السبت - 11 أيار 2024

إعلان

آن الأوان

جمانة سلّوم حداد
A+ A-


أحلم لأن الإنسان في لبنان مدعوس. ولأن لبنان مسروق ومصادَر ومخطوف.
أحلم لأني لا أريد أن أهاجر، ولا أن أيأس، ولا أن أموت من الفقع والتهميش والتعتير.
أحلم لأن من حقّي أن أبقى هنا، ومن حقّي أن أحيا بكرامة حيث أنا.
أحلم بالكهرباء 24 على 24. بالماء يصل نقياً إلى البيوت بلا انقطاع. بالطرق المزفّتة، وبالأرصفة، وبالشوارع التي لا تغرق في المستنقعات. بشرطيّ السيروبإشارات السير، وبالناس يلتزمون قانون السير.
أحلم بمواطن. أحلم بوطن. بمواطن لهذا الوطن، وبوطن لكل المواطنين.
أحلم بالسياسي الذي يكون وجداناً لهذه الأرض. بالفقير الذي يستطيع أن يحيا بجبين عالٍ، لا أن يستعطي لقمة الخبز. بفرص العمل للشباب العاطل عن العمل، كي لا يضطر إلى الكفر بذاته وبلبنان.
أحلم بمدينة خضراء، تشجّر سطوح الأبنية والشرفات. بمدينة يفرز أهلهانفاياتِها، ويعيد الاختصاصيون تدويرها، وإنتاج الطاقة منها. بمدينة بحرُها للناس، كل الناس.
أحلم بالمرأة شريكةً كاملة الشراكة، على كلّ المستويات. بالرجل يدرك أن المرأة شرط مطلق لوجوده، ونجاحه.
أحلم بمدينة تحمي الطموح والمواهب والطاقات. بمدينة تُقنع أبناءها بالإيمان بها، والبقاء فيها، والعمل من أجل أنفسهم، ومن أجلها.
أحلم لأن العالم بأسره يعيّرنا بأننا أمة جاهلة، ويصفّق لجهلنا، ونحن غارقون في الوهم والإدعاء الفارغ.
أحلم لأن حياتنا في طريق مسدود، ونحن منغمسون في القشور والمظاهر والتردي الثقافي والاجتماعي.
أحلم لأن العالم يتقدم في اتجاه الحرب والقتل والذعر والعنف والفقر والمرض والتفاوت الطبقي، لا في اتجاه السلام والرفاه والحبّ والهناء والبحبوحة.
أحلم لأن الفقر يعمّ لبنان والعالم، ولأن الناس يموتون جوعاً وفقراً وتشرداًومرضاً وحروباً، ولا أحد من المسؤولين عن هذا الكون يلتفت اليهم، أو يضع حداًللقسمة الرهيبة بين الغنى والفقر، وللهوة التي تفضي الى تعميم الكراهية والحقد والمرارة.
أحلم لأن غابات بأمّها وأبيها، يتمّ قطعها، وجبالاً يتم جرفها، وأنهراً يتمّ تجفيفها. وقلة تعبأ بالموت الجماعي الذي يرخي بظلاله المأسوية على أكثر من مكان في أرجاء المعمورة. أحلم لأن القيم الرائجة تأخذنا الى الضحالة، والبشاعة، والأمية، وتضع أمامناثقافة واحدة هي ثقافة الفاست فود، الفنية والأدبية والجمالية.
أحلم بالأمن والأمان واقعاً لا حلماً. بالعلم والثقافة حقاً لا ترفاً.
أحلم بالإنسان الإنسان. وبلبنان الإنسان. وأحلم ببيروت عاصمةً لهذه الأحلام. من فرط ما أحلم، بتُّ أؤمن بتجسيد هذه الأحلام، وبضرورة القيام بعملٍ ماعلى الأرض، وبدعوة المواطنين إلى المشاركة في عملية التجسيد.
لقد آن أوان تحقيق الأحلام.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم