الجمعة - 10 أيار 2024

إعلان

إسرائيل تعرض حماية الاردن من "داعش"!

رندة حيدر
A+ A-

قبل اعلان تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" (داعش) عن قيام الخلافة الإسلامية في غرب العراق كنقطة انطلاق لتحقيق الحلم بخلافة إسلامية واسعة الاطرف تضم سوريا والأردن ولبنان، شكل امن الاردن موضع اهتمام كبير ومتابعة يقظة من صُنّاع القرار في إسرائيل ومراكز الابحاث الاستراتيجية.


يعود هذا الى اكثر من سبب أولاً كون الأردن تربطه معاهدة سلام مع إسرائيل ويعتبر حليفاً اساسياً لها بالاضافة الى كونه حليفاً مهماً للولايات المتحدة الأميركية أيضاً، ثانياً لأن استقرار المملكة الهاشمية يشكل عنصراً مهماً في معادلة الامن القومي الإسرائيلي اليوم وفي ظل التغييرات التي تشهدها المنطقة. فالراهن اليوم ان الأردن هو الدولة العربية الوحيدة التي تحافظ على علاقات ديبلوماسية طبيعية مع إسرائيل وعلى تعاون امني واستخباراتي.
منذ بداية الحرب الأهلية السورية ادركت إسرائيل حجم الضغوط التي تتعرض لها المملكة، وتخوفت على استقرارها، ولجأت الى زيادة التنسيق الامني والاستخباراتي بين البلدين. واستناداً الى صحيفة "هآرتس" فان طائرات إسرائيلية من دون طيار تحلق منذ بداية هذه الحرب على الحدود بين الأردن وسوريا لكبح اي هجمات من سوريا على الأردن، ورصد اي محاولات تسلل لعناصر ارهابية الى المملكة.
لكن مع اعلان "داعش" عن خلافته الإسلامية غرب العراق، والتهديدات التي وجهها الى الأردن، تحولت الانظار الى العراق، وأصبح السؤال المطروح اليوم كيف ستتصرف إسرائيل في حال تعرض الأردن الى هجوم ساحق من جانب الجهاديين انطلاقاً من الحدود العراقية، لا سيما في ظل التقارير التي تحدثت عن اتصالات تجريها "داعش" مع العشائر في الأردن ومحاولته الحصول على دعمها ومبايعتها مثلما فعل مع القبائل في العراق، والحديث أن "داعش" يستغل نقمة هذه القبائل على الملك عبد الله الثاني بن الحسين الذي يقال انه لا يتمتع بشعبية كبيرة بينها من اجل تأليبهم ضده ووقوفهم معه في خطوتهم التوسعية التالية في اتجاه الأردن؟


مساعدة عسكرية إسرائيلية للأردن


خلال اليومين الاخيرين جرى الكلام علناً عن احتمال طلب الأردن مساعدة إسرائيل والولايات المتحدة لكبح اي هجوم يشنه "داعش" داخل اراضيه. ونقل الصحافي إيلي بلاك في موقع "الدايلي بيست" الجمعة الماضي عن مسؤولين أميركيين تقديراتهم أن الأردن سيطلب مساعدة إسرائيل والولايات المتحدة. كما كشف بلايك ان ديبلوماسيين إسرائيليين ابلغوا الأميركيين بعيداً عن الانظار انهم مستعدون لتقديم المساعدة العسكرية للمملكة الأردنية الهاشمية عند الحاجة. ونقلت صحيفة"هآرتس" عن مصادر أمنية إسرائيلية ان الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو تدرك قلق الأردن وهي قادرة على مساعدته لدى الحاجة، لكن هؤلاء لم يتوقعوا نشوب حرب ستتورط فيها إسرائيل في وقت قريب.
لكن الموقف الإسرائيلي الرسمي من المخاطر التي يتعرض لها الأردن من جانب الحركات الجهادية عرضه نتنياهو في كلمة القاها في معهد دراسات الأمن القومي قبل يومين حيث تطرق مطولاً الى الاضطرابات التي تعصف بالمنطقة متوقعاً بانها ستستمر عشرة اعوام او اكثر لكن في النهاية سيُهزم الجهاديون مثلما هُزم النازيون.
في هذه الكلمة حدّد نتنياهو للمرة الأولى بصورة واضحة عقيدته الامنية التي تقوم على مواجهة اربعة تحديات اساسية: التحدي الاول، تحصين الحدود والدفاع عنها وبناء سياج امني على طول الحدود مع الأردن؛ والثاني السيطرة الامنية على المنطقة الواقعة بين الأردن ومراكز التجمعات السكانية الإسرائيلية؛ والثالث التعاون الإقليمي بين إسرائيل والدول العربية المعتدلة من اجل كبح المد الإسلامي الجهادي المتشدد. وفي هذا السياق اعلن نتنياهو للمرة الأولى استعداده لتقديم المساعدة العسكرية للأردن ودعمه لأقليم كردستان المستقل. اما التحدي الرابع والاخير فهو منع إيران من الوصول الى عتبة الدولة النووية. وبذلك يكون نتنياهو اوضح من دون لبس استعداد بلاده تقديم العون العسكري للأردن، مما يؤكد صحة التقارير التي تحدثت عن تفاهم اميركي – إسرائيلي في شأن الدفاع عن الأردن في وجه هجمات التنظيمات الجهادية.


هل اسرائيل قادرة على حماية الأردن؟


هذا هو السؤال الذي طرحه المعلق السياسي في صحيفة "معاريف" أمنون لورد الذي تساءل ما اذا كان الجيش الاسرائيلي مستعداً للتحرك على مسافة 500 كيلومتر عن الحدود؟ واستغرب كيف ان رئيس اركان الجيش الإسرائيلي لم يتطرق قط الى مثل هذه الامكانية في تصريحاته مواقفه الاخيرة. وانتقد لورد التسريبات الأميركية عبر الاعلام في شأن تقديم إسرائيل مساعدتها للأردن في التصدي "لداعش"، ورأى انها مضرة بإسرائيل لا سيما في ظل اختلاف المواقف بين الدولتين حيال عدد من المسائل وآخرها الموقف من استقلال كردستان الذي تدعمه إسرائيل وتتحفظ عنه الولايات المتحدة. في حين رأى معلقون آخرون ان الخطر الذي يتبرص بإسرائيل ليس "داعش" بل إيران النووية، والتورط في محاربة "داعش" معناه الوقوف في صف واحد مع إيران العدو اللدود لإسرائيل.


تحصين الحدود


واذا كان الحديث عن الاستعدادات العسكرية لمساعدة الأردن لا يدور في العلن، فالواضح أن تحضيرات اخرى ذات طابع دفاعي بدأ تنفيذها على الفور في طليعتها تحصين السياج الحدودي مع الأردن. لم تعد الحدود الأردنية آمنة بالنسبة لإسرائيل بل مصدراً للخطر المقبل، وها هي إسرائيل تبني حول نفسها سياجاً آخر هو تتمة للسياج الذي يفصلها عن سوريا وعن سيناء في مصر ويضاف اليها الجدار الفاصل مع الضفة الغربية.
وعلى رغم اعلان الإسرائيليين ثقتهم بالجيش الأردني الصغير لكن المنضبط والمدرب جيداً والمسلح بعتاد أميركي، فان تفكك الجيش العراقي الذي انشأه الأميركيون ودربوه يبقى ماثلاً امام اعينهم.ويبقى السؤال هل في استطاعة الأميركيين والإسرائيليين تحويل الأردن الى خط احمر امام تقدم "داعش"؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم