الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

هذا هو وجه "بابا نويل" الحقيقي و"الأنف مكسور"... نيقولاوس وما كشفته ذخيرة من عظامه

المصدر: "النهار"
هالة حمصي
هالة حمصي
هذا هو وجه "بابا نويل" الحقيقي و"الأنف مكسور"... نيقولاوس وما كشفته ذخيرة من عظامه
هذا هو وجه "بابا نويل" الحقيقي و"الأنف مكسور"... نيقولاوس وما كشفته ذخيرة من عظامه
A+ A-

انه "بابا نويل" الاصلي، ملهم "سانتا كلوز" الذي يحمل، في كل عيد ميلاد، الهدايا الى الاطفال. القديس نيقولاوس "العجائبي" لا يزال يشكل موضع اهتمام باحثين وعلماء الآثار، رغم مضي نحو 17 قرنا على وفاته. جديده العلمي مثير: تأريخ بالكربون المشع لـ"ذخيرة من عظامه"، على ما يُعتقد، اثبت "انها تعود الى الفترة التاريخية الصحيحة التي عاش فيها القديس"، بما يشجّع على فحص ذخائر اخرى له موجودة في باري والبندقية في ايطاليا، لمحاولة التثبت من انها تخصه بالفعل.

الى جانب تحديد طوله، توصّل ايضا العلماء الى تشكيل صورة لوجهه تعتبر الاكثر واقعية له حتى اليوم. وما تبيّنه ملامحه، أنف مكسور "شُفِي في شكل غير متماثل". في غضون ذلك، تبقى تركيا مهتمة جدا به، بحيث اعلنت، قبل اسابيع عدة، "اكتشاف قبر سليم تحت كنيسة القديس نيقولاوس في دمري (ميرا)" بأنطاليا، حيث عاش وتوفي. والآمال انه قبره الحقيقي، وان "رفاته الموجود في باري ليس له". النظرية التركية تثير الجدل، وتعيد تحريك ملف نيقولاوس.


قطعة عظام من الحوض 

الخبر انتشر في 6 ك1 2017. ومفاده ان باحثين في جامعة أوكسفورد-بريطانيا وجدوا انه من المرجح ان تكون قطعة عظام فحصوها، من عظام القديس نفسه الذي توفي في القرن الرابع. القطعة عبارة عن ذخيرة مقدسة تبارك منها المسيحيون زمنا طويلا، ايمانا منهم بانها من عظام القديس. وبعد اخضاعها للتأريخ بالكربون المشع، تبيّن ان تأريخها يعود الى الفترة التاريخية الصحيحة التي عاش فيها القديس.

ومع أن العلماء لم يستطيعوا الاثبات، في شكل قاطع، أنها من عظامه، اعلنوا ان نتائج الفحوص حدّدت ان عمرها يرجع إلى القرن الرابع، القرن نفسه الذي يزعم بعض المؤرخين أن القديس نيقولاس توفي خلاله (نحو 343 م). 

في التفاصيل التي اوردتها وسائل اعلام بريطانية، ان الذخيرة عبارة عن قطعة من عظام الحوض تحديدا. وكانت لدى الأب دنيس اونيل، من كنيسة القديسة مارتا في الينوي في الولايات المتحدة. ومصدرها الاوَّلي كنيسة في فرنسا، وفقا لمعلومات. "قطعة العظام هذه تظهر انه يمكن اننا ننظر الى رفات القديس نيقولاوس نفسه"، على قول البروفسور توم هايغهام، مدير مجموعة أوكسفورد للذخائر في مركز الدراسات المتقدمة في كلية كيبل. بالنسبة اليه، قطعة العظام هذه تختلف عن ذخائر اخرى درسها فريقه، و"تبيّن ان العديد منها يرجع الى مرحلة متأخرة إلى حد ما عما قد يشير اليه الدليل التاريخي".  

كذلك، نقلت وسائل اعلام بريطانية عن الدكتور جورج كازان، وهو مدير آخر لمجموعة أوكسفورد للذخائر، ان "النتائج التي توصلنا اليها حول قطعة العظام تلك، تشجعنا على فحص الذخائر الموجودة في باري والبندقية، لمحاولة اظهار ان بقايا العظام تلك تخص الشخص نفسه". ويتدارك: "يمكننا تحقيق ذلك باستخدام علم الجينوم (palaeogenomics)، او فحوص الـ"دي ان آي" (الحمض النووي). من المثير ان نفكر ان هذه الذخائر التي ترجع الى ذلك الزمن القديم، قد تكون اصيلة بالفعل".


الوجه... وأنف مكسور! 

ليست المرة الاولى التي يجري العلماء ابحاثا عن القديس نيقولاوس. في اواخر الخمسينيات من القرن العشرين، وافقت أبرشية باري على إجراء دراسة علمية واحدة للعظام. وسمحت لفريق من العلماء، خلال ترميم الكنيسة، بتصوير الرفات وقياسه. وفي صيف 2005، أُرسل تقرير عن هذه القياسات إلى مختبر للطب الشرعي في بريطانيا. وبيّنت النتائج أن القديس نيقولاوس كان طوله "6`5 قدمًا (اي نحو 1,524 مترا)، وأنفه مكسور.

العام 2014، كشف باحثون في مختبر الوجه في جامعة ليفربول جون موريز في بريطانيا عن صورة لوجه القديس نيقولاوس وُصِفت بانها الصورة الاكثر واقعية التي امكن تحقيقها له حتى اليوم.  

وقد استخدم العلماء نظام اعادة تكوين الوجه، وتقنية الابعاد الثلاثة التفاعلية لتكوين وجه القديس. وقد كشفوا عنه في 6 ك1 2014. وتشرح البروفسورة في الجامعة كارولين ويلكنسون ان اعادة تكوين الوجه اعتمدت على "كل المواد الهيكلية والتاريخية" المتاحة حول نيقولاوس، على ما نقلت عنها هيئة الاذاعة البريطانية "بي.بي.سي".


كذلك، قالت متحدثة باسم الجامعة انه تم استخدام "أحدث المعايير التشريحية، وبيانات الأنسجة التركية، وتقنيات CGI (صور منشأة بالكمبيوتر)" لتشكيل الصورة. وبين الملامح المصورة للقديس، أنف مكسور "شُفي في شكل غير متماثل"، على قول ويلكنسون، "مما يعطي الأنف مظهرا خاصا، والوجه قسمات صارمة".  

انف مكسور؟ في القصص الشعبية المتداولة عن القديس نيقولاوس انه غضب جدا من أريوس الذي كان يزعم أن المسيح ليس حقا الله، فلكمه خلال مناقشة حامية جدا في مجمع نيقية العام 325 م. وربما ردّ أريوس اللكمة بلكمة كسرت أنف نيقولاوس؟


تركيا... ومزيد من المفاجآت   

في كل حال، لا شيء مؤكد بهذا الشأن، ولا شيء معلوم عن الانف المكسور، خصوصا انه لا يُعرَف من اخبار القديس نيقولاوس، قبل القرن التاسع، سوى القليل جدا، ويفتقر المؤرخون الى شهادات تاريخية مبكرة عنه. ومع ذلك، فان مفاجآته ابعد من ان تنتهي.

قبل اسابيع عدة، استقطب تصريح مدير المسح والمعالم الآثرية في أنطاليا (تركيا) سيميل كارابايرام اهتماما واسعا مع اعلانه (ت1 2017) ان "الدراسات العلمية والتكنولوجية الأخيرة كشفت عن وجود قبر سليم تحت كنيسة القديس نيقولاوس في دمري".  

دمري تبعد نحو ساعتين في السيارة عن أنطاليا. وهي نفسها ميرا التي كان القديس نيقولاوس اسقفا عليها، وفيها توفي نحو منتصف القرن الرابع، و"دفن في الكنيسة الأسقفية هناك". في هذا المكان تحديدا، بدأت السلطات التركية حفريات اثرية منذ 20 عاما.

في واقع الامور، لا يزال القديس نيقولاوس يستحوذ على اهتمام تركيا. العام 1993، تم العثور على قبر في جيميلر، الجزيرة التركية الصغيرة شرق رودس. وابدى مؤرخون اعتقادهم يومها انه القبر الأصلي للقديس. وفي 28 ك1 2009، أعلنت الحكومة التركية أنها ستطلب رسميا من الحكومة الايطالية إعادة رفات القديس الموجود في باري، خصوصا ان "رفاته سُرِق من تركيا".

المطالبات التركية باستعادة رفات القديس بدأت منذ العام 1995، وفقا لرئيس "مجلس سانتا كلوز للسلام" في تركيا موعمّر كارابولوت، مشيرا الى توجيهه رسالة بهذا الشأن الى البابا فرنسيس (صحيفة "حرييت" التركية- ك 1 2013).

نظرية مثيرة للجدل  

الى جانب هذا الاهتمام التركي، تدعم السلطات نظرية مثيرة للجدل مفادها ان رفات القديس لا يزال في تركيا، وان الرهبان الذين كانوا في المكان "خدعوا" البحارة الذين اتوا من باري، "وسرقوا الرفات" الى بلادهم. "لقد تمت حماية العظام الحقيقية للقديس نيقولاوس. والعظام الموجودة في باري تخص كاهنا آخر"، على قول كارابايرام (حرييت- ت1 2017). ويكشف "اننا وجدنا وثيقة، خلال البحث في وثائق قديمة، تقول بان العظام التي أُخذت الى باري تخص كاهنا آخر".

غير ان هذه النظرية لا تحظى بالضرورة بالموافقة. ويقول آدم سي إنغليش، وهو رئيس قسم الدراسات المسيحية في جامعة كامبل (شمال كارولاينا) ومؤلف كتاب "القديس الذي قد يكون سانتا كلوز: الحياة الحقيقية لنيقولاوس ومحاكماته": "لا ازال اشكك في المزاعم الجديدة حول القبر الحقيقي" للقديس. وتنقل عنه صحيفة "غارديان" (22 ك1 2017): "علينا ان نرى ما سيتم ايجاده تحت الكنيسة. لكن عليهم (اي الاتراك) ان يجدوا نوعا من الادلة التي لا تقبل الجدل، لتحدي التقاليد الراسخة والموثّقة جيدا عن القديس نيقولاوس، في شكل جدي".

بالنسبة الى احتمال ان يكون الرهبان خدعوا البحارة، يجد ان مثل هذا الخداع لا يمكن ان يبقى سرا فترة طويلة جدا. "كان القبر اصبح موقعا عالميا للحج طوال نحو 650 سنة، قبل ان يأتي البحارة من باري العام 1087. بنيت الكنيسة (في ميرا) لإيواء القبر، بحيث يكون ملحوظا وواضحا لأي زائر". 

ويتساءل: "اذاً، خدع الرهبان سكان باري والبندقية، والجميع؟ إذا فعلوا ذلك، فلماذا لم يعلنوا في ما بعد أن العظام لا تزال في حوزتهم، وانهم يرحبون بالحجاج لرؤيتها؟ أو لماذا لا توجد مصادر اساسية تقدم الرواية الاخرى (اي التركية)؟"


في وقت تأتي نتائج ابحاث جامعة أوكسفورد حول قطعة عظام الحوض لتدعم ان رفات القديس نقل بالفعل الى ايطاليا، تبقى الآمال التركية كبيرة. "القبر الموجود تحت الكنيسة في حال جيدة"، وفقا لكارابايرام، مبديا اعتقاده ان "رفات القديس محفوظ فيه، ولم تلحق به اضرار حتى اليوم. ونحن في المرحلة الاخيرة (من الحفريات)".   

ايا يكن، فان الموضوع ابعد من ان يحسم قريبا، والوصول الى القبر تحت الكنيسة في دمري ليس بهذه السهولة اطلاقا، "لان هناك حجارة مزخرفة في ارض الكنيسة. ويجب رفعها، الواحدة تلو الاخرى"، على قول كارابايرام. ولان السلطات التركية لا تريد ان تلحق اضرارا بالكنيسة أو الفسيفساء في ارضها، سيتم الحفر، إذا منحت موافقتها عليه، "في حديقة خارج فناء الكنيسة"، وفقا للمعلومات. الموضوع اذًا قد يبقي ملف القديس نيقولاوس مفتوحا على سنوات مديدة اخرى في المستقبل.

[email protected]






الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم