلياً في قناعات المواطنين على الرغم من نفيها رسمياً وإعلامياً، وهو ما يطرح علامات استفهام كبيرة حول مدى قدرة الإعلام المحلي على التصدي لمروجي الشائعات، وإقناع الرأي العام المصري، بأن ما سمعوه مجرد شائعة لا أساس لها من الصحة.

وخلال الأشهر الأخيرة، هاجمت برامج "التوك شو"، وبعض كتاب المقالات، هذه الظاهرة بشراسة، كما أصدر مركز دعم المعلومات واتخاذ القرار في مجلس الوزراء المصري، بيانات دورية على موقعه الإلكتروني، ينفي فيها الشائعات الأكثر رواجاً، بعد التواصل مع الجهات المعنية في الدولة.

كما بدأ "اليوم السابع"، أوسع المواقع الإخبارية المصرية انتشاراً، أمس، بث برنامج كارتوني تحت عنوان "هباد وزياط" يهاجم فيه مروجي الشائعات على السوشيال ميديا.

الصدقية والشفافية

وتقول الدكتور ماجدة باجنيد، أستاذة الإعلام في جامعة الأهرام الكندية بالقاهرة لـ"النهار" إن "الشائعات بدأت تتزايد منذ أشهر، ويبدو أن الإعلام التقليدي لم يستطع الوصول لعقول الناس. قوة وسائل التواصل الاجتماعي تجاوزت الإعلام التقليدي، والدليل على ذلك مثلا، حين فشل لاعب كرة القدم المصري ونجم ليفربول محمد صلاح، في إيصال صوته عبر الإعلام التقليدي، ومن خلال المخاطبات الرسمية مع اتحاد كرة القدم المصري، لجأ إلى حسابه الخاص على تويتر، وبث مقطع فيديو تحدث فيه عن مشكلته، وحينها تغير كل شيء، وتدخل كبار مسؤولي الدولة لحل الأزمة".

وتضيف رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون بكلية الإعلام بالجامعة: "كنا في الماضي نتحدث عن أن مواقع التواصل الاجتماعي مؤثرة، ولها حضور، ولكنها الآن باتت أقوى كثيراً من التلفزيون، أو الصحف، أو مسؤول ينفي شائعة. وعلى الرغم من أن هناك بعض الإذاعلا التي يتابعها الناس خلال تنقلهم في المواصلات أو في سياراتهم، إلا أن تلك البرامج لا تصل إلى الجميع، لكن السوشيال ميديا تصل إلى الرأي العام بسرعة كبيرة، وتنفذ إلى الفئات المتعلمة وغير المتعلمة أيضا".

وترى باجنيد أنه "يجب أن نستخدم السوشيال ميديا للرد بنفس الأداة على مروجي الشائعات، ويجب أن نعرف كيف تستخدمها جيداً. لكن يجب أن نلاحظ أن الصدقية مهمة للغاية. والوجود على السوشيال ميديا وحده ليس كافياً، لا بد أن تكون هناك شفافية ومصارحة، ويجب أن تتكرر الرسالة كثيرا، فمرة واحدة غير كافية للوصول إلى الجمهور، ويجب أن تقدم أدلة ومستندات حتى تقنع الرأي العام بصحة ما تقوله".

حائط الصد الأول

ويرى إيهاب الزلاقي، رئيس التحرير التفنيذي لجريدة "المصري اليوم" أنه "يمكن للإعلام أن يكون حائط الصد الأول ضد الشائعات والأخبار المفبركة بالالتزام بالمهنية والحرفية كشرط أول"، ويقول لـ"النهار": "تلك المهنية هى التي تصنع اسم وسمعة المؤسسة الإعلامية وبالتالى يكون ما تقدمه ذي قيمة عالية أمام جمهورها ويثق بها قطاع عريض فى مواجهة الأخبار المشبوهة أو عديمة المصدر".

ويضيف الكاتب الصحافي الذي حاضر في دورات تدريبية ومؤتمرات حول الأخبار الكاذبة "أن المشكلة الأساسية فى انتشار الأخبار الزائفة هي تواترها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بين الحسابات الشخصية، مع ضعف الحس النقدي المطلوب عند الجمهور، بما يؤدي لإعادة نشر وانتشار هذه الأخبار".

ويوضح أنه "على الرغم من تراجع ثقة الجمهور بوسائل الإعلام على المستوى العالمي، إلا أن الوضع فى مصر يعتبر أكثر سوءاً، حيث لا تساعد غالبية المؤسسات الإعلامية على تحسين هذه الثقة، بل على العكس تعمقها بممارسات غير مسؤولة، وبالتالي فإن الخطوة الأولى يجب أن تنبع من وسائل الإعلام أولا، بتطوير آليات الالتزام بالمهنية، لاكتساب ثقة الجمهور والتحول تالياً إلى حائط صدّ ضد الأخبار المفبركة".

و"بكل أسف التجارب المصرية حتى الآن لا تبشر بنتائج جيدة" يقول الكاتب الصحافي، ويتساءل: "ببساطة كيف يثق الجمهور بوسيلة إعلامية تقدم له ما يبدو أنه مواجهة للأخبار الكاذبة، فى حين أن ممارستها اليومية لا تلتزم غالباً بأدنى قواعد المهنية؟".

ويقول الزلاقي "من ناحية اخرى تسيء المحاولات الحكومية إلى فكرة مواجهة الأخبار الكاذبة لأن التقارير التي يفترض بها مكافحة الأخبار الكاذبة تمتلئ بالكثير من الأخبار الحقيقية، لكنها لا تحمل نفس الرؤية الحرفية التي تريد الحكومة تسييدها، بالتالي فإن المتابع لمثل هذه التقارير يفقد الثقة بها تماما بعد فترة قصيرة. هناك بعض التجارب المستقلة مثل صفحة (دا بجد؟)، وغيرها تحاول أن تشق طريقا في هذا المجال، ولكن حتى هذه اللحظة لا جهود جادة ومؤثرة لمكافحة هذا النوع من الأخبار".

التدرب أولوية

ويقول أحمد عصمت، مدير "منتدى الإسكندرية للإعلام" لـ"النهار": "يستطيع الإعلام المصري مواجهة الشائعات، ولكن أولاً نحن بحاجة إلى تحديد عن أي إعلام نتحدث، ما هو نوع الوسيلة الإعلامية، وما طبيعة ملكيتها. الفيصل هو الأدوات المتخصصة في محاربة الأخبار الكاذبة، والتدرب على تلك الأدوات التي تجمع البيانات، وتتحقق من صحتها".

ويرى عصمت أنه "يجب أن تنتهي فكرة الصحافي (الموظف) الذي يجلس على مكتبه يكتب خبراً، ثم ينصرف، بل عليه أن يتدرب مهما كان عمره، ويشارك في ندوات ودورات تدريبية ومعارض متخصصة، ويطلع على أحدث ما صدر في مجال عمله".

"نحن لدينا مجموعة من الصحافيين الذين يفهمون جيداً في السوشيال ميديا، ولديهم خبرة كبيرة في أدوات جمع والتحقق من البيانات" يقول مدير "منتدى الإسكندرية للإعلام، مؤكدا "المهم هو أن تتم الاستعانة بهم، وأن يعطوا صلاحيات للعمل، وتمكينهم من تنفيذ أفكارهم بحرية".

ويضيف "هناك مجموعة من التجارب الجيدة في مصر، مثل بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي ومنها على سبيل المثال: (ما تصدقش)، و(ده بجد؟) يديرها شباب يعمل على التصدي للأخبار الكاذبة، وهؤلاء لو تم تمكينهم عمليا سوف يحققون نجاحات ونتائج كبيرة".

قوة السوشيال ميديا

ويقول هاني بهجت، مؤسس صفحة "ده بجد؟" لـ"النهار": "هناك نسبة كبيرة من الأكاذيب الرائجة على السوشيال ميديا تبثها وسائل إعلام تقليدية. المسؤولية تقع على الصحافيين المحترفين، لأنهم هم من يجب أن يتحقق من صحة الأخبار قبل نشرها، أما المواطن العادي فليست لديه الخبرة والحرفية للتحقق من صحة ما يشاركه على صفحته".




ويضيف مؤسس الصفحة التي تضم أكثر من مليون معجب: "المشكلة تكمن في أنه حين تنشر شائعة، وتخرج الحكومة لنفيها، تبرز أزمة واضحة في الثقة. وحتى نحن حين نحاول أن نستعين بنفي الحكومة، نجد أن الناس لا تصدقنا، وأنه علينا أن نقدم المزيد من الإثباتات. وقد استخدمنا النفي الرسمي أكثر من مرة، وتعرضنا لحرج شديد، بعدما ثبتت صحة ما تعاملنا معه على أنه خبر كاذب".

ويضرب بهجت مثالاً، ويقول: "حين شاعت أنباء عن زيادة أسعار البنزين، وخرج وزير البترول المصري لينفها، تحمسنا ونشرنا أن هذه أخبار كاذبة، وأسعار الوقود لن تزيد كما قال الوزير، وبعد أيام قليلة ارتفعت الأسعار، ومن هذه اللحظة تخوفنا من استخدام النفي الحكومي، وقد شاهدنا أكثر من صفحة رسمية، تنفي الشائعات، والناس لا تثق بها. وهذه المشكلة يمكن أن تحل تراكمياً، مثلما حدثت بصورة تراكمية. حين تنفي الحكومة خبرا مرة تلو الأخرى ويرى الناس أن هناك مصداقية لهذا النفي، سوف يثقون فيه، وتتبدد الشائعات ولن يصبح لها أثرا يذكر على الرأي العام المصري".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم