السبت - 04 أيار 2024

إعلان

التهديدات الأميركيّة-الإيرانيّة ... سيناريو شوهد في ملفّ آخر؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
A+ A-

تمّوز المشتعل بالتصريحات

بدأت أوّل ملامح التوتّر خلال زيارة #روحاني إلى سويسرا إذ قال في الثاني من الشهر الحاليّ: "لقد زعم الأميركيّون أنّهم يريدون وقف صادرات النفط الإيرانيّة بالكامل. إنّهم لا يفهمون معنى هذا التصريح، لأنّه لا معنى لعدم تصدير النفط الإيرانيّ بينما يجري تصدير نفط المنطقة". ومع أنّ روحاني لم يخض في تفاصيل إضافيّة لتوضيح كلامه، فُهم منه أنّ "تصدير نفط المنطقة" سيتوقّف طالما أنّ "صادرات النفط الإيرانيّة ستتوقّف بالكامل". وفي هذه الحال، عنى كلامه بطريقة غير مباشرة أنّ إيران تهدّد بإقفال مضيق #هرمز.

لقي كلام روحاني إشادة في الداخل الإيرانيّ، فوصف قائد الحرس الثوريّ الإيرانيّ الجنرال محمّد علي جعفري تصريحات الرئيس الإيرانيّ ب "الصارمة" مضيفاً أنّ قوّاته مستعدّة لإقفال المضيق. لكن سرعان ما ردّت البحريّة الأميركيّة على هذا الكلام في الخامس من تمّوز معربة عن استعدادها لضمان حرّيّة الملاحة وتدفّق حركة التجارة عبر هرمز. وبعد بضع ساعات أوضح رئيس اللجنة البرلمانيّة للأمن القوميّ والسياسة الخارجيّة حشمت الله فلاحت بيشه أنّ الرئيس الإيرانيّ لم يقصد من خلال هذه الكلمات إغلاق مضيق هرمز".


"خيبة أمل"

توضيح بيشه لم يكن كافياً لسحب فتيل التصريحات الناريّة بين الطرفين كما تبيّن خلال الساعات القليلة الماضية. فللعقوبات الاقتصاديّة الأميركيّة دور جوهريّ في شحن التصريحات الإيرانيّة بالتصعيد المباشر ضدّ الولايات المتّحدة أو غير المباشر تجاه الدول والشركات الأوروبّيّة التي "تخضع" لشروط الأميركيّين.

ففي الرابع من تمّوز قال روحاني من فيينّا إنّ ترامب سيذهب وعقوباته لن تدوم "لكنّ التاريخ سيحكم على الدول الأخرى وأفعالها". وفي السادس من تمّوز، أعرب روحاني عن "خيبة أمل" إيران من الحزمة الاقتصاديّة التي قدّمتها أوروبّا لتعويض خروج واشنطن من الاتّفاق النوويّ. وجاء هذا الكلام خلال اتصال هاتفيّ جمعه بالمستشارة الألمانيّة أنجيلا #ميركل. وكرّر إعراب بلاده عن خيبة أمل بلاده يوم أمس الأحد قائلاً إنّه "كلّما سعت أوروبّا للتوصّل إلى اتّفاق معنا، زرع البيت الأبيض الخلاف".


8 طلبات للاجتماع

إنّ تعثّر المفاوضات بين الإيرانيّين والأوروبّيّين له انعكاس على طبيعة الخطابات الإيرانيّة والتصريحات الأميركيّة المضادّة. لكن بالمقابل، قد لا يكون مسار تبادل الاتّهامات والتهديدات معبّراً بالضرورة عن مشهد مقبل نحو التصعيد في الملفّ الإيرانيّ. ولعلّ أبرز مثل على ذلك هو الملفّ الكوريّ الشماليّ نفسه إذ إنّ سلسلة التصريحات الناريّة بين واشنطن وبيونغ يانغ انتهت بمصافحة تاريخيّة في قمّة #سنغافورة. فهل يكون الرئيسان الإيرانيّ والأميركيّ يعتمدان قواعد اللعبة نفسها التي أوصلت الكوريّين والأميركيّين إلى سلام ولو مؤقّت؟

قد يكون لهذا السيناريو ما يبرّر إمكانيّة افتراضه على الأقلّ. يوم الأربعاء الماضي، قال مدير مكتب الرئيس الإيرانيّ محمّد فائزي إنّ ترامب طلب 8 مرّات من الوفد الإيرانيّ المشارك في الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة خلال الخريف الماضي الاجتماع مع الرئيس الإيرانيّ. وفي وقت لم يصدر ردّ أميركيّ حول الموضوع، يحمل هذا الكلام دلالة لافتة أكان صحيحاً أم لا. يرى مراسل صحيفة "نيويورك تايمس" ريك غلادستون أنّه لو ثبتت صحّة هذا الكلام فهذا "سيقترح أيضاً (وجود) توق من إدارة ترامب غير معروف سابقاً إلى شكل من الحوار" مع الإيرانيّين. وأضاف أنّه منذ آخر اجتماع للجمعيّة العموميّة، "تحرّك السيّد ترامب بعدوانيّة لعزل إيران، ساحباً الولايات المتّحدة من الاتفاق النووي (الذي وُقّع) سنة 2015 ومعيداً ومعزّزاً العقوبات" على طهران.

إنّ ربط غلادستون بين رفض إيران طلب ترامب ولجوء الأخير إلى سياسة متشدّدة ضدّها لافت للنظر خصوصاً أنّ ترامب طرح استراتيجيّته الجديدة تجاه #طهران في تشرين الأوّل الماضي. ومع ذلك يصعب تأكيد وجود علاقة بين الحدثين طالما أنّه سبق لترامب أن أبدى موقفه المتشدّد تجاه إيران خلال الدورة الثانية والسبعين للجمعيّة العموميّة للأمم المتّحدة بين 19 و 25 أيلول الماضي. حينها انتقد ترامب السلوك الإيراني الداخليّ والإقليميّ بشدّة قائلاً: "لا يسعنا أن نسمح لنظام قاتل بمواصلة هذه الأنشطة المزعزعة للاستقرار في الوقت الذي يبني فيه صواريخ خطيرة، ولا يمكننا أن نلتزم باتّفاق إذا كان يوفّر في نهاية المطاف غطاء لبناء برنامج نوويّ". وهذا يعني أنّ ترامب كان متوجّهاً للبدء بتحقيق وعوده الانتخابيّة حول سياسة واشنطن الجديدة تجاه طهران.


الرغبة الحقيقيّة في مكان آخر

في جميع الأحوال، لو صحّ كلام فائزي، فهذا سيعني أنّ فكرة حوار الإدارة الحاليّة مع إيران ليست مستبعدة كلّيّاً. قد يكون لترامب مسار سياسيّ عام يريد برهنته من خلال إعلان قدرته على الجلوس مع أعداء الولايات المتّحدة من موقع قويّ، كما حصل مع كيم أو حتى مع الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين الذي تعرّض مقرّبون منه لعقوبات أميركيّة وافق عليها ترامب. من جهة ثانية، إن كان كلام فائزي غير صحيح، فقد يعني ذلك بالمقابل رغبة إيرانيّة بفتح قنوات التواصل مع واشنطن.

لكن أيّاً تكن حقيقة الموقفين تجاه هذه القضيّة، إنّ الظروف لقمّة أميركيّة إيرانيّة بعيدة عن التحقّق، إضافة إلى أنّ علاقة ترامب بإسرائيل ستمنع بلاده على الأرجح من عقد مفاوضات ثنائيّة وإن على مستوى موظّفين ديبلوماسيّين. حاليّاً، تبقى التصريحات المهدّدة مقيَّدة برغبة البلدين في عدم التصعيد العسكريّ. وهذا ما أوضحه المحلّل السياسيّ الإيرانيّ سعيد لايلاز لوكالة "أسوشييتد برس" حين قال: "لست قلقاً من الملاحظات والتغريدات" لأن "لا إيران ولا أي دولة أخرى مهتمّة بتصعيد التوتّرات في المنطقة".







الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم