الصليب

المسيحيّ، منذ طفولته، تعلّمه أمّه أن يرسم على جبينه وصدره إشارة الصليب. وهذه الإشارة يرسمها المسيحيّ قبل كلّ عمل يقوم به منذ نهوضه من النوم حتى نهاية نهاره. فالصليب يعطي معنى لحياته ولكلّ أعماله، وهو أنّه، منذ معموديته، قد "لبس المسيح"، والتزم أن يعمل كلّ أعماله "باسم المسيح"، أي على مثال المسيح وبروح المسيح الذي، بالصليب، افتدى العالم، ونهج لنا طريقًا جديدًا، هو طريق المحبة وبذل الذات في سبيل الآخرين. فهذه هي وصيّة يسوع الجديدة لتلاميذه: "إنّي أُعطيكم وصيّة جديدة: أحبّوا بعضكم بعضًا. ولكن كما أحببتكم أنا تُحبّون أنتم أيضًا بعضكم بعضًا. فإذا أحببتم بعضكم بعضًا عرف الجميع أنّكم تلاميذي... ليس لأحد حبّ أعظم من أن يبذل نفسه عن أحبّائه" (يوحنا 34:13-35؛ 12:15).إنّ أصل كلّ الخطايا هو الأنانيّة والتنكّر لله وللآخرين، كما أنّ موجز كلّ الوصايا هو محبة الله ومحبة القريب. يقول القديس أوغسطينُس: "ثمّة حبّان لا ثالث لهما: حبّ الله حتى إنكار الذات أو حبّ الذات حتى إنكار الله". هذا ما يعنيه يسوع بقوله: "إن أراد أحدٌ أن يتبعني فليُنكِرْ نفسه وليحملْ صليبه كلّ يوم ويتبعني"...