السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

ما حقيقة قول البابا فرنسيس إن "الاحتفال بأعياد الميلاد جاهلية"؟ FactCheck#

المصدر: النهار
المنشور الزائف المتناقل (فيسبوك).
المنشور الزائف المتناقل (فيسبوك).
A+ A-
يتناقل مستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي تصريحا منسوبا الى البابا فرنسيس، يزعم أنه قال إن "الاحتفال بأعياد الميلاد جاهلية وصورة زائفة تصوّر حكاية زائفة...". غير أن هذه المزاعم لا أساس لها. هذا التصريح محرّف وزائف، بسبب ترجمة رديئة شوّهت المعنى الحقيقي لمضمون كلمة القاها البابا فرنسيس في عيد القديس إسطفانوس، أول الشهداء، في 26 كانون الأول 2013. FactCheck#  
 
"النّهار" دقّقت من أجلكم 
 
الوقائع: التشارك في المنشور تكثف عبر صفحات وحسابات، خصوصا ذات طابع اسلامي (هنا، هنا، هنا، هنا...)، وذلك نقلا عن موقع شؤون اسلامية الذي نشر، في 24 كانون الاول 2020، مقالة عن البابا فرنسيس بعنوان "بابا الفاتيكان: الاحتفال بأعياد الميلاد جاهلية، وحكاية خرافية لا وجود لها في الإنجيل".
 
وجاء في المقالة (من دون تدخل): "بعد انتشار الفتاوى المضللة بجواز تهنئة النصارى بأعيادهم الدينية من خلال شخصيات شهيرة ومؤسسات دينية على رأسها دار الإفتاء المصرية وشيخ الأزهر ومجموعة من علماء السوء؛ أعاد المسلمون تداول تصريحات سابقة لبابا الفاتيكان فرانسيس أكد فيها أن الاحتفال بأعياد الميلاد جاهلية وصورة زائفة لحكاية خرافية مائعة لا وجود لها في الإنجيل... ومن وجهة نظر إسلامية فإن التهنئة أو الاحتفال بأعياد النصارى الدينية لا تجوز شرعًا ولم يخالف في ذلك أحد من علماء السلف".

 
 
 
التدقيق: 
يبين البحث عن هذا التصريح المزعوم أنه سبق أن نشرته مواقع اخبارية عربية، لا سيما مصرية (هنا، هنا، هنا...) في 26 كانون الاول 2013، نقلا عن وكالة أنباء عربية معروفة (أ ش أ- اي وكالة انباء الشرق الاوسط).
 
وقد أوردت تلك الوكالة يومذاك (من دون تدخل أو تصحيح) أن "البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، انتقد الاحتفال بعيد الميلاد، واصفا إياه "بالجاهلية وأنه صورة زائفة تصور حكاية خرافية مائعة، لا وجود لها في الإنجيل"، على حد تعبيره. 
 
وأضاف في صلاة التبشير الملائكي في عيد القديس ستيفانو الشهيد الأول، وتذكر "المعنى الحقيقي للتجسيد،" الذي يربط "بيت لحم إلى الكالفاريو" ويتذكر "أن الخلاص الإلهي ينطوي على مكافحة الخطيئة، عبر الباب الضيق للصليب، وهذا هو السبيل الذي علمه السيد المسيح لتلاميذه، كما يتضح من إنجيل اليوم ".
 
 
 -حقيقة التصريح -
 غير أن هذا التصريح المنسوب الى البابا فرنسيس سببه ترجمة سيئة حرّفت كلامه، واضافت عبارات لم يقلها، واخرجت النص من سياقه الروحي واللاهوتي الحقيقي، وفقا لما يتبين بعد مراجعة النص الاصلي لكلمة البابا كاملة، منشورة في موقع الفاتيكان.  
 
ماذا قال البابا فرنسيس حقيقة؟ 
 
بعنوان: "عيد القديس إسطفانوس أول الشهداء"، القى البابا فرنسيس كلمة خلال صلاة التبشير الملائكي، أمام حشود المؤمنين في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان، في 26 كانون الاول 2013. وقد تناول في بداية كلمته "إسطفانوس أول الشهداء"، مستشهدا بما يذكره عنه "اعمال الرسل" (في الكتاب المقدس) بأنه "رجل ممتلىء من الايمان والروح القدس..." وما يخبره ايضا عن استشهاده.
 
وقال: "في الواقع، من منظور الإيمان، فإن عيد القديس إسطفانوس ينسجم تماما مع المعنى العميق لعيد الميلاد. في الواقع، بالاستشهاد، غلب الحب العنف، وغلبت الحياة الموت". 
 
وتابع: "في استشهاد إسطفانوس، تتكرر المواجهة ذاتها بين الخير والشر، بين الكراهية والتسامح، بين الوداعة والعنف، والتي بلغت ذروتها بصليب المسيح. وهكذا، فإن ذكرى أول شهيد تأتي لتزيل على الفور صورة زائفة لعيد الميلاد: صورة حلوة وخرافية لا وجود لها في الإنجيل! وتعيدنا الليتورجيا إلى المعنى الحقيقي للتجسد، وتربط بيت لحم بالجلجثة، وتذكرنا بأن الخلاص الإلهي ينطوي على الجهاد ضد الخطيئة، ويمر عبر الباب الضيق للصليب. وهذه هي الطريق التي أشار إليها يسوع بوضوح لتلاميذه، كما يشهد إنجيل اليوم: "سوف يبغضكم جميع الناس من اجل اسمي. والذي يثبت إلى النهاية، فذاك الذي يخلص" (متى 10: 22)". 
 
 
 
اذاً ما قصده البابا فرنسيس بكلامه على "ذكرى إسطفانوس التي تأتي لتزيل صورة زائفة لعيد الميلاد..."، أوضحه بنفسه في الفكرة التالية التي تناول فيها الليتورجيا، وتوضيحه أن "الخلاص الإلهي ينطوي على الجهاد ضد الخطيئة"، وعلى المرور "عبر الباب الضيق للصليب"، اي الجهاد والألم والتمسك بالايمان رغم كل الصعوبات والتحديات. 
 
وهذه الافكار البابوية تعكس عمق اللاهوت المسيحي، المستمد من الانجيل. وفقا لخبراء لاهوتيين، "فقد اعاد البابا فرنسيس لعيد الميلاد معناه الحقيقي، كما جاء في الانجيل، عبر استشهاد اسطفانوس. اي ان الاستشهاد هنا ينقّي ذكرى الميلاد مما لحقها من معان سطحية ودنيوية لا تتماشى مع معناها الروحي الخلاصي. حدث الميلاد حدث خلاصي لا ينفصل عن حياة المسيح الخلاصية التي تنتهي بالصلب والقيامة".
  
 
 
 
النتيجة: المزاعم ان البابا فرنسيس قال ان "الاحتفال بأعياد الميلاد جاهلية وصورة زائفة تصوّر حكاية زائفة"، مزاعم لا صحة لها بسبب ترجمة سيئة حرّفت كلامه واضافت اليه ما لم يقله او يعنيه، مما اساء الى مضمون كلمته ومعناها اللاهوتي. 
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم