الجمعة - 10 أيار 2024

إعلان

خيمة أهالي المعتقلين رُفعت... إنما المعاناة مستمرة! عاد: أدت غايتها وباتت على المسار الصحيح

منال شعيا
منال شعيا
A+ A-

حين نصب اهالي المعتقلين في السجون السورية خيمتهم في حديقة جبران خليل جبران قبل عشرة اعوام، لم يزرهم إلا قلة من الرسميين، كان في مقدّمهم الشهيد جبران تويني وبعض النواب الآخرين، مثل غسان مخيبر. يومها، اعتقد الاهالي ان خيمتهم ستضغط على المسؤولين وستوقظ فيهم ما تبقى من ضمير.


كان ذلك في 11 نيسان 2005. عشرة اعوام مرت على الخيمة، وعلى الاهالي. تعبوا. منهم من مات، ومنهم من مرض، ومنهم من عجز عن النوم والاستيقاظ كل يوم في الخيمة. اكثر من شتاء قارس، واكثر من صيف مشتعل مرّ عليهم وهم يحاولون الصمود. لم يلتفت اليهم أحد. باتت الخيمة عند المسؤولين كأنها ديكور. مَن من المسؤولين يتذكر أوديت سالم؟. تلك الام التي قضت دهسا بالسيارة وهي تجتاز الطريق لتصل الى الخيمة، لترى صورة ولديها المفقودين منذ زمن؟ ومَن من المسؤولين يتذكر فيوليت ناصيف، الام التي بقيت مصرة على عودة ابنها جوني، قبل ان تعرف انه بات جثة مدفونة الى جانب عسكريين من الجيش اللبناني، دفنوا في ملعب في وزارة الدفاع إثر احداث 13 تشرين الاول 1990؟
هناك في الخيمة، صور وأهال ولا تقدم في القضية. في الاساس، الخيمة نصبت قبل عشرة أعوام من أجل المطالبة بتشكيل الهيئة الوطنية لمعرفة مصير المفقودين. وبعد جهد وصبر، باتت الهيئة اقتراح قانون نائما في ادراج مجلس النواب، فتشريع الضرورة لم يمر من امام معاناة الاهالي وحسرة أمهات وبكاء اطفال. كذلك، الهيئة لا تزال تنتظر مرسوما في مجلس الوزراء، هو الآخر عاجز عن الاهتمام بشؤون المواطنين منذ زمن!
ممارسة الضغط هذه توقفت عند حدود اقتراح قانون خطي. فالمسؤولون اعتادوا وجود الخيمة، ربما لأن الخيم تعددت في الاونة الاخيرة، فاعتقد المعنيون ان الاحتجاج لا بد ان ترافقه خيمة.
لهذه الاسباب، ولمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان الذي صادف يوم امس، قرر الاهالي وجمعية "سوليد" ازالة الخيمة.
رئيس جمعية "سوليد" غازي عاد يشرح لـ"النهار": "قررنا ازالة الخيمة لانها ادّت غايتها، وهي المطالبة بتشكيل الهيئة. صحيح ان الهيئة لم تصل الى خواتيمها، الا انها باتت على المسار الصحيح، ولا بد من تفعيل الخطوات".
وفي رأي عاد ان "بقاء الخيمة لم يعد يخدم قضيتنا، لان المسؤولين اعتادوا وجودها، الى درجة أنهم نسوها. لذلك، قررنا بالاتفاق مع جميع الاهالي، ازالة الخيمة من اجل اعطاء قضيتنا دفعا أكثر".
اختار الاهالي 10 كانون الاول لما لهذا اليوم من رمزية، وقرروا خلاله اعلان موقفهم. وهم في الوقت نفسه، لا ينسون تويني، الذي تصادف غدا الذكرى العاشرة لاستشهاده. تويني استشهد وهو لا يزال يطالب بمعرفة مصير المفقودين. وآخر مقالة كتبها كانت عن المقابر الجماعية، وآخر استجواب قدّمه في مجلس النواب كان من اجل المطالبة بكشف مصير المفقودين وتحديد المقابر الجماعية المحتملة في المناطق اللبنانية، من اجل نبشها ومعرفة مصير المخفيين.
ثمة "لوبي سياسي" يريد عاد والاهالي تحريكه، الى جانب تحركات اخرى لا يكشف عنها اليوم.
يعي عاد انه لا بد من دفع لقضية المفقودين، "لأن المسؤولين يريدون دوما اهمالها، من هنا جاءت فكرة ازالة الخيمة، من أجل تحريك ملفنا أكثر".
صحيح ان الجو السياسي اكثر من جامد، والفراغ يعمّ كل الملفات، كما المؤسسات، الا ان ملف المفقودين لم يعد يحتمل الانتظار. الاهالي يموتون، والابناء مفقودون، ولا بد من نتيجة. ربما اللوم ليس على من أمضى مسيرته السياسية تابعا لسوريا وخاضعا لاوامرها، انما من رفع شعار التحرير اعواما، لكنه في منتصف الطريق نسي بشرا، مفقودين في اقبية السجون السورية! وما زاد الطين بلة، هو حرب سوريا التي اضاعت قضية المفقودين اللبنانيين وسط الدمار والقتل والعنف...

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم