الجمعة - 10 أيار 2024

إعلان

المحور الأرثوذكسي (روسيا - اليونان) يتحدّى أوروبا \r\nبوتين يجد في تسيبراس حليفاً محتملاً في مواجهته مع الغرب

المحور الأرثوذكسي (روسيا - اليونان) يتحدّى أوروبا \r\nبوتين يجد في تسيبراس حليفاً محتملاً في مواجهته مع الغرب
المحور الأرثوذكسي (روسيا - اليونان) يتحدّى أوروبا \r\nبوتين يجد في تسيبراس حليفاً محتملاً في مواجهته مع الغرب
A+ A-

خلافاً لاكثر زعماء أوروبا الذين تابعوا الانتخابات اليونانية بقلق خوفاً من مزيد من الاضطرابات في الاسواق المالية وتفشي عدوى الانتفاضات على برامج التقشف، كان الرئيس الروسي فلاديمير مرتاحاً... أخيرا، وجد حليفاً أوروبيا يمكنه الاعتماد عليه لتعميق الانقسامات داخل النادي الاوروبي حيال طريقة الرد على التدخل الروسي في شرق أوكرانيا.


يثير تولي الكسيس تسيبراس رئاسة الوزراء في اليونان بعد فوز تحالف "سيريزا" اليساري الذي يتزعمه في الانتخابات النيابية الاحد الماضي، تداخلا بين الازمتين الكبريين اللتين تواجههما أوروبا في السنوات الاخيرة، وهما الأزمة الاقتصادية في منطقة الاورو والحرب في أوكرانيا. وأولى ملامح هذا التداخل ظهرت هذا الاسبوع مع نأي الحكومة الجديدة بنفسها عن اعلان الاتحاد الاوروبي الثلثاء عزمه على تشديد العقوبات على موسكو على خلفية النزاع الاوكراني.
مبدئيا، تكمن أولوية الحكومة اليونانية الجديدة المناهضة لسياسة التقشف الاوروبية في اعادة التفاوض على خطة إنقاذ البلاد المفلسة، مما يضعها في مواجهة مع الجهات الدائنة الدولية. وقد أوكلت وزارة المال الى الجامعي يانيس فاوفاكيس المؤيد لإنهاء "إجراءات التقشف" التي سببت "أزمة إنسانية" على حد تعبيره. ويبدو أنها في معركتها المتوقعة مع أوروبا، وجدت حليفا يعاني عزلة على الساحة الدولية، وتواجه واياه عدوا مشتركاً.
بين روسيا واليونان، البلدين اللذين يعدان غالبية أرثوذكسية، علاقات دينية وثقافية وثيقة وقديمة جدا. هذا في التاريخ، أما في الجغرافيا السياسية الراهنة، فليس خافياً التحدي الواضح الذي أظهره أعضاء "سيريزا" خلال حملتهم الانتخابية لحلف شمال الاطلسي، وإن كانوا حاولوا تبديد المخاوف من أن يسعى الائتلاف اليساري الراديكالي الى سحب اليونان من هذه المنظمة. أما علاقة بوتين بالاطلسي فليست في حاجة الى توصيف. سيد الكرملين يرى أن معركته هي مع هذه المنظمة الغربية التي تحاول تطويقه، أكثر مما هي مع أوكرانيا، وهو ذهب هذا الاسبوع الى حد وصف الجيش الاوكراني بأنه فرقة أجنبية تخدم مصالح جيوسياسية خارجية.
وأوروبيا، بدأت الحكومة اليونانية منذ يومها الاول في الحكم مناكفة أوروبا والتودد الى روسيا، وقت بلغت العلاقات بين موسكو والقارة القديمة مستوى هو الادنى منذ الحرب الباردة على خلفية الحرب في أوكرانيا. وباشر تسيبراس تدريجاً التخلي عن الاصلاحات التي كانت أساسية لضمان حصول أثينا على 240 مليار أورو من أموال الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي لتجنيبها الافلاس. وجاء في تقارير اعلامية أن رئيس الورزاء الشاب استقبل السفير الروسي في أثينا، بعد ساعات من أدائه اليمين.
وكان اليسار اليوناني المتشدد انتقد مراراً العقوبات على موسكو، كما انتقد زعماء"سيريزا" الحكومة المؤيدة لاوروبا في كييف.
وعلى هذه الخلفية، ليس مستبعداً أن تتمرد أثينا على قرار شركائها الاوروبيين في شأن طريقة التعامل مع موسكو، بعد الاتهامات الجديدة لها بزيادة دعمها للانفصاليين في شرق أوكرانيا، وتحديدا بعد الهجوم على ماريوبول السبت الماضي والذي أوقع 31 قتيلاً. وتكتسب هذه المخاوف بعداً جدياً وسط المعلومات عن أن وزير الخارجية الجديد نيكوس كوتسيساس كان يرتبط بعلاقات وثيقة مع الحزب الشيوعي اليوناني خلال الحرب الباردة، وله سجل حافل بدعم موسكو، حتى في ظل حكم بوتين.
من السابق لاوانه الجزم بمستوى التحدي الذي سيذهب اليه تسيبراس في الموضوع الروسي. ولعل موقف بلاده من تشديد الضغط على روسيا في اجتماع وزراء الخارجية الاوروبيين يمثل مؤشرا في هذا الشأن.
وقبل اجتماع وزراء الخارجية الاوروبيين في بروكسيل أمس، قال وزير الدولة الفرنسي للشؤون الاوروبية هارلم ديزير ان الاتحاد الاوروبي سيضيف اسماء الى لائحة الاشخاص المعاقبين لتورطهم في النزاع الاوكراني، و"سنشدد العقوبات التي تستهدف الانفصاليين والذين يدعمونهم، بما فيهم روسيا". واضاف: "سنظهر الوحدة القوية للاتحاد الاوروبي ونمارس كل الضغوط الضرورية، بما في ذلك تمديد العقوبات الفردية وتوسيعها، لحمل اطراف النزاع على العودة الى حل تفاوضي".
الا أن الاجتماع الاوروبي انتهى الى نصف نجاح. فمع أن الوزراء اتفقوا على تمديد مجموعة أولى من العقوبات تنتهي مدتها في آذار، على مسؤولين روس وانفصاليين أوكرانيين لتورطهم في النزاع الاوكراني، قال ديبلوماسيون إنهم فشلوا في الاتفاق على عقوبات اقتصادية جديدة على موسكو، وهم لا يزالون يناقشون احتمالات اتخاذ اجراءات جديدة، بعد الشكوك التي أثارتها الحكومة اليونانية وأغضبت الاوروبيين.
ومن الواضح أن بوتين يعول على الانقسامات الاوروبية الداخلية والمشاكل الاقتصادية لدى بعض الدول الاوروبية الخائفة على تأثير العقوبات على انتعاشها الهش، لتجنب عقوبات جديدة تزيد معاناة الاقتصاد الروسي الذي يعاني ارتفاعاً كبيراً لمعدل التضخم بسبب ضعف قيمة الروبل.


تثبيت السلطة
وفي انتظار ان يتضح ما اذا كان المحور الارثوذكسي سيذهب بعيداً في تحدي أوروبا، يقول خبراء إن الحرس الجديد لليونان يحاول ببساطة تثبيت سلطته، وإن ابداء أثينا قلقها من العقوبات على روسيا هو بعيد كل البعد عن الارتماء في أحضان روسيا للحصول على دائن أكثر تعاطفاً. ففيما تحتاج اليونان الى سيولة ودعم موثوق به، لا شك في أنها تدرك أن التودد الى موسكو لن يوفر لها شروطاً أفضل لدى الدائنين الوحيدين المتوافرين لها.
ويقول البروفسور في العلوم السياسية في جامعة مانشستر ديميتريس بابديميتريوس إن اليونان في حاجة الى تطوير علاقاتها مع روسيا، وأنها قادرة على ذلك من دون التسبب بمشاكل لاوروبا. وأوضح أن أحد المجالات المحتملة للتعاون هو قطاع الطاقة، لافتاً الى أنه بعد الغاء موسكو مشروع بناء خط للانابيب عبر البحر الاسود الى أوروباـ تبحث موسكو في اقامة شركة بديلة مع تركيا، وعلى اليونان أن تكون شريكاً في مشاريع الطاقة الروسية، اضافة الى قطاعات أخرى كالسياحة والتجارة.


[email protected]
Twitter: @monalisaf

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم