الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

وردٌ وحبٌ كثير لساحات احتضنت الأحلام ونبذَت العنف... ولشرف المحاولة المستمرة

المصدر: "النهار"
وردٌ وحبٌ كثير لساحات احتضنت الأحلام ونبذَت العنف... ولشرف المحاولة المستمرة
وردٌ وحبٌ كثير لساحات احتضنت الأحلام ونبذَت العنف... ولشرف المحاولة المستمرة
A+ A-

مرّت الذكرى السنوية الأولى على انطلاقة الحراك المدني المناهِض للسياسات الحكومية، خجولة، اذ لم ينظمْ أي احتفال أو مؤتمر أو ندوة لمواكبة حركة اجتماعية سياسية أثرَت لأسابيع في الرأي العام اللبناني واحتلت مساحات واسعة في الاعلام.


لعبَتْ الساحة الافتراضية دوراً تذكيرياً بالمناسبة، فتكاثرتْ الهاشتاغات واستعاد ناشطون محطات وأحداثاً وصوراً ونهفات، رافقت يوميات الحراك المديدة بحلوها ومرها. لكن حتى الاحياء الافتراضي للذكرى جاء خجولاً بحيث لم يتقدم هاشتاغ متصل المراتب الأولى في "تويتر" على سبيل المثال.


بأية حال، قد يقول قائلٌ ان احياء الذكرى كان سيليق بالحراك لو نجح في الاستمرار قابضاً على اهتمام الرأي العام أو في تحقيق انجازات أو عدم الوقوع بسهولة في الأفخاخ التي نصبت له ونصبها لنفسه.
أفادت مجموعة #الحراك الأولى "#طلعت_ريحتكم" في لحظة تفجّر أزمة النفايات في تموز الماضي من نقمة الناس على واقعهم فجعلتهم ينزلون الى الشارع او يتعاطفون معه ولو عبر شاشة التلفاز، وذلك بمعزل عن الانتماءات الى معسكرات سياسية وطوائف مختلفة.


في الذكرى السنوية الأولى، من المفيد التذكير اننا لم نشهد أي حركة نقدية حقيقية لأخطاء الحراك من داخله تستخلص العبر من أجل المستقبل او محاولة الحفاظ على كيان سياسي يقدم لغة مختلفة عن السائد وينجح في محاكاة جيل الشباب الراغب في التغيير، وفي خوض معارك حول عناوين محددة في الشارع، بمعزل عن نظرية خلط الحابل بالنابل التي سادت الصيف الماضي ونفرّت كثيرين من التعاطف أقله مع الحراك.
في ذكرى انطلاقة الحراك، لا بد من مطالبة المجموعات المختلفة التي شكلت كيانه باجراء قراءة نقدية لأخطائها ودراسة سبل التحرك راهناً وأسباب تلكؤ الشارع عن الاستجابة، حيث المعارك الآنية لا تقل خطورة عن معارك الصيف الماضي، من تلزيمات ملف النفايات وضرورة مواكبة مدى صحية الحلول المنفذة على الأرض واستدامتها، الى معارك أخرى متشعبة يبدو القانون الانتخابي أقربها.
في الذكرى، لا بدّ أيضاً من القاء وردة حب على ساحات امتلأت بالشباب الطامح الى تغيير والى قيادات سياسية تحاكي تطلعاته، شباب أمكن رصده خصوصاً في التظاهرات الأولى التي بلغت ذروتها يوم 29 آب 2015.
في ذلك اليوم البهي، بدا لوهلة ان بيروت تعود الى نفسها، وتحتضن أبناءها بشغف. في ساحة الشهداء رأينا شابات وشبان اعمارهم تتراوح بين العقدين الثاني والثالث، يهتفون ويرقصون ويحلمون. كانت وجوهاً جديدة تنتمي الى طبقات اجتماعية مختلفة تجمعها الرغبة بغد لبناني يتيح لها البقاء هنا وعدم اللحاق بركب شبابي طويل حمل الحقائب ومشى.
من أجل هؤلاء، ومن أجل الاشتياق الكبير الى وجوههم الضائعة اليوم في غبار العاصمة وثنايا مشاكلها وأزماتها. من أجلهم تليق المحاولات المستمرة، ويليق التمرد على اليأس الذي يفرض نفسه علينا أحياناً كجلباب أرعن.
من الجامعات اللبنانية واليسوعية والأميركية، تجمع يومها عدد من الشباب أجمعوا ان الايدلوجيات لا تعنيهم ولا الاسماء المستهلكة لمعارك سياسية ميتة، يعنيهم ان يرى العالم وجوههم ويسمع صوتهم، أحدهم قال انه يتوق ليوم يصل فيه صوته الى المدى اللازم، وان يصبح فاعلاً ومغيّراً في صندوق اقتراع. نصف نبوءة تحققت بعد أشهر في الانتخابات البلدية وسجلت أرقاماً هامة لحركة اجتماعية مدينية جذبت الرأي العام. فهل تنجح معركة القانون الانتخابي الكفيل بصون أصوات أجيال التغيير وهل يكتب لها النجاح؟
كل الحب والورود لساحات احتضنت الأحلام ونبذت العنف، وألف وردة لشرف المحاولة غير المستحيلة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم