الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"جود من الموجود"

المصدر: النهار
مارك فارس
"جود من الموجود"
"جود من الموجود"
A+ A-

سادت مقولة إنه إذا كان لديك ١٢٨ نائباً يؤيدون وصولك إلى سدّة رئاسة الجمهورية اللبنانية والكيان السوري غير راغب في ذلك، فلن تستطيع بلوغ قصر بعبدا؛ وعلى العكس، فإن أبدى رغبته بك رئيساً مع معارضة الـ١٢٨ نائباً، فمبروك عليك الرئاسة.

إنه خريف ٢٠٠٤، موعد انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، والرئيس الأسد أعطى وعده لسليمان فرنجية بأن يكون الرئيس المقبل للبنان، زار الأسد يومها وفد من حزب الله وتمنى عليه التمديد للحود، فالمرحلة دقيقة والمجتمع الدولي مصرّ على تنفيذ القرار ١٥٥٩ وخاصة الجزء المتعلق بانسحاب الجيش السوري وتسليم سلاح حزب الله، فكان لهم ما أرادوا.

كان الرئيس رفيق الحريري من أشد معارضي التجديد للرئيس لحود، وكان يفضل أكثر وصول سليمان فرنجية. فالخيارات التي كانت متاحة أمام الحزب آنذاك كانت، إما التجديد للحود مع حكومة مواجهة للمجتمع الدولي، أو انتخاب سليمان فرنجية مع حكومة يترأسُها رفيق الحريري يُراهن حينها الحزب باستخدام الحريري لعلاقاته الدولية لتجميد القرار ١٥٥٩، أو الالتفاف عليه.

ببساطة شديدة، أخذ حزب الله خيار المواجهة وأسقط خيار الديبلوماسية، رافضاً الاعتماد على رفيق الحريري لتجنيب لبنان ما كان يُحضَّر له.

المشهدية نفسها أعيدت من جديد، من خلال إيصال عون إلى سدّة الرئاسة من قبل حزب الله على حساب سليمان فرنجية. فالرئيس عون نسخة معدَّلة من الرئيس لحود، فلديه العناد نفسه والصلابة ويتمتع بثقة الحزب، بالإضافة إلى كونه الممثل الأكبر للشارع المسيحي.

أما ما يتعلق بالقرار ١٥٥٩، فلقد تم التخلي عن ذكره علنياً، ولكنه لا يزال كمشروع قائم بشقّه المتعلق بسلاح المقاومة، إنما الحديث عنه ليس كالسابق من حيث استخدام الفصل السابع لتنفيذه، بل عن تجويع اللبنانيين وتحريضهم على سلاح حزب الله؛ فبعد سقوط فرضية جورج بوش المتمثلة بالحرب الخارجية، يأتي تكتيك دونالد ترامب وهو الحرب الاقتصادية حتى المجاعة.

ها هو الحزب مجدداً أمام الخيار نفسه، إما حكومة مواجهة مع المجتمع الدولي أو الاعتماد على علاقات الرئيس سعد الحريري لتمرير هذا الظرف الصعب.

لقد أخذ قراره أخيراً بالاعتماد على الرئيس عون، والذهاب إلى تشكيل حكومة مواجهة مع المجتمع الدولي؛ فهل أمعن الحزب في تحدي المجتمعين اللبناني والدولي، أم أنه اتّبع مقولة "جود من الموجود"؟

مارك فارس

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم