السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

أوجاع الناس المضرّجة تحت سكّين الحكومة الدمية وحروب الغبار بين "حزب الله" والتيّار العوني

حنا صالح
أوجاع الناس المضرّجة تحت سكّين الحكومة الدمية وحروب الغبار بين "حزب الله" والتيّار العوني
أوجاع الناس المضرّجة تحت سكّين الحكومة الدمية وحروب الغبار بين "حزب الله" والتيّار العوني
A+ A-

تصادف في 25 أيار من كل عام ذكرى اندحار العدو الاسرائيلي في العام 2000 من الشريط الحدودي المحتل، الذي تحول إلى عيد للتحرير. تأخذني الذكرى إلى مكانين: الأول يوم التحرير وما تلاه من اندفاعة لبنانية إلى قرى الشريط الحدودي وبلداته، لم تقتصر على أهل المنطقة والشباب الذين ولدوا وعاشوا خارج قرى الشريط الحدودي وعادوا يقبّلون الأرض المحررة، بل ايضاً إلى عشرات ألوف الموطنين من كل الأعمار، الذين ذهبوا من بيروت وطرابلس وكل المناطق وأمضوا ساعات طويلة في ازدحام جميل للوصول والعودة، ليؤكدوا أن اللبنانيين على اختلاف مشاربهم متمسكون بكل حبة تراب، وإن كانت نسبة كبيرة من الجنوبيين لم تجد تحريراً طوال السنوات الـ20 الماضية. بل لكأن التحرير كان لحظة وانقضت. لكن مشهد الزحف إلى الجنوب الذي انطبع في ذاكرة الناس أعادني إلى المكان الثاني أو ذلك المشهد – الحالة التي عشتها وعرفتها بقدر معين، وهي بيروت ما بعد 16 أيلول من العام 1982!

تحت ضربات "جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية"، التي أعلن إطلاقها جورج حاوي ومحسن ابرهيم، اضطر جيش الاحتلال إلى أن ينادي بمكبّرات الصوت "يا أهالي بيروت لا تطلقوا النار علينا، نحن ننسحب من مدينتكم". وما كان ذلك ليتم لولا احتضان بيروت والبيارتة للمقاومين، الذين حرروا ثلاثة أرباع الأراضي اللبنانية المحتلة دون إذنٍ أو منة، وكانوا صفحة مختلفة، ربما ما كانت لتكون لولا احتلال بيروت الذي جمع ووحّد مواطنين عاديين لم يطلبوا ميزة ولم يدّعوا قداسة!

تجددت المسيرة، ومن العبث القول انها انقطعت كلية، فكانت 17 تشرين، والدينامية الجديدة التي وحدت اللبنانيين وتجاوزت الانقسامات الطائفية وطوت صفحة الحرب الأهلية، لتمنح المواطنين الأمل وترسم معهم أفق التغيير، وهم تجاوزوا ما كان يُعدّ من المحرمات، فنجحت في خلخلة نظام المحاصصة الطائفي! وعبثاً حاول رعاة الحكومة- الواجهة، التلطي خلف التشكيلة الوزارية الهجينة، فجاءت الأحداث المتتالية تدفع الجانبين، "حزب الله" والتيار العوني، إلى تصدر المشهد كلما ارتبك الأداء الحكومي وتراجع البروفسور أمام وطأة الأحداث!

برز في أكثر من محطة، تضارب المصالح، فاتسعت الاحتجاجات، وللمرة الأولى منذ اتفاق مار مخايل في شباط 2006، تطرق مسؤول في التيار العوني إلى "قوى الأمر الواقع" وإلى السلاح والبلد جائع!

لا تنطلي على الناس المزاعم التي تدّعي أن التيار العوني حامل راية مكافحة الفساد(!). لم يلاقه "حزب الله" إلى منتصف الطريق! ولم يكن في الأمر صحوة ضمير بل ضغوط متبادلة لتبادل المنافع ليس إلاّ.

"قوى أمر واقع" وحديث عن "البندقية" قبل أيام من بدء سريان العقوبات الأميركية الجديدة (قيصر) على النظام السوري وداعميه أينما وجدوا، أزعج جداً "حزب الله" الذي لم يتأخر عن إطلاق ردٍّ مدوٍّ عبر المفتي الجعفري أحمد قبلان! إنها الدعوة إلى تغيير النظام التي تحمل أيضاً هروباً من الأزمة التي تحاصر المستأثرين اليوم بالقرار ومقدرات السلطة، بعدما عجز إخراجهم من جنة الحكم عن لعب أي دور يمكن أن تقوم به معارضة افتراضية! وعلى طريقة الوزير السوري الذي مسح ذات يوم أوروبا عن خريطة العالم، جاهر المفتي قبلان بالدعوة إلى مسح الطائف الذي كلف 150 ألف ضحية، وطالب بشطب ما أنجزته مرحلة تاريخية قادها بشارة الخوري ورياض الصلح. وكأن حرب حليفي اتفاق مار مخايل انتقلت إلى مستوى متقدم جداً، كأن يُقال إن المضي في الدعوة إلى رفع الغطاء عن السلاح سيكلفكم تقليص الحصة المسيحية في الدولة! ربما يكون بعض المحيطين بالعماد عون تنبهوا إلى أن الدعوة الى مؤتمر تأسيسي لا علاقة لها بإعادة صلاحيات معينة إلى الرئاسة الأولى، والتي كانت دائماً هاجساً لا واقعيا من جانب التيار العوني الذي استند إلى الدويلة!

تتزاحم الأحداث فيجد المقيم في السرايا "دارته"، المتسع من الوقت لكي يفرش له السجاد الأحمر أمام جامع الأمين لأن صاحب الدولة قادم لأداء صلاة العيد!

ويهدد وزير الصحة بالعودة إلى إقفال البلد لو تفاقمت الإصابات البالغة رسمياً 1114 إصابة، رغم ضآلة الفحوص، فيما هناك الكثير من المؤشرات إلى وضع مقلق، والدولة تمتنع عن تكثيف الفحوص لمعرفة حقيقة الوضع وكيفية المواجهة.

العالم كله يتغير نتيجة هذا الفيروس الخطير، والعالم كله يبحث عن سبل حماية الحياة والعمل، إلا في "بلاد الأرز" حيث "اندهش العالم من الانجازات التي حققتها الحكومة"، والناس رهائن لدى مستشارين مستجدين في المسؤولية سقطوا في الامتحانات اليومية!

تجد حكومة الأقنعة المنفذ لمواصلة المحاصصة الطائفية المقيتة في التعيينات، والأهم في المراكز المالية، وبات من شبه المؤكد أن يعيّن مجلس الوزراء يوم الجمعة في مواقع نواب الحاكم كلًّا من وسيم منصوري من حصة نبيه بري، والاستاذ في الجامعة الأميركية وسيم شاهين محسوباً على البروفسور دياب، ويذهب الموقع الدرزي إلى خالد عبد الصمد، والموقع الأرمني من حصة الطاشناق، ويتم إرضاء فرنجية بمركز مفوض الحكومة لدى البنك المركزي، فيما يستأثر الفريق العوني ببقية المواقع المسيحية!

"وانخلي يا حنة إذا بعد عندك طحين".

الغائب في كل ما يجري ويدور، هو قضايا الناس وحقوقهم وقضايا الوطن والمصالح الوطنية، ما يؤكد تكرارا المؤكد، وهو أن لا أولوية على ضروة إسقاط هذه الحكومة التي سقطت في كل الاختبارات!

كلن يعني كلن.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم