في هذا الأسبوع الذي كان عطلة بمجمله مع حلول عيد الأضحى المبارك وعيد انتقال السيدة العذراء، كان لا بد من التوجه لقضاء أجمل عطلة في ربوع لبناننا، ولاكتشاف مناطق جديرة بالزيارة والدعم لما تحوي من أماكن سياحية وتراثية وما تقدمه من منتوجات ومأكولات شهية تقليدية وضيافة استثنائية، ناهيكم بالمناظر الجميلة التي ترافقكم كيفما توجهتم.

ونعم، كان بإمكاني السفر خارج البلاد كالاكثرية الساحقة، ولكن بعد رؤية بلاد العالم، ليس هناك من مكان احب على قلبي واجمل في نظري من بلدي وطبيعته، ولا أعرق من تاريخه وحضارته وتنوعه.

وكلا، الكزدرة في بلدي لا تكلف اكثر من السفر للخارج كما سمعت من هنا وهناك، إذ تؤمن العديد من المناطق الإقامة بأسعار مقبولة وخدمة عالية كما اختبرت شخصياً، ولا تنسوا التخييم كخيار آخر وكنت قد بدأت عطلتي به وانتظرت اختفاء القمر من سمائنا لالتقاط درب التبانة بعد الثالثة فجراً، في ليلة تخييم مع العائلة في منطقة تنورين، وكان قد بدا كالقبة التي تغمرنا، لنمجد الله وجميع أعمال يديه.

 وجلت في منطقة بحمدون والقرى المجاورة بعدها، ويمكنكم الرجوع إلى الستوريز stories  في حسابي بـ الانستغرام للمزيد.

وبالعودة إلى عطلتي ابتداء من الأربعاء، فقد خطر ببالي المرور بمزار سيدة بشوات للتبارك منها في هذا العيد ومن بعدها التجوال في قضاء بعلبك والهرمل الذي سبق أن مشيت مسيرات عدة ضمنه في بحر هذه السنة، ولدهشتي، لم اقدر ان اؤمن مكاناً واحداً للإقامة في تلك الليلة وكانت قد حُجزت منذ اوائل السنة، مما زاد في اصراري على زيارتها في هذه الليلة بالذات، ليلة الاحتفال بانتقال امنا العذراء. ومن شخص إلى آخر، مع العلم اني لا أعرف أحدا هناك ككل المناطق التي اقصدها، لم يبقَ احد لم يعرض استقبالنا في بيته ومن دون أن يعرفوا أسماءنا حتى، مما يبرهن ما نسمعه عن كرم اهل دير الأحمر وبشوات وضيافتهم.

واختصارا، حالفني الحظ وتوفقت بمكان خارج اطار بشوات ولكن رائع المطل والضيافة، كنت قد نقلت صباحه عبر حسابي، ولكني سأترك التفاصيل إلى شهر تشرين حين سأشارك بنشاط معهم..

الوصول إلى دير الأحمر وبعدها الى قرية بشوات من بيروت تطلّب ما يقارب الثلاث ساعات مع التوقف هنا وهناك واكل السفيحة البعلبكية على طريقنا والتمتع بغياب الشمس وراء سلسلة جبال لبنان الغربية، وقد سلكت طريق ضهر البيدر، زحلة، بعلبك، ايعات. وهما قريتان من قرى قضاء بعلبك والهرمل في محافظة البقاع وعلى سفح السلسلة الغربية،تبعدان مسافة تقارب الـ 1005 كلم من بيروت وعلى معدل ارتفاع 1200 م عن سطح البحر.   ومن هناك يمكنكم التوجه من وإلى شمال لبنان عبر عيناتا الأرز مما يجعلها همزة وصل بين محافظتي البقاع والشمال.

ودير الأحمر معروفة بكروم العنب وصناعة النبيذ الفاخر كالـ "Couvent Rouge"، إضافة إلى العديد من المزروعات وبساتين التفاح وأشجار السنديان واللزاب وغيرها, كما الحال في قرية بشوات ايضاً. أما منتوجاتهم البلدية فهي من اطيب ما اكلت وشربت.

ومن بعض الروايات خلف التسمية، كما عرفت من أهلها، يرجع إلى بناء دير قديم بالحجر الأحمر، أو إلى حادث ذبح رهبان قديما حين غطت دماؤهم الجدران. ومن المرجح تاريخيا قدوم رهبان يعاقبة من بلدتي دير الأحمر ودير الابيض في مصر. أسس الأوائل ديراً كان مركزاً لاسقفيتهم واصبحت المنطقة تعرف بالدير الأحمر، اما رهبان الدير الأبيض فقد بنوا مزاراً في بشوات على اسم القديس "الأنبا بيشاوي" .

وبعد التوقف في ايعات كانت الوجهة مزار سيدة بشوات ولكن عند الوصول إلى دير الأحمر كان الطريق مقطوعاً والاهالي منتشرين بكثرة. ولدهشتي، كانت هذه اللحظة التي يمر بها الموكب الذي يكرم سيدة البرج مع الفرقة الموسيقية ونفس اللحظة التي حرروا بها المسبحة لترسم قلبا في سمائهم كما ترون في لقطتي.  كانت فعلا لحظة مباركة إذ انها لم تكن معدّة مسبقاً ولم أكن حتى ادري بها. وهنا بعض اللقطات وفيديو متواضع جمعت به ما قدرت من هذا الحدث لعله ينقلكم إلى لحظاته التي شاركت به آلاف الالاف.


وهنا أشارككم ببعض لقطات مزار وبازيليك سيدة بشوات التي كانت تعج بالزوار في هذه الليلة من كل صوب ومن كل طائفة ومذهب، وايضا من السياح العرب. وكان لافتاً درجة التنظيم إن في دخول الكنائس أو توزيع الزيت والبخور والقربان واضاءة الشموع او في تنظيم سير السيارات والمواقف. ويعود هذا التوافد الكبير إلى الإيمان بشفاعة السيدة للشفاء مستندين إلى قصص أعاجيب لا تحصى حصلت على مرأى من المئات، كما يُتناقل.  

وأقيم القداس الساعة العاشرة ليلاً وبقي الحجاج يقصدون المكان كل الليل وتقوم المقاهي والمطاعم المجاورة بتلبية حاجاتهم على مدار الساعة. ولفتني أيضا، بعد أن عدنا للمبيت، عدد السيارات التي بقيت حتى الفجر  تتنقل من وإلى الشمال عبر طريق عيناتا الأرز كما ترون في لقطتي عن بعد.

وبعد أن تراءت لي من جبل مقابل، لا بد أن أذكر مشروع تشييد اكبر مسبحة في العالم على أرض قرية بشوات حيث تُشكل كل حبّة كرسياً للاعتراف ومزاراً للقديسين, وسيكون نورها مشعاً براً وجواً اذ انّها تقع على مسار الطيران.

والخميس كان يوماً آخر لنا مع اطلالة شمسه في هذا القضاء المشهور أيضا بمدينة الشمس بعلبك وانطلقنا بكزدورة طويلة بعد أن مررنا بخط السيارات المهيب للمتجهين إلى مزار سيدة بشوات. اما نحن فبدأنا برياق وتوجهنا الى بعلبك التي سأخبركم عنها الاسبوع القادم من منظار جديد إذ اني مشيتها hiking# إلى أعلى نقطة منها في الربيع. ويمكنكم العودة إلى Stories لرؤية تفاصيل جولاتي وابقوا على السمع اليوم مع مشواري صوب الشمال في حسابي الخاص بإانستغرام nidal.majdalani وفايسبوك Travelling Lebanon و Nidal Majdalani

وتابعوا تصفح مدونتي للمزيد من المشاركات ولمراجعة المقالات المصورة السابقة لاغلبية مناطق لبنان  TravellingLebanon.blog

وأيضا على Twitter  Nidal Majdalani

[email protected]