الجمعة - 10 أيار 2024

إعلان

من حلم قبل عام... إلى حقيقة اليوم!

المصدر: "النهار"
نيكول طعمة
من حلم قبل عام... إلى حقيقة اليوم!
من حلم قبل عام... إلى حقيقة اليوم!
A+ A-

فيما الدولة غائبة عن أدنى حقوق أصحاب الحاجات الخاصة في لبنان، يحلم كل معوّق ببيت يكون له، يستره حتى آخر حياته، بدل أن تكون نهايته في مأوى أو على قارعة الطريق... هذا كان هاجس ريتا مقصود الذي عبّرت عنه لـ"النهار" قبل نحو عام: أن تتمكن من تقسيط ثمن شقة لدى مؤسسة الاسكان. إلا أن العقبة أمامها كانت راتبها البالغ 700 دولار فقط، والذي لا يخوّلها الحصول على قرض من الإسكان، مع العلم أنها عثرت على منزل أرضي مجهّز لحالتها، في منطقة سن الفيل، قريب من مكان عملها في شركة GlobeMed Lebanon، لكن صاحب العقار يطلب مبلغ 100 الف دولار نقداً ثمن البيت، وهي عاجزة عن تأمينه.
ما الذي تغيّر اليوم مع ريتا بعد تاريخ نشر المقال في 25 كانون الثاني 2015؟
تستعيد ريتا قصتها بأنها وُلدت بإعاقة حركية دائمة أي بشلل شبه كامل، وتقول: "عشت مراحل مؤلمة في حياتي، وما زلت أُصارع بصبر لامحدود لأنني أحب الحياة، وأحاول بأمل ورجاء أن أتخطى كل العقبات أمامي".
تستخدم ريتا الكرسي المتحرك على الكهرباء، وتتنقل بها ذهاباً وإياباً إلى مكان عملها في الصيف فقط، لكن في أيام الشتاء يقلها شخص مقابل أجرة شهرية.
تقول إنها في عام 2007، تمكنت من استئجار بيت متواضع، تتسرب من جدرانه المياه لعدم صيانة المبنى بأكمله، "وقد ساعدني كثيرون في تجهيزه وإصلاح ما يمكن إصلاحه، ومع ذلك بقيت صاحبته تمنّني من حين إلى آخر، وأدفع لها 250 دولاراً شهرياً وهي تطالبني بالمزيد". لذلك، وجدت ريتا أن لا حل أمامها سوى شراء شقة تكون لها ولا يأتي يوم يقول لها فيه أحد: إدفعي أكثر أو أخرجي... هكذا اتكّلت على ربّها والمحبين ومضت في تحقيق حلمها، وكانت عزيمة عائلتها وأصدقائها أقوى من كل الحواجز أمامها.
تخبر ريتا عن تجربتها: "تعلمّت ألا أخجل من إعاقتي بين الناس، وقد حظيت برعاية وإحاطة مميّزتين، ما شجّعني على الإنتقال للعيش بمفردي والإتكال على نفسي قدر المستطاع". هي في الـ36 من عمرها اليوم وتعلم أنها كلما كبرت سيصعب عليها الأمر، "أُفكّر ملياً ماذا سيحل بي بعد سنوات، خصوصاً أنه بات صعباً على أمي ووالدي الإهتمام بي كما في السابق، لا سيّما أن والدتي تعاني مشكلات صحية كالسكري، ارتفاع الضغط، ضعف في النظر وغيرها، وأبي يمّر بظروف قاهرة جدا، وبالتالي لا أريد أن ألقي أعبائي على شقيقاتي اللواتي يتحملّن حاجات العائلة معي ونتعاون وفق إمكاناتنا المادية على إعانة ذوينا".


منزلها... ملكها
كان من المستحيل على ريتا جمع مبلغ 100 الف دولار ثمناً للشقة، ولا حتى يتوافر في رصيدها الدفعة الأولى من قسط الشقة، البالغة 35 الف دولار. لكن وقوف رئيسة جمعية "كلنا لبعض" ماغي عون، وآخرين الى جانبها، وإيلاء قضيتها اهتماماً استمر أشهراً ما بين تقديم الطلب إلى مؤسسة الإسكان وإنجازه، كل ذلك جعل حلم ريتا يتحول حقيقة.
استوضحنا عون عما حدث، فقالت: "عرضت مسألة ريتا على مجلس إدارة الإسكان، وكم هي بحاجة إلى قرض، فتجاوبوا معي". وهكذا حصلت الصبيّة المناضلة على شيك بقيمة 63 الف دولار في تشرين الأول الفائت، وكذلك على خفض نسبة الفوائد على القرض من بنك عوده الذي رحب بمساعدتها. وأشارت عون إلى أنها تمكنّت ومجموعة من السيدات وأصدقاء ريتا من تسديد مبلغ 35 الف دولار كدفعة أولى وذلك من طريق التبرعات ومن بيع تذاكر فيلم Prophet "الذي ضمنّاه ثلاث مرات".
هكذا انتقلت ريتا إلى شقتها الجديدة في منطقة سن الفيل خلال الأعياد المجيدة، اي قبل ثلاثة أسابيع تقريباً. وتقول إنها لا تستطيع وصف فرحتها مع وجود أصدقاء منذ الطفولة في حياتها، وتصرّ على القول: "لولا "النهار" وماغي عون وبعض القلوب الطيّبة لما تمكنت من تحقيق حلم حياتي".
وتشير عون الى أنها رافقت ريتا لأكثر من سبع سنوات: "في قصتها الكثير من المرارة والأوجاع يقابلها القليل من لحظات الفرح والطمأنينة، لكن استطاعت بإيمانها القوي وعزيمتها الصلبة أن تتحدى إعاقتها الدائمة بكل مراحلها الصعبة التي واجهتها، لتكون أمثولة لكل من يتعرّف عليها وعبرة لكل إنسان ضعيف، فهي تستحق أن تستقل وتعيش حياتها طبيعياً"...
لا إشكالية في الإسكان؟
يقول بعض أصحاب الإعاقات أن ثمة إشكالية في إعطاء أصحاب الحاجات الخاصة قروضاً من مؤسسة الإسكان، فهل هذا صحيح؟
يجيب مصدر مطلع في المؤسسة : "في السابق لم نكن نقدم قروضاً للمعوقين بسبب تمنّع شركات التأمين على منح هذه الفئة بوالص تأمين على الحياة نظراً إلى أوضاعهم الصحية الصعبة، لكن مجلس إدارة المؤسسة رفع إلى مجلس الوزراء مشروعاً أدى الى الإيعاز بتحمّل المؤسسة جزءاً من التأمين بهدف تسهيل هذا التعامل". هكذا شرعت المؤسسة في تقديم قروض سكنية لطالبيها من ذوي الحاجات الخاصة بالتعاون مع جمعية المصارف على أن يكون طالب القرض موظفاً في شركة ولديه راتب شهري يسمح له أن يتقدم بطلب وينال قرضاً سكنياً على أساسه. ولا شروط إضافية غير اتمام المستندات المطلوبة لإنجاز الملف.


[email protected] 
Twitter: @NicoleTohme

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم