الثلاثاء - 14 أيار 2024

إعلان

سنجار تركية في جرابلس لكن ضد الأكراد

المصدر: "النهار"
أمين قمورية
سنجار تركية في جرابلس لكن ضد الأكراد
سنجار تركية في جرابلس لكن ضد الأكراد
A+ A-

في الوقت الذي أعلن اكراد #العراق عن "تحرير" #سنجار من قبضة تنظيم #الدولة_الاسلامية، دخلت أنقرة على خط الحرب على الإرهاب. وبعدما روجت كواليسها السياسية والإعلامية أنّ الهجمات الجوية لا تكفي للقضاء على التنظيم الارهابي، بل يتعيّن شنّ حملة عسكرية برية ضده، أدلى الرئيس رجب طيب #اردوغان ورئيس الوزراء احمد داود اوغلو بتصريحات يفهم منها نية تركيا الدخول في حرب مباشرة على #داعش.


في غضون ذلك، تشهد قاعدة انجيرليك الجوية في جنوب تركيا، حراكاً لافتاً، إذ وصلت أعداد من الطائرات الأميركية من طراز " F-15C و"F-15E " الاكثر تطوراً، كما وصلت 12 ناقلة نفط إلى قاعدة انجيرليك، ما يدل إلى حجم العمليات الجوية التي سيتم تنفيذها، على أن تشارك في القتال 11 طائرة مسلحة من دون طيار. ونقلت الصحف التركية عن مصادر أمنية أنّ القوات المسلحة التركية ستشارك بطائرات " F16" من قواعد ملاطيا وديار بكر، ومن باتمان ستخرج الطائرات من دون طيار، وتالياً ستشارك في هذه العمليات أكثر من 60 طائرة حربية مقاتلة وطائرات من دون طيار.


ومع الحشد العسكري، كثرت الاسئلة وأهمها: ما الذي تغير حتى عدلت تركيا نظرتها الى "الدولة الاسلامية"؟ ولماذا هذه الحماسة التركية غير العادية لشن هذه الحرب على التنظيم، بعدما أحجمت عن ذلك طويلاً؟ هل ستخوض الحملة العسكرية بمفردها، أم ستقوم بذلك وفق خطط مشتركة مع الائتلاف الدولي؟ وهل تشارك أميركا تركيا هذه الحملة؟ وماذا عن موقف الروس؟


بداية الهجمات الجوية على أهداف في #سوريا شيء، والدخول العسكري البري في المستنقع السوري شيء آخر، وستكون لمثل هذا التحرك البريّ كُلفة سياسية تساوي ألف ضعف الكلفة العسكرية، ولهذا أكّد داود أوغلو خلال تصريحاته الأخيرة على ضرورة تكامل الهجمات الجوية مع هجمات برية، لكن تركيا لن تتحرك لوحدها على الأرض.


تركيا تدخلت في الحرب الدولية على "الدولة الاسلامية" من خلال القبول بفتح قاعدة إنجيرليك، وبالمشاركة في عمليات محدودة جداً ضمن الائتلاف الدولي، وبتقديمها الدعم لبعض قوى المعارضة السورية المنافسة للتنظيم، لكن اقتراب المعارك من غرب الفرات، اقلق تركيا وجعلها تكثف هجماتها ضد التنظيم في جرابلس بالمشاركة مع الولايات المتحدة، بحجة ان "داعش" يستعدّ لشن حملة عسكرية كبيرة تستهدف طرد التركمان ووحدات "الجيش السوري الحر" الموالية لتركيا من المدينة.


لكن الخطر الضمني الأهم هنا بالنسبة الى تركيا ليس نيات "داعش" ولا الخوف على التركمان و"الجيش الحر" ، بل الخوف من اكراد سوريا وخصوصا حزب الاتحاد الديموقراطي الذي تلقى دعما قويا من الروس بعد تدخلهم العسكري في سوريا وبات يطمح الى السيطرة على جرابلس لاخراج داعش" منها، والاهم من ذلك تأمين التواصل بين القطاعات الكردية في شمال سوريا والسيطرة على المعبر الحدودي في جرابلس بعد السيطرة على معبر #التل_الابيض. ويعتقد الاتراك ان التقارب الروسي مع اكراد سوريا يسبب الازعاج لواشنطن بعدما وفر حزب الاتحاد للروس والنظام السوري قواعد للحركة في الحسكة والقامشلي، وتاليا فإنّ الادارة الاميركية لا يغيظها الضغط على الحزب الكردي بمنعه من الاستيلاء على مناطق جديدة في جرابلس وتسليمها الى مقربين من انقرة بذريعة الحرب على الارهاب ومقاتلة "داعش".


إذن الهدف الأساسي لتركيا، والتي تعتبره خطاً أحمر، ليس القضاء على "داعش" في المنطقة المحاذية لحدودها فحسب، وإنما الهدف الأساسي منع سيطرة حزب الاتحاد الديموقراطي عليها. وتنقل الصحف التركية عن مصادر امنية ان هناك خططاً وُضعت منذ أشهر عدة ليشن "الجيش السوري الحر" وعناصر التركمان وقوى المعارضة الأخرى الحرب البرية، في ظل تغطية جوية واسعة جدا ضد "داعش" في جرابلس، يوفرها الطيران التركي والاميركي على غرار ما حصل في سنجار العراقية.


لكن أميركا كانت وضعت أمام امتحانين كبيرين هما الرقة وجرابلس. فهي تريد من حزب الاتحاد الديموقراطي أن يدخل الحرب على الرقة ولهذا أرسلت إليه 50 طناً من السلاح، فيما الروس لا يشجعون حزب الاتحاد الديموقراطي على إدارة الرقة بل على إدارة جرابلس، لكن تركيا وضعت خطاً أحمر على جرابلس حتى انها وجهت ضربات قاسية للأكراد عندما حاولوا دخولها من جهة الشرق.


وفي هذا الاطار، سئل اردوغان أخيراً: هل فتحت أميركا الطريق لتغيير التعامل مع حزب الاتحاد الديموقراطي، فأجاب: "الآن لقد بدأت تتشكل لديهم إشارات الاستفهام".


وبإعلان أنقرة أنّ معركتها هي ضد "داعش" فقط، وفي إطار الحرب الدولية المعلنة ضد هذا التنظيم، فإنها ترفع عن نفسها ليس فقط التحفظات الأميركية بل ايضا تسحب من موسكو أي ذريعة او سبب لحدوث تصادم في الاجواء السورية، كذلك على الأرض، خصوصاً أنّ الاتراك سيحاولون تجنّب أي صِدام مباشر مع وحدات الحماية التركية، وسيقدمون الدعم لحلفائهم التركمان و"الجيش الحر" لخوض المعركة على الارض، كما حصل في سنجار، وكما تفعل روسيا في حلب وحمص وحماة بتوفير الغطاء الجوي لقوات النظام. وفي حال نجحت انقرة بذلك، تكون حافظت على المعبر الحدودي الأساس لإسناد اصدقائها في الداخل السوري بالعديد والعتاد وتعزيز دورها ومكانتها في اللعبة السياسية والعسكرية الدائرة على الأرض السورية، لتضيف تعقيدا على تعقيد على هذه الأزمة التي لا تحل.


[email protected]
@amine_kam

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم