الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

هل هكذا ستتألّف الحكومة؟

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
هل هكذا ستتألّف الحكومة؟
هل هكذا ستتألّف الحكومة؟
A+ A-

مَن يتابع حركة الجهات الرسميّة في شأن تأليف الحكومة، والاجتماعات التي تُعقَد علنًا وفي الخفاء، في دوائر القصر الجمهوريّ وكواليسه، وما يتسرّب من معلوماتٍ وشائعات عن دوائر عين التينة، حيث مقرّ رئيس السلطة التشريعيّة، وفي أوساط "بيت الوسط"، حيث مقرّ إقامة رئيس الحكومة المستقيل، يتبادر إلى ذهنه أنّ كلّ شيء طبيعيّ وتمام في البلاد اللبنانيّة.

يتبادر إلى ذهن هذا الشخص الذي يتابع، أنّ العلاقة بين الشعب والمسؤولين على خير ما يُرام، أنّها لم تكنْ يومًا مثلما هي عليه اليوم من تفاعلٍ إيجابيٍّ وديناميكيٍّ خلّاق؛ وأنّ الاقتصاد في ذروة فاعليّته وإنتاجيته؛ وأنّ الليرة بألف خير؛ وأنّ البطالة في أدنى درجاتها؛ وأنّ سوق العمل تشهد نموًّا تصاعديًّا مطّردًا يبشر بانفراجاتٍ ماليّة ومجتمعيّة ملموسة؛ وأنّ السلطات والهيئات الرقابيّة المعنيّة ماضيةٌ في تنظيف الإدارات والمؤسّسات من المحاصصات والمحسوبيّات والصفقات المريبة وأعمال النهب، وأنّ القضاء بألف خير، وأنّ الجامعات والمدارس والمعامل والمصانع والمتاجر تعمل بانتظام إلخ.

باختصارٍ تحذيريٍّ سريع، يُستنتَج ما يأتي: إنّنا مقدمون على انفجارٍ – ولا أعظم - في ضوء الانفصام الكارثيّ بين ما يجري على مستوى الطبقة السياسيّة، وما يجري على أرض الواقع. فالمسؤولون يبدو أنّهم لم يتعلّموا "الدرس"، "درس الثورة"، وهم يتصرّفون في كيفيّات تأليف الحكومة كأنّ لا انتفاضة ثوريّة غير مسبوقة تعمّ الأراضي اللبنانيّة من بعلبكّ إلى النبطيّة وصور وصيدا وبيروت وجونيه وجبيل وطرابلس، صعودًا إلى أقضية جبل لبنان والمناطق الداخليّة والجبليّة.

يبدو أنّ القابضين على السلطة في الرئاسات الثلاث، ومَن "يقبض" على هذه الرئاسات، ويشدّ الخناق على أعناقها، ويرخيه، حين يشاء، وكيفما يشاء، وحيث يشاء، لن يتورّعوا عن المضيّ قدمًا في التعامي عن حقائق الشارع، وفي الهرب إلى الأمام، ومواصلة سياسة الازدراء والتعالي والاستخفاف والاحتقار والتغاضي، من أجل تأليف حكومةٍ جديدةٍ تحفظ لهم الكراسي والصفقات والمحاصصات وتبعد عن رؤوسهم "مقصلة الثورة".

يبدو أنّ الحكومة الموعودة ستكون حكومة السمّ والمكر والخبث والخيانة والقهر والحقد والكراهية، ما لم يتحرّر منطق تأليفها، رئيسًا وأعضاء، ممّا يجري تداوله حاليًّا بين أركان السلطة.

لا شيء يوحي بأنّ منطق التأليف الراهن يأخذ في الاعتبار، ما يترتّب على الإمعان الأرعن في تجاهل ثورة الجياع والأحرار، أو في محاولات الالتفاف عليها، والقفز فوقها.

للعلم الواضح: الثوّار الأحرار لن يقبلوا بـ"حكومة ترضية"، فاترة، رِجْل في البور ورِجْل في الفلاحة.

للعلم الواضح: الثوّار الأحرار لا يريدون مناصب وزاريّة.

للعلم الواضح: الثوّار الأحرار يريدون حكومةً انتقاليّة حياديّة، مختصرة، ومتخصّصة، ذات صلاحيّاتٍ تشريعيّةٍ واسعة، متحرّرة من قوى السلطة ومن هيمنة الأحزاب والتيّارات والمعادلات السياسيّة القائمة، تضع موضع التنفيذ الفوريّ الإصلاحات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والمعيشيّة الداهمة.

للعلم والخبر: الثوّار الأحرار ماضون بحنكةٍ وبحكمةٍ غير مسبوقتين، كما بوعيٍ وبحزمٍ وبتصميمٍ وبإراداتٍ فولاذيّة، في تفادي التحرّكات الانفعاليّة غير المدروسة، أو العنتريّات الاستعراضيّة، وماضون في خلق الأشكال والأساليب الديموقراطيّة الضاغطة، واجتراح الكيفيّات الموضوعيّة على الأرض التي "تجنّن" أهل السلطة، وتُخرجهم عن أطوارهم.

باختصارٍ تحذيريٍّ سريع: لا إرهاب "الأمر الواقع"، ولا العنف ولا القمع ولا الالتفافات المتذاكية على حركة الشارع وإيقاعاته، يمكنها أنْ تعيد الأمور إلى نصابها الاستبداديّ الفاسد والجائر.

باختصارٍ تحذيريٍّ سريع: هذه الاجتماعات الرسميّة اللامجدية لتأليف "حكومة من فوق" من شأنها – فقط – فقط لا غير - تهيئة باطن الشارع ولاوعيه الجمعيّ الدفين للانفجار العصيانيّ المدنيّ السلميّ الديموقراطيّ العظيم.

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم