ترامب محاصر باتهامات "روسية" قد تؤدي إلى تحقيق مستقل

يجد الرئيس الاميركي دونالد ترامب نفسه محاصراً أكثر فأكثر بسيل من الاتهامات والتسريبات التي من المتوقع أن تأخذ منحى تصاعدياً مع ما كشفه مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي "إف بي آي" المقال جيمس كومي أمس، من أن الرئيس طلب منه "التخلي" عن التحقيق مع مستشار الامن القومي السابق الجنرال مايكل فلين في مسألة علاقته بمسؤولين روس، وطلب لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ من كومي المثول أمامها.    

وبعد يومين من نشر صحيفة "الواشنطن بوست" أن ترامب سرب خلال اجتماعه الاسبوع الماضي بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، معلومات استخبارية سرية جداً عن تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) كانت حصلت عليها واشنطن من دولة حليفة يرجح انها اسرائيل، نشرت صحيفة "النيويورك تايمس" مذكرة سرية لكومي جاء فيها أن ترامب طلب منه "التخلي" عن التحقيق المتعلق بفلين.

وقد يُشكّل طلب كهذا من الرئيس الأميركي تدخلاً مباشراً في تحقيق جارٍ واعاقة محتملة للعدالة.

وأشارت "النيويورك تايمس" إلى أنّ ترامب قد يكون قال لكومي خلال لقاء في المكتب البيضوي في 14 من شباط إنّ فلين "رجل جيّد. آمل في أنه يمكنكم التخلي عن (هذا التحقيق)".

وكان فلين، الذي عيّنه ترامب مستشاراً لشؤون الأمن القومي، أجبر على الاستقالة في 13 شباط على خلفية اتهامه بإجراء اتصالات مع السفير الروسي في واشنطن سيرغي كيسلياك، أحدها في اليوم الذي أعلن فيه الرئيس السابق باراك أوباما طرد 35 ديبلوماسياً روسياً.

وأوضحت الصحيفة أن كومي كان قد اعتاد كتابة مذكّرات تتعلق بمحادثاته مع ترامب بسبب ما كان يرى أنها "محاولات... من الرئيس للتأثير على تحقيق جارٍ".

وسارع البيت الأبيض إلى الرد، مشدداً في بيان على أنّ "الرئيس لم يطلب يوماً من كومي أو من أيّ كان اقفال تحقيق، بما في ذلك التحقيق المتعلق بالجنرال فلين".

وطلب الأعضاء الكبار في اللجنة القضائية التابعة لمجلس الشيوخ من "الإف بي آي" تزويد هذه اللجنة مذكرات كتبها كومي، كما طلبت من البيت الأبيض تسليمها تسجيلات صوتية يمكن ان تكون في حوزته عن محادثات مع مدير المكتب المقال.

الى ذلك، طلبت لجنة الإستخبارات في مجلس الشيوخ من كومي المثول أمامها في جلسات علنية وسرية. كما طلبت من مدير "الإف بي آي" بالوكالة أندرو ماكيب تسليم اللجنة أية ملاحظات يمكن ان يكون كومي قد سجلها عن نقاشات أجراها مع البيت الابيض او وزارة العدل بالنسبة الى جهود روسيا للتأثير على الانتخابات.

ودعا عدد قليل لكنه متنام من أعضاء الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه ترامب إلى إجراء تحقيق مستقل في تواطؤ محتمل بين حملته الانتخابية في 2016 وروسيا، بل إن أحدهم تطرق إلى المساءلة، مدفوعاً بمذكرة من كومي تفيد أن ترامب حاول اعاقة تحقيق الوكالة في الأمر.

وأكد رئيس مجلس النواب بول ريان أن جدول الأعمال التشريعي للجمهوريين لم يتعرض للشلل.

ويطالب المشرعون الديموقراطيون بأن تعين وزارة العدل مدعياً خاصاً للتحقيق في المسألة الروسية.

وسأل الصحافيون العضو الجمهوري في مجلس النواب جاستين أماش عما إذا كان يعتقد أن المزاعم ضد ترامب تبرر المساءلة، فأجاب: "إذا صحت المزاعم، نعم. لكن الجميع في هذا البلد يحصلون على محاكمة عادلة بمن فيهم الرئيس أو أي شخص آخر".

ومع اتساع دائرة الجدل في واشنطن، تحدث ترامب بنبرة تحد في كلمة الى خريجي أكاديمية خفر السواحل في كونيتيكت، وشكا من التغطية الإعلامية قائلاً إنه لا سياسي في التاريخ "تعرض لمعاملة أسوأ أو أكثر ظلما". واعتبر أن "الخصومة تجعلك أقوى"، مضيفاً أن الأمور ليست دوماً منصفة، ولكن "عليك أن تعمل بجد وتقاتل... تقاتل... تقاتل. لا استسلام مطلقاً. الأمور ستنتهي نهاية طيبة تماما".

وفي ظل هذه الأجواء الضاغطة على ترامب، نقل موقع "ذا هيل" الالكتروني عن "النيويورك تايمس" ان الرئيس الاميركي قد يختصر جولته الخارجية التي من المقرر أن يبدأها السبت في السعودية من تسعة أيام الى خمسة. وبعد السعودية سيزور ترامب اسرائيل والاراضي الفلسطينية، ثم بروكسيل لحضور قمة حلف شمال الاطلسي، على ان يزور ايطاليا للمشاركة في قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى التي تعقد في صقلية.

وقال ترامب إنه سيغتنم زيارته المقبلة للسعودية لحض زعماء الدول الإسلامية على "مكافحة الكراهية والتطرف" وقت يسعون إلى مستقبل سلمي لدينهم. وأعلن أنه سيلتمس شركاء جدداً في المنطقة "لأن علينا وقف الإرهاب الإسلامي الأصولي". (و ص ف، رويترز، أب)