السبت - 11 أيار 2024

إعلان

القطاعات الاقتصادية في بعلبك ترزح تحت الجمود ولسان حال الاهالي: الى أين... والى متى؟

المصدر: "النهار" - بعلبك
وسام اسماعيل
القطاعات الاقتصادية في بعلبك ترزح تحت الجمود ولسان حال الاهالي: الى أين... والى متى؟
القطاعات الاقتصادية في بعلبك ترزح تحت الجمود ولسان حال الاهالي: الى أين... والى متى؟
A+ A-

باتت الضائقة المعيشية والازمة الاقتصادية الحديث اليومي لأهل بعلبك الذين ينتابهم الخوف والقلق من تفاقمها يوما بعد يوم حيث ترزح غالبية سكانها تحت ضغوط اقتصادية هائلة متسائلين الى متى؟ والى اين؟. 

يقوم اقتصاد منطقة بعلبك - الهرمل السهلية والجبلية على عدد من الركائز الاساسية هي: التجارة ، الزراعة ، السياحة بانواعها (البيئية ، الاثرية ، الدينية)، تحويلات المغتربين، قطاع البناء، ورواتب المواطنين.

ولم يبق اي قطاع من قطاعات الحياة دون ان تصيبه اضرار جسيمة خلال الاعوام الاخيرة انعكست بشكل سلبي جدا على حياة المواطن. ومعظم هذه القطاعات موسمية وانتاجيتها تتأثر حكما بالفصول الطبيعية والطارئة كحال الطقس والحال الامنية ومؤشرات العرض والطلب.

في وقت تعتبر الزراعة الركيزة الاولى والاهم لاكبر شريحة من البقاعيين إذ تشكل الرزق الاساسي لاكثر من 50 في المئة منهم، غير انها بدأت تعاني تراجعا انتاجيا مخيفا في ظل قاعدة الانماء الوهمي لبعلبك - الهرمل وانهيار الوعود بالبدائل وتقاذف كرة المسؤولية وغياب الرعاية والتخطيط من قبل الدولة والمعنيين وعدم المساهمة في اي تعويض او مساعدة امام وحش الكساد وتدني الاسعار او تغير المناخ، وبات المزارع يعمل في ارضه كحطاباً ليأكل منشاره مما زرعت يداه من اشجار رواها بعرق جبينه لتتحول هذه الاشجار المثمرة عبئا ثقيلا على صاحبها نظراً الى عدم قدرته على تصريف الانتاج وتصديره ليبقى مرميا على الارض من عام الى عام تبعا لتبدل ظروف الحياة واساليب المعيشة.

تداعيات التغير المناخي على القطاع هي العامل الرئيسي في اسباب التحول عن الزراعة، فالمواسم في هذه المنطقة لم تعد تبلغ مرحلة النضج مما يقضي حكما بتدني اسعارها بحيث لا يعطي المردود كلفة الانتاج، ناهيك عن ارتفاع اسعار الاسمدة والادوية في ظل غياب الرقابة والدعم والاهتمام الرسمي. من هنا بات التحول عن هذا القطاع يتزايد عاما بعد عام، ليجد المزارع البقاعي نفسه بين خيارين : العودة الى زراعة الممنوعات ، او الموت جوعا، فانحاز مجبرا الى الخيار الاول وهو يعلم انها مجازفة...

لا يجد اصحاب المطاعم والفنادق في المنطقة وصفا للوضع السياحي والاقتصادي، فتراجع النشاط السياحي منذ بداية الازمة السورية وانعكاسها على منطقة البقاع الشمالي الحدودية التي كانت اكثر تضررا من جراء الترابط الاقتصادي التاريخي، والاهم هو ان السلطة السياسية دائما وتاريخيا تضع قضية الحرمان والجوع في بلاد بعلبك - الهرمل تحت عنوان امني بحت، فكل ما يُقدَّم هو يوم امني هنا وملاحقة هناك، لصوص وسيارات ، طفّار، مطلوبون ... من هنا تولدت الاشكالية التاريخية في نظرة ابناء المنطقة الى الدولة، فعلاقتهم بها محكومة بالتباعد والشعور بالغبن بدل ان تكون الأم الراعية للمصالح والضامن للحقوق.

اما قطاع البناء فينذر بكارثة إجتماعية لا محالة بسبب التوقف المفاجئ لقطاع البناء الذي يعتبر مورد رزق للعديد من الأسر البقاعية في ظل غياب أي مشاريع أخرى كفيلة بامتصاص بعض من يدها العاملة وذلك اثر الجمود الحاد بعد قرار إيقاف رخص البناء التي يستحصل عليها المواطن من البلديات، والذي اتخذته وزارة الداخلية قبل ثلاثة اعوام اي اواخر عهد الوزير السابق مروان شربل.

القطاع التجاري بدوره يعاني جمودا غير مسبوق وتدهورا يكاد يلغي اعتباره كقطاع انتاجي في المنطقة، بل تحول الى قطاع استنزافي لتوقف الطلب والمديونية الكبيرة التي تسترهنه وجمود دورته، ذلك ان غالبية مشغلي هذا القطاع باتوا ضحايا للديون والفوائد المتراكمة في وقت لا يملكون سوى الامل بغد افضل .

كما ان القطاعات التحويلية والانتاجية زادت حدة الازمة المالية من جراء ترحيل عدد من دول الخليج مئات من المغتربين اللبنانيين وغالبيتهم من البقاعيين بعد تعديلات ادخلتها على القوانين المنظمة للعمل لديها والتي كانت توفر دخلا ثابتا للمواطن البقاعي. أضف ان تحويلات المغتربين في البلدان الغربية تدنت الى حد كبير، وما يسمعه المغتربون عن وطنهم من ازمات في كل المجالات لا يشجع على تحويل اموالهم من اجل الاستثمار، اضافة الى تأزم الاوضاع الاقتصادية عالميا.

الضمانات الاجتماعية والمساعدات المرضية والتعليمية باتت قشة يتعلق بها المواطن، لذلك نجد ان الكثير من الاهالي باتوا متمسكين بالوظائف بالرغم من الراتب الزهيد، وتبقى الافضل حيث يستطيع الموظف ان يوازن بين المدخول والمصروف وما يجب توفيره لايام الحاجة.

سيل من التصريحات اليومية للمسؤولين تزيد خوف الناس وقلقهم على المصير، وكلها تتحدث ليس عن حل الازمة الاقتصادية فحسب بل عن كل المشاكل والازمات خصوصا الازمة السورية وتأثيرها على اللبناني الذي يرزح تحت ضغوط اقتصادية هائلة.

امام هذا الواقع، هل من سيسمع ام ان الاذان الرسمية لا تستطيع ان تسمع اصوات اهالي القرى والبلدات ونداءاتها التي لا تدخل ضمن نطاق حساباتهم الضيقة؟

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم