السبت - 11 أيار 2024

إعلان

تجاوزات وخروق وشراء أصوات في الانتخابات: تقرير بعثة "المعهد الديموقراطي الوطني"

المصدر: النهار
تجاوزات وخروق وشراء أصوات في الانتخابات: تقرير بعثة "المعهد الديموقراطي الوطني"
تجاوزات وخروق وشراء أصوات في الانتخابات: تقرير بعثة "المعهد الديموقراطي الوطني"
A+ A-

اعلنت البعثة الدولية لـ"#المعهد_الديموقراطي_الوطني" (NDI) لمراقبة الانتخابات النيابية في لبنان 2018 تسجيل العديد من "التجاوزات والاشكالات والمشكلات"، لا سيما "خرق سرية الاقتراع في عددٍ كبیر من أقلام الاقتراع التي زارها مراقبوها"، وايضا "شراء الاصوات"، خلال يوم الانتخابات في 6 ايار. وسجّل مراقبوها محاولات مندوبين "التأثیر على ناخبین أو التدخل في العملیة الانتخابية". 

وأوصت بوجوب ان "تخضع مسؤولية ادارة الانتخابات لسلطة هيئة مستقلة تتمتع بموارد مناسبة وفريق عمل دائم وبميزانية مستقلة، بغية تعزيز الثقة بادارة الانتخابات من دون انحياز سياسي". وشددت على "وجوب اعادة توازن طريقة توزيع الناخبين لكل معقد، ومراجعة القواعد المتعلقة بتنظيم الانتخابات في يوم الاقتراع واعادة النظر فيها لكونها تخرق باستمرار، على ان تنفذ القواعد الجديدة في شكل منتظم". 

اصدرت البعثة تقريرها الاولي عن مراقبة الانتخابات، خلال مؤتمر صحافي في فندق موفنبيك- الروشة. وعرض مقتطفات منه على التوالي نائب رئیس مجلس النواب المغربي محمد أوزین، الوزیر السابق للدفاع الوطني والمحامي العام في كندا بیتر ماكاي، الزمیلة العلیا في مؤسسة بروكینغز، ومركز سیاسات الشرق الأوسط في الولایات المتحدة الأمیركیة تمارا كوفمان ویتس، والمستشارة الرئيسية لبرنامج المعهد في الشرق الاوسط وشمال افريقيا نيكول روزويل.   



التقرير

ويقع التقرير في 8 صفحات، وتضمن مقدمة وتقريرا ملخصا، اضافة الى استنتاجات البعثة وملاحظاتها في يوم الاقتراع وتوصياتها. وهنا ابرز ما تضمنه التقرير:  

"یصدر ھذا البیان التمهيدي عن البعثة الدولیة التي نظمها "المعهد الدیموقراطي الوطني" لمراقبة الانتخابات النیابیة في لبنان في 6 أیار 2018. هدفت البعثة إلى دعم الجهود التي بذلها لبنان من أجل إجراء انتخابات سلمیة وذات صدقیة، وإلى تقییم العملیة الانتخابیة على نحوٍ دقیق وغیر منحاز، فضلاً عن تقدیم التوصیات من أجل تحسین الانتخابات التي ستنظّم في البلاد مستقبلاً.

یراقب المعهد مجریات العملیة الانتخابیة في لبنان منذ آذار 2018 عندما نشر بعثة لتقییم مرحلة ما قبل الانتخابات النیابیة. ویأتي هذا البیان في خطوةٍ مبنیة على تحلیل مرحلة ما قبل الانتخابات الذي صدر في وقتٍ سابقٍ هذه السنة. كذلك، یستند إلى البیانات والنتائج التي توصّل إليها المحلّل الانتخابي التابع للبعثة، والذي یعمل في البلاد منذ آذار 2018. من الجدیر بالذكر أنّ الجهود التي قام بها المعهد لتنظیم بعثة المراقبة الانتخابیة لم تكن لتتیسّر لولا التمویل الذي قدّمه الصندوق الوطني للديموقراطية.

ضمّ وفد المعهد 31 فرداً بین قادة سیاسیین ومدنیین وخبراء في شؤون الانتخابات من 13 بلداً من مناطق الشرق الأوسط، وأفریقیا، وأوروبا وأمیركا الشمالیة. في 5 أیار، توزّع المراقبون على خمسة عشر فریقاً انتشروا في الدوائر الانتخابیة الخمس عشرة في مختلف أنحاء الأراضي اللبنانیة. وفي یوم الاقتراع، راقب الوفد افتتاح صنادیق الاقتراع، وعملیتي التصویت واحتساب الأصوات في أكثر من 150 قلم اقتراع.

قاد الوفد الوزیر السابق للدفاع الوطني والمحامي العام في كندا بیتر ماكاي، الوزیرة السابقة للشؤون الأوروبیة، والدیموقراطیة وحقوق المستهلك في السوید بیرجیتا أولسون، نائب رئیس مجلس النواب المغربي محمد أوزین، الزمیلة العلیا في مؤسسة بروكینغز، ومركز سیاسات الشرق الأوسط في الولایات المتحدة الأمیركیة تمارا كوفمان ویتس، اضافة الى الشریك الأعلى المدیر الإقلیمي في المعهد الدیمقراطي الوطني لیسلي كامبل.

یعتبر ھذا البیان أولیاً بطبیعته، إذ یقرّ الوفد أنّ عملیة الجدولة الرسمیة وإعلان النتائج لم تختتم بعد. وبالتالي، لا یسعى الوفد في الوقت الراھن إلى تقدیم استنتاجات نهائية حول انتخابات 6 أیار. وإذ یقرّ المعهد بدوره بأنّ الكلمة الفصل في تحدید صدقیة الانتخابات وشرعیتها في لبنان ستكون للشعب اللبناني في نهاية المطاف، فهو سیستمرّ في مراقبة العملیة الانتخابیة حتى اختتامها، ویعمل على إصدار تقاریر إضافیة وفقا للاقتضاء.


تقریر ملخّص  

توّجه المواطنون اللبنانیون إلى صنادیق الاقتراع في 6 أیار لانتخاب مجلس نیابي جدید للمرة الأولى منذ العام 2009. جرت الانتخابات في ظلّ وضع إقلیمي متوتر ووجود أعداد كبیرة من اللاجئین أرخى بثقله على المجتمع والاقتصاد. تخلّلت الحملات أیضاً مطالب من جانب المواطنین اللبنانیین وأفراد المجتمع المدني لقیادات جدیدة ووضع حدّ للفساد. یصدر المعهد الدیمقراطي الوطني ھذا البیان وهو یقر بأنّ الكلمة الفصل في تقدیر نجاح الانتخابات النیابیة لسنة 2018 تعود الى اللبنانیین.


تمّت إدارة الانتخابات بموجب قانون جدید تضمّن اعتماد نظام التمثیل النسبي وبطاقات الاقتراع المطبوعة مسبقاً، بین جملة تحسیناتٍ أخرى. ورغم أنّه كان على الناخبین وموظفي الاقتراع على حدّ سواء التكیّف مع النظام الانتخابي الجدید، إلاّ أنّ عملیة التصویت مرت في ظروف جیدة في أغلب الأحیان وسط أجواء هادئة عموماً، وإن تخلّلتها بین الحین والآخر حوادث عنف متفرقة. وقد تمّ تكلیف كلّ من قوى الأمن الداخلي والجیش اللبناني بمسؤولیة حفظ الأمن داخل مراكز الاقتراع وخارجها، بالتنسیق مع وزارة الداخلیة والبلدیات؛ وقد قام العناصر الذین التقیناهم بأداء مهماتهم بمهنية عالیة وحرفیة. أما موظفي الاقتراع، فكانوا متفانین في عملهم، وقد تمّ استلام كل المواد الانتخابیة، ما عدا بعض الاستثناءات البسیطة، في الوقت المناسب وبطریقة آمنة. شهدت الأحزاب تنظیماً جیداً یوم الاقتراع، وكان ممثلو اللوائح والمرشحین حاضرین في معظم أماكن الاقتراع تقریباً. في خطوة جدیرة بالتنويه، اتخذ الناخبون خطوةً حاسمةً للرفع من عدد النساء في البرلمان.  

لاحظ الوفد بطبیعة الحال بعض المجالات التي تستدعي التحسین، منها أنّ مراكز الاقتراع بغالبیتها لم تكن مجهزة لاستقبال الناخبین من ذوي الحاجات الخاصة والمسنین، ولم تأخذ التدابیر التي من شأنها تیسیر ولوجهم لأقلام التصویت. كذلك جرى تنظیم للحملات على مقربة من مراكز الاقتراع، وشوهدت وسائل دعایة داخل مراكز الاقتراع. ارتدى مندوبو المرشحین في معظم الأحیان ملابس حملت شعارات الأحزاب، وأحضروا معهم إلى داخل أقلام الاقتراع موادّ وأغراضاً تدلّ على دعمهم لحزب معین. أبدى موظفو الاقتراع فهما لإجراءات الاقتراع بدرجاتٍ متفاوتة، لا سیما أثناء افتتاح باب الاقتراع، وعند إقفال الصنادیق واحتساب الأصوات. لم تتضح عملیة إحضار صنادیق اقتراع جدیدة بعد امتلاء الصنادیق الأولى، إذ استخدمت في بعض الأحیان صنادیق إضافیة غیر مختومة. تناهى إلى مسامع المراقبین بعض الادعاءات عن حدوث عملیات شراء أصوات. وفي مناسبة واحدة على الأقل، علم المراقبون من بعض الناخبین حصولهم على المال مقابل التصویت للائحة معینة.


تجدر الإشارة إلى أنّ وزارة الداخلیة والبلدیات هي الهيئة الأولى المسؤولة عن إدارة الانتخابات، وأنّ وزارة الخارجیة أدّت دوراً مهما في إدارة تصویت المغتربین للمرة الأولى. وفي وقتٍ تعدّ الجهود التي بذلها موظفو الوزارة والمسؤولون فيها لإجراء الانتخابات، في ظلّ أجواء محفوفة بالتحدیات، جدیرةً بالتنويه، إلاّ أنّ العملیة تستند على حیاد هيئات الإدارة. ویبقى أنّ وزیري الداخلیة والخارجیة مرشحّین للانتخابات، الأمر الذي یطرح إمكان وقوع تضارب في المصالح. 


لم یبد أنّ أیاً من أوجه القصور المشار إليها قد خلّف تأثیراً كبیراً على محصّلة الیوم الانتخابي. لكن سجّل لدى الناخبین إحساس ملحوظ بعدم المبالاة، الأمر الذي قد یكون انعكس بنسبة مشاركة أدنى بالمقارنة بانتخابات عام 2009. ورغم تنظیم الحملات في شكلٍ موسّع عبر شاشات التلفزیون ومواقع التواصل الاجتماعي وعلى الطرقات، لم یشهد یوم الاقتراع إقبالاً كثیفاً من الناخبین. في الیوم الموعود، عبّر الكثیر من الناخبین عن رغبتهم في التغییر، لكنهم بدوا مستسلمین لاستمرار الوضع القائم على حاله،. في حین عبّر آخرون عن استیائهم حیال القوى الفاعلة السیاسیة والنظام السیاسي، معربین عن نیتهم في البقاء بعیداً. إنّ الإدارة الجیّدة للانتخابات مقرونةً بعدم الرضا الواضح لدى الناخبین أمر یستحق المزید من الاهتمام من جانب القیادات اللبنانیة.  

لا یحتمل نظام الاقتراع المعقد في لبنان، وفقا للعدید من المتتبعین، والذي تتوزّع على أساسه المقاعد على مختلف الطوائف، تغییرات جذریة أو تحوّلات في السلطة. كذلك یقیّده حضور المجموعات المسلّحة ومشاركتها في العمل السیاسي، منها "حزب الله" الذي أبدى استعداده لاستخدام القوة بمثابة تقویض العملیة السیاسیة. فیما مثّل تشدید النظام على التسویة مفتاحاً لاستقرار البلد أخیراً وكفل المحافظة على درجة معینة من التوافق ضمن النظام السیاسي، فقد أتى ذلك على حساب فعالیة الحكم وتداول السلطة. ذلك أنّ الاستقرار النسبي الذي عرفه لبنان على مرّ العقد الأخیر من الزمن وعلى خلفیة الاضطرابات التي شهدتها المنطقة زاد توقعات المواطنین، كما ساهمت الضغوط في تحفیز الأغلبیة السیاسیة على المضيّ قدماً بقانون جدید تمّ إقراره بدعمٍ من القوى السیاسیة المحلیة البارزة. غیر أنّ القانون قوبل بانتقادات بكونه أقرّ على عجل من دون إخضاعه لمناقشة عامة.

أتاح القانون الانتخابي الجدید الفرصة للمشهد السیاسي اللبناني للتقدّم في مسارٍ مختلف تأخذ فيه الأحزاب السیاسیة مسافة بينها وبین الإیدیولوجیات المختلفة بین الطائفیة والمد العائلي والقبلي لتعتنق برامج تقدّم سیاسات تعكس رؤى متجددة. وقد عملت منظمات المجتمع المدني والناشطون اللبنانیون الشباب وغیرهم جاهدين في سبیل ھذه الرؤیا طیلة سنوات. إلاّ أنّ القانون بصیغته النهائية جمع بین التمثیل النسبي، وتوزیع المقاعد على أساس طائفي، واعتماد الصوت التفضیلي على نحوٍ جدید، یحافظ على استمرار الوضع السیاسي الراھن. وفیما كانت الإصلاحات الانتخابیة فرصة لبعض المواطنین لتبني سلوك انتخابي، وجد بعض المواطنين أنفسهم خارج اللعبة السیاسیة لغیاب مناقشة وطنية موسعة تفسر مضامین القانون الجدید.


استنتاجات الوفد وملاحظاته في یوم الاقتراع  

سیر العملیة الانتخابیة

جرت عملیة التصویت في أجواء هادئة عموماً وعلى نحوٍ منظّم في المناطق التي راقبها الوفد، رغم ما أفید عن إشكالات بین مناصري الأحزاب والمرشّحین على مرّ ساعات الیوم الانتخابي. أفاد المراقبون عن زیادة نسبة التوتر نوعاً ما في فترات ما بعد الظهر مع ازدیاد نسبة المشاركة في التصویت. لاحظ المراقبون حضوراً لعناصر الجیش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في مراكز الاقتراع وفي محیطها، وقد تمكن عناصر الأمن من حفظ النظام عند حصول أي حالات توتّر. التزمت الاجهزة الأمنیة الصلاحیات المسندة إليها في القانون وحافظت العناصر الأمنیة على هدوئها واتزانها.

تمّ التقیّد بالإجراءات الانتخابیة بشكلٍ عام، على ما أفاد المراقبون، رغم وقوع تجاوزات متعلقة باستخدام الهواتف الخلیویة داخل أقلام الاقتراع، والتحقق من صحة بطاقات الاقتراع، ومن خلوّ أصابع الناخبین من الحبر قبل السماح لهم بالتصویت. في عدد بعض الحالات، لم یطلب من المقترعین التوقیع على لوائح الشطب، في حین تخلّف المسؤولون في حالات أخرى من التحقق من بطاقات الاقتراع والمغلّفات قبل فتح الصنادیق.

إدارة مراكز الاقتراع 

أبدى موظفو أقلام الاقتراع تفانیاً ومهنية عالیةً في ادائهم لمهماتهم الأمر الذي ترجم في عملیة انتخابیة هادئة ومنظّمة. فقد بذل موظفو الاقتراع جهودا صادقةً للتقیّد بالقواعد والتعلیمات، وإن تفاوتت درجات إلمامهم بالإجراءات وفهمهم لها.

حصلت معظم المراكز التي زارها أعضاء الوفد على جمیع اللوازم الانتخابیة الأساسیة، وافتتحت أبواب الاقتراع في الوقت المناسب في تمام الساعة السابعة صباحاً، وإن سجّلت حالات تأخیر بسیطة ومنفصلة في بعض المراكز. في المقابل، تمّ الإبلاغ عن بعض المشكلات، إذ حصل أحد أقلام الاقتراع على عدد بطاقات أقلّ من عدد الناخبین المسجّلین، وثمة أقلام اقتراع أخرى لم تحصل على مواد انتخابیة معینة (من قبیل الاستمارات الرسمیة أو الأوراق اللازمة لاحتساب الأصوات). عموما، تمّت المحافظة على أمن اللوازم الانتخابیة طیلة عملیة التصویت، رغم حصول بعض أقلام الاقتراع على صنادیق إضافیة لم تكن مرمّزةً أو مختومة، كما تخلّف بعض مسؤولي الاقتراع عن ضمان سلامة اللوازم الانتخابیة أثناء عملیة احتساب الاصوات.


جرت عملیة التصویت في معظم الأحیان بفعالیة، إلاّ أنّ المراقبین لاحظوا أنّ موظفي الاقتراع لم یفهموا الاستمارات الرسمیة وكیفیة القیام بالإجراءات اللازمة أثناء افتتاح الصنادیق وخلال عملیة احتساب الأصوات في عددٍ من أقلام الاقتراع. وقد اختارت بعض أقلام الاقتراع عدم استخدام الكامیرات والشاشات لعرض بطاقات الاقتراع أثناء عملیة احتساب الأصوات. كذلك وقعت إشكالات حول صحة بعض بطاقات الاقتراع في العدید من أقلام الاقتراع. شهدت بعض أقلام الاقتراع أیضاً ازدحاماً شدیداً بسبب ضیق المكان الذي لم یكن یتسع لأعداد الناخبین ومندوبي المرشحین. لاحظ المراقبون حالاتٍ تدخل فيها بعض الأفراد في عملیة الاقتراع أو تقدیم التوجيهات بشأنها بالرغم من أنهم غیر مفوضین بذلك. 


نسبة المشاركین 

بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 49,2 بالمئة مع تفاوت ملحوظ بین دائرة انتخابیة وأخرى. سجّلت نسبة المشاركة في دائرة البقاع الغربي/راشیا أعلى نسبة تصویت بلغت 63 بالمئة. أما نسبة التصویت الأدنى فشهدتها دائرة بیروت الثانیة التي لم تتجاوز الـ31 بالمئة. لاحظ المراقبون إقبالاً خجولاً في ساعات الصباح، لترتفع نسبة المشاركة في فترة العصر، ما أدّى في بعض الأحیان إلى ازدحام المراكز وانتظار الناخبین في طوابیر طویلة. قدّم المراقبون تقییمات مختلفة لمستوى المشاركة وطابعها الدیموغرافي في مختلف المناطق، الأمر الذي یدلّ على الطابع المحلّي الذي اكتسته المعارك الانتخابیة في أكثر من دائرة.


أوراق الاقتراع المطبوعة سلفا 

بدا معظم الناخبین ملمّین بطریقة ملء أوراق الاقتراع، وتمكن موظفو الأقلام عموماً من مساعدتهم على فهم طریقة التصویت. لم یشاھد المراقبون حالات ارتباك بین الناخبین نتیجة اعتماد اوراق الاقتراع الجدیدة وضرورة اختیار لائحة واحدة ومرشح واحد من اللائحة نفسها، رغم المخاوف من أن یشكّل النظام الجدید تحدیاً للناخبین.


سریة الاقتراع/التصویت 

تمّ خرق سریة الاقتراع في عددٍ كبیر من أقلام الاقتراع التي زارھا المراقبون. فقد وضعت المعازل بطریقة لا تضمن خصوصیة الناخب، وفي بعض الأحیان كشف الناخبون عن خیاراتهم بملء إرادتهم أو سمحوا لمندوبي الأحزاب وموظفي الاقتراع أو العناصر الأمنیة برؤیة بطاقاتهم. ومن الظواھر المتكرّرة في العدید من أقلام الاقتراع ودوائر انتخابیة مختلفة مشاهدة أكثر من ناخب واحد وراء العازل في الوقت نفسه. كذلك تكرّرت حالات أفید فيها عن قلق من استغلال إجراءات مساعدة ناخبين من ذوي الإعاقة على التصویت بهدف رصد خیار الناخب– مثلاً مساعدة شخص واحد ناخبین مسنّین عديدين او غیر ملمّین بالقراءة والكتابة او من ذوي الإعاقة على الادلاء باصواتهم.


تنظیم الحملات 

رغم حظر تنظیم الأنشطة الانتخابیة "على مقربة من" مراكز الاقتراع، لاحظ المراقبون العدید من الحملات الناشطة على أبواب جمیع مراكز الاقتراع التي زاروها تقریباً. وبدت مواد الحملة ظاھرةً بكثرة على المباني المقابلة لمراكز الاقتراع، كما ركنت سیارات مع مكبرات صوت وأعلام حزبیة خارج مراكز الاقتراع مباشرةً. وقد شوھد مندوبو المرشحین یطلبون من الناخبین التصویت لاسم معین قبل دخولهم إلى المراكز، أو حتى داخل المراكز. ارتدى العدید من مندوبي المرشحین قمصاناً وسترات واعتمروا قبعات تحمل اسم المرشح وصورته. وشاھد المراقبون مباشرةً حالات من شراء الأصوات وسجلوها. ھذا وشاھد فریق من المراقبین الموزعین على دوائر الجنوب حالةً من ھذا النوع، أكّدھا الناخبون الذین أفصحوا عن قبضھم مبالغ مالیة للتصویت للائحة معینة.

قابلیة الوصول إلى أقلام الاقتراع

قلة من أقلام الاقتراع كانت مجھزةً لوصول الناخبین ذوي الإعاقة إليها بسهولة، وخلت جمیع المراكز من تجهيزات تضمن مشاركتهم على نحوٍ متساوٍ یضمن كرامتهم. مما لا شكّ فيه أنّ مسؤولي الأمن بذلوا جهوداً جدیةً وجدیرةً بالتنويه لمساعدة الناخبین على الوصول إلى أقلام الاقتراع، ومع ذلك فإنّ عدم تجهيز المراكز بالحد الكافي لاستقبال الناخبین من ذوي الحاجات الخاصة قلّص نسبة مشاركتهم في الانتخابات. لاحظ معظم المراقبین أنّ أقلام الاقتراع كائنة في الطبقة الثانية أو الطبقات العلویة، وشاھدوا عناصر الأمن أو الناخبین الآخرین یحملون الطاعنین في السنّ أو الناخبین من ذوي الإعاقة عبر السلالم لیتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم.

مندوبو المرشحین واللوائح

لاحظ المراقبون في الأكثریة الكبرى من أقلام الاقتراع حضوراً لمندوبي المرشحین أو الأحزاب أو اللوائح وھم یراقبون عملیة التصویت. تابع المندوبون في أغلب الأحیان من الناخبین قد أدلى بصوتهم، كما حاولوا في بعض الأحیان التأثیر على الناخبین أو التدخل في العملیة. كما شوھد وقوع إشكالات بین المندوبین داخل أقلام أو مراكز الاقتراع.

التوصیات

استحضارا لروح التعاون الدولي، یقدّم الوفد التوصیات التالیة حول الخطوات الممكن اتخاذھا لتعزیز الثقة في الانتخابات
المستقبلیة وتوطید المؤسسات الدیم,قراطیة في لبنان. وإذ یستمرّ المعھد الدیموقراطي الوطني بمراقبة العملیة الانتخابیة حتى اختتامھا، فقد یقدّم توصیات إضافیة في وقتٍ لاحق. 

تنظیم مشاورات شاملة لمراجعة الانتخابات

-ینبغي أن یجتمع أصحاب الشأن المعنیین بالانتخابات، بمن فیھم السلطات الانتخابیة، والمتنافسون السیاسیون وأفراد
المجتمع المدني والإعلامیون، بعد انتھاء الانتخابات من أجل تحلیل العملیة الانتخابیة بموجب الإطار الانتخابي الجدید تحلیلاً مفتوحاً وصریحاً، وتوثیق التغییرات من أجل تعزیز الشفافیة في العملیات الإصلاحیة المستقبلیة. 

-نظراً إلى عدم المبالاة الواضح ھذه السنة، ینبغي للقادة السیاسیین في المجلس الجدید مضاعفة الجھود من أجل فھم
مخاوف المواطنین ومعالجتھا.

تعزیز الإطار الانتخابي

-بھدف تعزیز الثقة في إدارة الانتخابات من دون انحیاز سیاسي، ینبغي أن تخضع مسؤولیة إدارة الانتخابات لسلطة
ھیئة إشراف مستقلة تتمتع بموارد مناسبة وفریق عمل دائم، وبمیزانیة مستقلة. 

-لتحقیق تمثیل متساو للناخبین في البرلمان، ینبغي إعادة توازن طریقة توزیغ الناخبین لكلّ مقعد.

-ینبغي مراجعة القواعد المتعلّقة بتنظیم الانتخابات في یوم الاقتراع وإعادة النظر فیھا لكونھا تخرق باستمرار. وینبغي
أن تنفّذ القواعد الجدیدة بشكلٍ منتظم. 

-في وقتٍ یقدّم فیه موظفو الاقتراع وعناصر الأمن المساعدة الى الناخبین المسنین والأشخاص ذوي الإعاقة، من الصعب
علیھم الوصول إلى أقلام الاقتراع. ینبغي إدخال إصلاحات جدیدة لتزوید الناخبین الطاعنین في السنّ وذوي الإعاقة القدرة على الوصول من دون عوائق إلى مراكز وأقلام الاقتراع.

تحسین قدرات ھیئة الإشراف على الانتخابات

-ینبغي ان تعمل ھیئة الإشراف على الانتخابات على مراجعة أنظمة تمویل الحملة وتحسينها، ومراقبة الآلیات،
وممارسة صلاحیات لملاحقة اللوائح والمرشحین الذي ینتھكون القانون. 

-ینبغي اتخاذ القرارات في وقت مسبق لإتاحة الوقت اللازم لتثقیف الناخبین وتبادل المعلومات، وفقاً لولایة ھیئة
الإشراف على الانتخابات. 

-ینبغي لھیئة الإشراف على الانتخابات النظر في إمكان الاستثمار في تدریب إضافي ونشر المدققین لمراجعة التقاریر
المالیة لفترة الحملة وتشجیع المرشحین على التقیّد بھا بانتظام. 

توسیع نطاق الشمولیة السیاسیة

-تدعو الحاجة إلى تطبیق إجراءات معزّزة انطلاقاً من الإنجازات التي تمّ تحقیقھا في ھذه الانتخابات، وتوسیع نطاق تمثیل المرأة في المناصب المنتخبة، بما في ذلك إعادة النظر في إدراج الكوتا الجندریة في التشاریع الانتخابیة المستقبلیة. 

-ینبغي اتخاذ الخطوات اللازمة لتشجیع مشاركة الشباب، بما في ذلك إجراءات خفض سن الاقتراع والعضویة في
البرلمان.

تعزیز ثقة المواطنین في المؤسسات السیاسیة في لبنان

-للتغلّب على قلة ثقة المواطنین، ینبغي للأحزاب السیاسیة الراسخة والجدیدة في ان التركیز على وضع حلول واضحة
للسیاسات تعالج مخاوف المواطنین، ویكون بمقدور الناخبین استخدامھا لتقییم ادائھا. 

-ینبغي لأعضاء مجلس النواب الجدد المنتظرین التزام ممارسة قدرات البرلمان الإشرافیة وتعزیز دوره في صیاغة
السیاسات والقوانین.

-تشجیعاً على المشاركة السیاسیة الھادفة، ینبغي للحكومة دعم مبادرات التوعیة المدنیة الموجھة إلى الشباب.

-انطلاقاً من الإنجازات المتواضعة للمجتمع المدني المتمثلة في القانون الجدید ونتائج الانتخابات، یمكن أفراد المجتمع
المدني الاستفادة من الفرصة لإحداث مزید من التغییر بعد ھذه الانتخابات.

يشار الى ان المعھد الدیموقراطي الوطني منظّمة غیر ربحیة وغیر منحازة تعمل في سبیل دعم المؤسسات الدیموقراطیة في جمیع
أنحاء العالم وترسيخها، وتعزیز ثقافة الانفتاح والمساءلة في مؤسسات الحكم. على مرّ الاعوام الـ25 الماضیة، قاد المعھد ما  یزید على 150 بعثة لمراقبة الانتخابات في 62 دولة. عمل للمرة الأولى في لبنان عام 1998. وله مكتب دائم في لبنان منذ عام 2000. ویقود فيه برامج تتناول المساعدة التقنیة لمراقبي الانتخابات المحلیین، وفي مجالات مشاركة المرأة واستطلاعات الرأي العام للأحزاب السیاسیة كافة. وتموّل برامجه من مكتب وزارة الخارجیة والكومنولث في المملكة المتحدة والصندوق الوطني للدیموقراطیة. 


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم