الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

أوراق الرئيس حسين الحسيني حول اتفاق الطائف وفلسفته الميثاقية

أوراق الرئيس حسين الحسيني حول اتفاق الطائف وفلسفته الميثاقية
أوراق الرئيس حسين الحسيني حول اتفاق الطائف وفلسفته الميثاقية
A+ A-

أخرج الرئيس حسيني الحسيني كل الأوراق حول اتفاق الطائف وفلسفته الميثاقية، في حوار صريح وشامل في "مركز عصام فارس" تناول القضايا المصيرية التي تواجه لبنان ونظامه السياسي، شدد فيه على أهمية الحفاظ على الميثاق اللبناني، مشيراً إلى فرص لبنان الكبيرة اليوم للحفاظ على استقراره وتطبيق الدستور، نظراً لأن لبنان ما عاد ساحة للصراع في ظل التغيرات في العالم العربي.


الحسيني أكد في خلال ندوة عن "مستقبل لبنان بين عِبر الماضي والتغيرات الراهنة"، أن لبنان وحده بين الدول العربية جسد العروبة الحضارية ولبنانيتها، مشدداً على أن لبنان ليس بحاجة إلى أن يثبت عروبته بل لبنانية العروبة، لأن لا قيمة للعروبة من دون المثال اللبناني في التنوع والحرية. ولفت إلى أن تجارب لبنان وصيغته مفيدان لكل المنطقة نظراً لأن لبنان هو نافذة العرب على العالم ونافذة العالم على هذه المنطقة.


وشدد الحسيني على أن معنى لبنان هو الحرية ولذلك يتمسك اللبنانيون بها وبأرضهم، مؤكداً أن مصير لبنان هو أن يحمي فيه ويشرعن كل مكون لبناني وجود الآخر، بما أن مصدر الشرعية والصيغة فيه دستوري لا ثورياً كما هو حال معظم دول العالم، موضحاً أن هذا هو سر بقاء لبنان الدولة والفكرة، حتى بعد الحرب. ورأى في معرض الحديث عن واقع الدولة والنظام السياسي أننا نعيش حال اغتصاب للدولة وفي ظل مؤسسات غير شرعية في ظل الفراغ في رئاسة الجمهورية والتمديد للمجلس النيابي، مشدداً على أن الأحزاب المذهبية التي تسيطر اليوم على الدولة لا يمكن أن تشكل حلاً لأنها تؤدي إلى استجلاب الدعم الخارجي.


وشدد رداً على "اتهامات" اعتبرها "أخطاءاً شائعة"، على أن اتفاق الطائف صنع في لبنان، وأن محاضر كل فقرة منه منشورة وهي بمتناول الجميع، لافتاً إلى أن ما هو غير منشور اليوم هي مجموعة من الإنتقادات اللاذعة بين الفرقاء تناولت مسؤولين لبنانيين والعلاقات اللبنانية السورية، ولا قيمة لها في تفسير الدستور ولا تحمل حتماً في طيّاتها حلاًّ للأزمات الدستورية اليوم.


وحضر الندوة الوزراء السابقون محمد يوسف بيضون، كريم بقردوني، عادل قرطاس، سليمان طرابلسي وعدد كبير من المهتمين.


ضرب الطائف ضرب لوحدة اللبنانيين
الحسيني شدد على أن ضرب اتفاق الطائف يؤدي إلى ضرب الكيان ووحدة اللبنانيين لأن لا بديل عن الطائف حالياً، وتحدّث عن ثلاث اتجاهات لبنانية اليوم: فئة أولى تتمسك بتطبيق الاتفاق، وثانية تمارس السكوت عن سوء أو انعدام سبل تطبيقه، وثالثة عندما عجزت عن التقدّم إلى الأمام اختارت سبيل التطرف والرجوع إلى الوراء.
وجزم الحسيني أن اتفاق الطائف صنع في لبنان، ولو أن الفرقاء بقوا في السعودية لمدة 23 يوماً، مؤكداً أن إحدى أهم ركائز الاتفاق وهي موضوع "نهائية الكيان اللبناني" تحديداً صنعت في لبنان على مراحل. وأشار إلى أن هذه النقطة الشديدة الأهمية ذكرت في ورقة للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في العام 1977، ثم في الثوابت الاسلامية العشرة التي اعلنت من دار الفتوى عام 1986 وبحضور كل القيادات الاسلامية، وفي ورقة عمل نيابية في العام 1985 فمذكرة لبنانية تمثل رئيس الجمهورية ومجلسي النواب والوزراء قّدمت للبابا يوحنا بولس الثاني في العام 1986، وورقة عمل بين الحسيني والبطريرك مار نصرالله بطرس صفير، إلى حين ذكرها وتثبيتها في المرة السادسة في اتفاق الطائف.


محطات أفشلت الطائف
الحسيني رأى أنَّ ما أفشل تطبيق اتفاق الطائف هو سلسلة الضربات التي تلقاها بعد العام 1990. وقال إن الضربة الأولى تمثلت بالمقاطعة المسيحية لانتخابات 1992 التي أفقدت الإنتخابات ميثاقيتها وأبعدت المسيحيين عن المشاركة في الدولة وأبعدت الإعتدال أيضاً عن المجلس النيابي، لافتاً إلى أنَّ الإستثناء الذي وضع آنذاك في قانون الإنتخاب المفترض أن يقوم على المحافظة في كل لبنان، تكرر في كل قوانين الإنتخاب اللاحقة.
ورأى أنَّ الضربة الثانية للطائف تمثَّلت في قرار مجلس الأمن 1559 في عام 2004 الذي شمل بنود عدة لم ترد في الطائف، في الوقت أن الدول الكبرى في مجلس الأمن هي ملتزمة رعاية الطائف. وأضاف أن الضربة الثالثة تمثلت في اغتيال الرئيس رفيق الحريري وما أدى إليه من اصطفاف مذهبي ونشوء الإنقسامات العامودية القائمة اليوم. ولفتَ إلى أنَّ الضربة الرابعة كانت الحلف الرباعي بين القوى المسلمة الرئيسية في انتخابات 2005 واستبعاد المسيحيين الذين ظهروا وكأنهم ليسوا شركاء في الوطن والنظام. أما الضربة الخامسة فتمثلت في اتفاق الدوحة الذي كبّل رئيس الجمهورية من البداية عبرَ منحِ الرئيس 3 وزراء في الحكومة، ما يخالف مضمون اتفاق الطائف الذي جعل رئيس الجمهورية بحكم موقعه الدستوري مسؤولاً عن تشكيلِ حكومات متوازنة وطنياً لا تمتلك فيها أي قوة الثلث المعطل منفردة بناء على قاعدة أن الجميع يحتاج إلى الجميع، ومسؤولاً عن جميع وزراء الحكومة وعملهم.


رئاسة الجمهورية
وعن مسألة رئاسة الجمهورية والصلاحيات قال الحسيني إنَّ الطائف لم ينزع صلاحيات الرئيس وكل ما نصَّ عليه هو أنه تم سحب صلاحيات وضعت لعهد الإنتداب الفرنسي ولم تُمارس يوماً بعد الإستقلال. وشدد على أن الطائف وضع رئيس الجمهورية في مرتبة الضامن لوحدة الوطن وفوق السلطات ونزاعات الحكم والمعارضة، لافتاً إلى خطورة ما أدى إليه اتفاق الدوحة (2008) في ملف الرئاسة لجهة أن يأتي رئيس في شكلٍ مخالف للدستور، ما جعله عملياً غير قادر على التجرؤ بالمطالبة بتطبيق الدستور.
وعرض الحسيني لسلسلة من التدابير التي يمكن للرئيس أن يمارسها حفاظاً على الدستور وانتظام عمل المؤسسات. ولفت إلى أن كان بإمكان رئيس الجمهورية عندما لجأ المجلس النيابي إلى التمديد لنفسه، أن يمنع مجلس النواب من الإجتماع لمدة شهر بناء على المادة 59 من الدستور، وأن يعيد رد القانون في حال إصرار المجلس النواب، لكن ذلك لم يحصل بل أن رئيس الجمهورية السابق وقع القانون على الرغم من الطعن به أمام المجلس الدستوري الذي تتقاسمه الأطراف السياسية.
وبالنسبة لأي مشروع قانون مقدم من الحكومة إلى مجلس النواب، للرئيس مهلة 15 يوماً يستطيع في خلالها أن يرد القرار ويبعث رسالة إلى مجلس النواب بأن يتحمل مسؤولية قرار الحكومة، وفي حين تتطلب الموافقة على مشروع القانون أكثرية ثلثي المجلس ترتفع في حال رد الرئيس لمشروع القانون إلى أكثرية ثلاثة أرباع المجلس. وأضاف أنه نتيجة لذلك يصبح من الصعب على أي مجلس نواب أن يبدو في مواجهة مع رئيس الجمهورية لمرتين متتاليتين.


لبنان مشروع ينتظر الانجاز
وتحدّث الحسيني عن أربع مسلمات تتعلق مباشرة بالكيان اللبناني إذ يعيق انعدامها بناء الدولة وهي الحريّة، المساواة بين المواطنين، العيش الكريم والتكافل والتضامن. ورأى في الفوضى العارمة اليوم في المنطقة، فرصة تاريخية للبنان لحل مشاكله، بما أن كل القوى الدولية تريد الحفاظ على لبنان بوصفه الساحة الأقل تعقيداً واضطراباً في المنطقة.
وأكد أن الأزمة اليوم لا تكمن في النصوص الدستورية، انما في بقاء لبنان طوال هذه المدة مشروعاً ينتظر الانجاز، إذ أن هناك من حال دون صدور القوانين التطبيقية الـ 5 الأساسية، وهي عملياً آليات العمل اللازمة لوضع روح اتفاق الطائف حيز التنفيذ، والتي ترعى علاقة السلطات ببعضها البعض مع الحفاظ على لبنان جمهوريةً ديموقراطية برلمانية وهي: قانون الانتخاب، النظام الداخلي لمجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية، قانون الدفاع، قانون خطة التنمية المتوازنة والشاملة. وسأل ما الفائدة من انتخاب رئيس إذا لم تصدر هذه القوانين؟


قانون الإنتخاب
وشدَّد الحسيني على أهمية التركيز على قانون الإنتخابات لإعادة إنتاج السلطة التي باتت كل مؤسساتها اليوم غير شرعية في ظل الفراغ الرئاسي والتمديد للمجلس النيابي، مشيراً إلى أن قانون الإنتخاب الحالي القائم على العصبية المذهبية يؤدي بالمكونات الطائفية والمذهبية إلى استجلاب الدعم الخارجي. ولفت إلى أنه كان اتفقَ مبدئياً مع البطريرك مار نصرالله بطرس صفير على قانون انتخاب يقوم على المحافظة كدائرة انتخابية منفردة كما نصَّ على ذلك اتفاق الطائف، ولكن على أن تسبقَها مرحلة تأهيلية على مستوى القضاء، مع اعتماد الصوت التفضيلي لكل من القضاء والمحافظة، لافتاً إلى أنَّ الصوت التفضيلي يعزِّز المشاركة في الإنتخابات ويزيد عدد الناخبين أضعافاً لأن الناخب يشعر أن صوته يحدث فرقاً. وشدد على أنه يستحيل أن تعيِّن طائفة ما نواب طائفة أخرى في المجلس النيابي.


علاقة لبنان بسوريا اليوم
ورأى الحسيني أن خطر اللجوء السوري على لبنان اليوم ليس "كيانياً"، انما اقتصادي واجتماعي، وأعرب عن أمله أن يكون اللبنانيون متفقين اليوم حول اللجوء السوري كما كانوا سابقاً حول اللجوء الفلسطيني، بأنه "لا تجزئة، لا تقسيم ولا توطين". وشدد على أن سوريا هي عمق لبنان الإستراتيجي، وأنه لو كان لبنان اليوم في ظل مؤسسات دستورية فاعلة، لكان من الأجدى لمصالحه أن يساعد سوريا على تخطي محنتها الحالية.


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم