الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"الثورة أنثى"...

المصدر: النهار
ليندا عبدو
"الثورة أنثى"...
"الثورة أنثى"...
A+ A-

"الثورة أنثى"...

سمعناها كثيراً

ولكن هل كل أنثى في بلدي لها الحق أن تثور؟!

الثورة أنثى، ولكن هل يحق لكل امرأة أن تخرج إلى الشارع لتطالب بحقوقها المعيشية لزوجها وأولادها من دون أن تحصل على إذن من زوجها؟

صحيح الثورة أنثى، ولكن هل تعلمون أن النساء إذا حاولن الخروج لتغيير قانون الأحوال الشخصية في بلدهن، سيقوم أزواجهن بتهديدهن بالطلاق وحرمانهن من أولادهن؟

الثورة أنثى، ولكن هل تعلمون أن الكثيرات في منازلهن ممنوعات من إطلاق رأيهن أو أفكارهن ولو على منصات التواصل الاجتماعي، لأن أزواجهن لا يريدون "وجعة راس"؟

الثورة أنثى، والمرأة التي تعمل في منزلها وتقدم الغالي والرخيص، وتعمل خارج المنزل، عليها في القرن الحادي والعشرين أن تطيع زوجها.

صحيح الثورة أنثى، وإناث العالم العربي مطلوب منهن أن يتعلمن ويفكرن، ولكن فقط لكي يعملن ويكن عوناً للرجل في تحمل مصاريف وأعباء الحياة.

الثورة أنثى، ولكن في مجتمعنا يتزوج الرجل من المرأة لشكلها غير آبه بأفكارها. مقاييس الزوجة مقاييس عارضات الأزياء، عليها أن تحافظ على رشاقتها وجمالها وتنجب الأطفال وتتعرض لمخاطر الحمل والولادة، وإذا ما زاد وزنها أو بدت التجاعيد على وجهها، ينظر إليها شريكها في الحياة نظرات ازدراء، ويهددها بالزواج بمن هي أجمل وأصغر.

الثورة أنثى، ولكن العديدات ليس لديهن الخيار حتى في اختيار الصديقات وتبادل أطراف الحديث، إذ عليهن أن يكن في خدمة منزلهن ٢٤/٢٤ سبعة أيام في الأسبوع.

الثورة أنثى، ونساؤنا لا يردن أن يكن رجالاً، بل فقط أن تكون لهن فسحة للتفكير والتعبير والتغيير.

فاشلة هي ثوراتنا في عالمنا العربي والإسلامي، لأن في منزل كل عربي طاغية جباراً وديكتاتوراً من نوع آخر. المسموح فقط في مجتمعنا أن تأكل المرأة وتشرب وتنام وتلبي رغبات زوجها، وإذا أعطاها حرية فيعطها حرية أن تنزع الحجاب عن رأسها، ولكن من غير المسموح أن تخلع الحجاب عن عقلها وتتحرر. الحرية عند المرأة لا تتحقق بلبس الشورت وعرض نصف الجسد بل بلبس العلم وتحقيق الحلم بالتغيير...

اعذورني، فإن كل ثوراتنا فاشلة ولن يتحقق ربيعنا العربي إلا إذا تحقق ربيع المرأة في العيش بحرية... وإلى ذلك الوقت نكون نحن خارج دائرة الحياة. ربما بعد عشرات السنين سيأتي الوقت الذي ستستطيع فيه بناتنا العيش بحرية. سنكون دولة خالية من الجبروت، ودولة عدالة اجتماعية. سنربّي بناتنا على ألا يكن خانعات، وإن لم يتزوجن لن تكون نهاية الكون، وأن الاولاد لن يكونوا يوماً نقطة ضعفهن تسقطهن أرضاً ويزحفن لكي يرضى زعيم المنزل وإلا فباب البيت مفتوح.

الثورة أنثى، الثورة ليست شعارات طنانة ولا أغاني ولا ساحات. لا تريد كل امرأة الحرية من أجل الوصول إلى منصب في الحياة السياسية. الثورة كي نصل إلى حقنا في الحياة، حقنا في التفكير، حقنا في المسار والمصير.

أسفي على النساء، وأسفي على مجتمعي، وأسفي على الرأس الذي وإن كان حراً طليقاً بغير حجاب، إنما الدماغ محجوب لأنه سيبقى أسير هذا المجتمع البائد المتخلف القابع في أفكار وعادات وتقاليد القرون الوسطى، فيما نحن على مشارف الالفية الثالثة.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم