السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

دريان: المجاعة عمّت بين اللبنانيين فيما أنتم تعانون التخمة في أكل مال الحرام، وحبذا لو يصومون عن الفساد

المصدر: "النهار"
مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان (حسام شبارو).
مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان (حسام شبارو).
A+ A-
أكد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أن "هناك فرق كبير بين الجوع والتجويع. يكون الجوع في شهر رمضان بقرار ذاتي تعففي، محبة لله وتقرباً إليه، واستجابة لأمره. ويكون لمدة محددة. أمّا التجويع ، فإنه يكون نتيجة سياسات فاشلة، وحكم فاسد، ونتيجة استهتار بحقوق الإنسان والمواطن".

وقال: "الصيام جوع إلى محبة الله. وهو جوع في محبة الله. أما الحرمان التجويعي، فهو ترجمة للفساد، وهو نتيجة من نتائج السرقة والنهب، وأكل أموال الناس بالباطل". 
 

وفي رسالة شهر رمضان المبارك التي وجهها إلى اللبنانيين، أشار دريان إلى أن "حقوق الناس هي ودائع مقدسة في ذمة السلطة. وفي مقدمة هذه الحقوق، حق الحياة، وحق الكرامة. والله سبحانه وتعالى يقول في القرآن الكريم: "ولقد كرمنا بني آدم".. فمن أنتم حتى تنتهكوا هذا الحق الإلهي؟. ومن أنتم حتى تعيثوا في الأرض فسادا واستغلالاً للحقوق الشخصية، وللحقوق العامة للمواطنين؟".
 
وقال: "لقد حولتم لبنان بفسادكم من دولة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان، إلى دولة تعاني الجوع والخوف والحرمان. بددتم أموال الناس ومدخراتهم، وأسرفتم في الفساد وسوء الإدارة، حتى عمت المجاعة بين اللبنانيين، فيما أنتم تعانون التخمة والإسراف في أكل المال الحرام".
 

وأضاف: "من أجل ذلك، كان طبيعياً أن يفقد الإنسان اللبناني ثقته بأهل السلطة الفاسدة، الذين دفعوا لبنان إلى الهاوية، وهم يعتقدون أنهم يحسنون صنعاً. لقد هبط لبنان نتيجة فسادهم إلى الدرك الأسفل من الانهيار، وهو يصنف اليوم بين آخر دول العالم، نتيجة سوء الإدارة وفساد الحكم، وتعطيل الضمير الوطني والإنساني".
 
وتابع: "حبذا لو يصومون يوماً واحداً عن الفساد وقول الزور، ليمنحوا لبنان فرصة لتنشق الهواء الأخوي النظيف والمفعم بالأخوة الصادقة. فلبنان يكون مع إخوانه العرب أو لا يكون. هكذا نصت وثيقة الوفاق الوطني، وهكذا نص الدستور".
 
 
وأردف :"لكن، رغم كل الفساد المستشري، ورغم كل التعثر والفشل، فإننا لن نيأس، ولن نستسلم لتجويع الفاسدين، ولكننا سوف نقبل على طاعة الله رب العالمين، مصلين صائمين، واثقين من رحمته التي وسعت كل شيء. وسوف نتمتع بالجوع الرمضاني لساعات معدودة، آملين من الله سبحانه وتعالى أن يستجيب لدعائنا حتى نتخلص من هذه الزمرة الفاسدة، التي أدى فسادها إلى الحرمان، وإلى المجاعة. لقد حرمت هذه الزمرة لبنان من دفء أخوته العربية، بما ارتكبت في حق هذه الأخوة من انتهاكات سياسية، ومن تجاوزات لا أخلاقية، يندى لها الجبين خجلاً. ذلك أن أقل ما تفرضه وشائج الأخوة هو الوفاء لهذه الأخوة، وعدم الإساءة إليها، وعدم توجيه الطعنات إليها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. ولكن من المؤلم جداً أن المسيئين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم، مستخفين بعقول الناس، وهم في طغيانهم يعمهون".
 
وفي السياق، شدد دريان على أننّا "ما كنا نريد أن نكون أو نمضي إلى ما نهانا القرآن الكريم عنه: (كلما دخلت أمة لعنت أختها). لكن الحاكمين المتحكمين بمصائرنا، ما تركوا لنا سبيلاً للسكوت أو غض الطرف. إننا نشهد على تهدم أو تهديم معظم ما بناه اللبنانيون خلال مائة عام أو أكثر. وهم إذ يقومون بذلك بحماس تدميري، يقفون في وجه كل محاولة للإصلاح والتغيير: 
- هناك الهدم المشهود لقطاع المصارف، وثروات اللبنانيين فيها، وللعملة الوطنية.
- وهناك الهدم المشهود للجهاز القضائي، وتحويله إلى سيف للاستنساب والتزوير بأيد معروفة.
 - وهناك الهدم الفظيع لعلاقات لبنان العربية والدولية، وقبل ذلك وبعده، محاولات بائسة للتعرض لهوية لبنان وانتمائه.
 - وهناك العدوان المستمر على الدستور، وعلى شرعيات لبنان الوطنية والعربية والدولية.
- وهناك هدم مبدأ الفصل بين السلطات، بحيث ضاعت المعالم بين الرئاسة والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية  ولصالح حزازات شخصية ومصالح سياسية بائسة.
- وهناك الإسقاط الفظيع لحرمات المؤسسة العسكرية وصلاحياتها والأجهزة المسلحة لصالح ميليشيا، بل ميليشيات خاصة، تأتمر بأوامر الخارج.
- وهناك الانتهاك المستمر بالفساد والاستئثار لموارد الدولة وسلطاتها في المطار والمرفأ، والمعابر الحدودية. وهي ممارسات تتردد جيوش محتلة في ارتكابها".
 
إلى ذلك، أكد دريان أنّه "على اللبنانيين سلوكه من دون تردد. كل اللبنانيين ينبغي أن يذهبوا إلى صناديق الاقتراع. يقول لنا كثيرون: وماذا يفيد ذلك، والانتخابات قد لا تغير، وأنا أقول كما قال الله تعالى: "إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون"، وهؤلاء هم الذين لا يثقون بأنفسهم وبإخوانهم. وأي بديل مهما كان يحصل نتيجة الانتخابات، أفضل من السلطة القاهرة والفاسدة. ويقول آخرون: لكن معظم المرشحين من الطينة نفسها، ومن منتهزي الفرص. وأنا لا أرى ذلك، بل الذي أراه أن كثيرين من المرشحين القدامى والجدد، هم أهل همة وصلاح وإرادة في التغيير. الانتخابات أولا تضاهي في أهميتها شعار: لبنان أولاً، الذي نادينا به جميعاً يوماً ما. ولا تزال له الأولوية. والأولى القول الآن: إننا محتاجون إلى وطننا في هذه الظروف، أكبر من حاجة الوطن إلينا، وعلى أي حال، لا وطن بدون مواطنين. لكننا نتصور بلدنا وطناً عزيزاً بدون متسلطين أو متسلقين، أو دعاة ميليشيات مسلحة".
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم