الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

حقائب خشبية لبنانية تُصدَّر إلى الخارج ... ثقة وفكرة أصيلة

المصدر: النهار
فرح نصور
حقائب خشبية لبنانية تُصدَّر إلى الخارج ... ثقة وفكرة أصيلة
حقائب خشبية لبنانية تُصدَّر إلى الخارج ... ثقة وفكرة أصيلة
A+ A-
دمجت ما بين ثلاثة مجالات مختلفة؛ الهندسة والعمل في الخشب والموضة، لتنتج حقائب من الخشب بأشكالٍ هندسية، تبدع في صناعتها وتضع بصمة خاصّة وفريدة في الصناعة اللبنانية. إليانا دميان، مصممة الحقائب الخشبية، تسرد إصرارها وتحدّيها الظروف الصعبة في لبنان لتصدير الصناعة اللبنانية، وإبراز الإبداع الكامن لدى اللبنانيين.
 
أسّست إليانا علامتها التجارية الخاصة Bois de lune منذ ثلاث سنوات، وكانت تدرس الهندسة وتساعد أهلها في عملهم في منشرة العائلة. ولطالما أحبّت العمل في الموضة ودخول هذا العالم. وفكّرت في الجمع بين شغفها وذوقها وصناعة الأخشاب، وأصبحت ترى في مخلّفات الخشب في المنشرة قيمة معيّنة يجب الافادة منها بدلاً من تلفها، وقرّرت حينها استخدامها في صناعة حقائب من الخشب. 
 
شرعت في أبحاثها لمعرفة ماذا يمكن فعله في الخشب، وكيف يمكن إدخاله على الأكسسوار. وأثّرت أيضاً خلفيّتها الهندسية في تصميم الحقائب، وهذا يظهر جلياً في تصاميمها، وبذلك دمجت ثلاثة مجالات مختلفة، وابتكرت أعمالها الحالية المميّزة والمبدعة. 
 
أدخلت المصمّمة مجموعة من الحرفيّين معها في صناعة حقائب الخشب، من حرفيّين في الجلد وآخرين في الخشب وغيرهم، إذ يشترك نحو ثمانية أشخاص في صناعة حقيبة واحدة. تروي: "لدى بحثي في صناعة الحقائب، لم أكن أتوقّع أن أجد أناساً بارعين إلى هذا الحدّ في هذا العمل في لبنان، وأنا أُسعَد كثيراً لدى تأميني العمل لحرفيين لبنانيين، فالحرفيّون المحليّون يصنعون من قلبهم، وصناعتهم ذات قيمة عالية لأنّها تأخذ وقتاً وجهداً وصبراً لإنتاج شيء فريد، فهي صناعة يدوية من ألفها إلى يائها مع نوعية موادّ وخامات عالية، وعمل الحرفيين اللبنانيين أكثر من رائع".
 
في بادئ الأمر، خافت إليانا من خوض تجربة صناعة هذه الحقائب، ومع مرور الوقت ازداد خوفها أكثر في ظل الأزمة التي يمرّ بها لبنان. لكنّها وجدت أنّ الناس يشجّعون الصناعة اللبنانية حالياً، فلدى أوّل معرضٍ قامت به في مار مخايل، انبهر الحاضرون جميعاً بهذه الصناعة اللبنانية العالية المستوى والذوق، "عندها لم أتردّد في الاستمرار". اندفعت حينها أكثر في العمل ونوّعت تصاميمها، و"اللبنانيون الآن يتّجهون لشراء كلّ ما هو لبناني ويبحثون عنه، وهذا يعطي اندفاعاً كبيراً للصناعيّين لأن يعطوا أكثر، ورغم أنّ الموادّ الأولية باهظة ولا يمكننا الحصول عليها كلّها، ما زلنا نستطيع الاستمرار".
 
تتميّز حقائبها بأنّها تبقى لـ 30 أو 40 عاماً، و"تصلح لكل زمان فأنا لا أواكب الموضة وصيحاتها في تصاميمي"، وفق إليانا. بالإضافة إلى أنّ تصاميمها مصنوعة من الجلد الأصلي ولا يمكن أن يتفتّت في يوم من الأيام. ويمكن صيانة وتصليح أيّ ضرر يصيب الحقيبة بعد استعمالها، فهي في النهاية مصنوعة من الخشب ومعرَّضة لأي ضرر، رغم أنّ هناك مَن يحتفظ ببعض الأضرار، ففي نظره أنّها تعطي تأثيراً عتيقاً أجمل للحقيبة. كذلك تستخدم في حقائبها الجلد الأصلي، وتطلي الأكسسوار بالذهب كيلا يبهت لونه مع مرور الوقت. وتستخدم أنواع الخشب المختلفة من جوز وسنديان وغيرهما. وأحياناً تحرقه لإضفاء لون أجمل على القطعة، وتدهن الخشب أخيراً بطبقة عازلة عن الماء والشمس.
 
تصدّر إليانا تصاميمها إلى الخارج وبشكلٍ خاصّ إلى دول الخليج، فالأجانب يقدّرون المنتَج اللبناني ويدركون كم يتحلّى اللبنانيون بقوّة وقدرة في هذه الصناعات. ويشتري تصاميمها أجانب ولبنانيون مغتربون. "أُسعد لدى شراء الزبائن من تصاميمي، وأفرح عندما أشعر بأنّني أساعد اللبنانيين ولو بطريقة غير مباشرة بدعم الاقتصاد اللبناني، من خلال إدخال أموال من الخارج إلى لبنان"، تقول المصممة. في رأيها "ليس صعباً الانطلاق بعملٍ خاصّ، طالما هناك فكرة أصيلة وحقيقية، وخصوصاً أنّ التكنولوجيا وفّرت مواقع التواصل المجّانية التي يمكن التسويق بسهولة عبرها، ويمكن لأيّ منتَج أن يصل من خلالها إلى كلّ العالم، فأنا صدّرت إلى أميركا بعد شهرين فقط من انطلاقي في الصناعة".
 
تكرّر مراراً أنّ "لدينا قوّة هائلة في لبنان، ويمكننا العمل هنا والتصدير إلى الخارج، فاللبنانيون في الخارج قادرون على دعمنا ومساعدتنا في أوضاعنا الصعبة في لبنان. لكن لن يبقى الوضع على حاله، فاللبناني مبدع وعلينا أن ننظر دائماً بشكلٍ إيجابي، فإيلي صعب وزهير مراد أوصلا لبنان إلى العالمية، ونحن قادرون على أن نسير بالمسار نفسه". ورغم أنّها رأت الناس محبطين في الفترة الأخيرة، وكانت واحدة منهم، لكنّها استعادت نشاطها وصمّمت على إكمال مسيرتها وعملها رغم كل الظروف، فـ"أنا أثق بلبنان طبعاً، ولو أنّ المرء في وقت ما يفقد الأمل في ظل الظروف الراهنة، لكن مجرد الاستمرار بطلب تصاميمي هو رسالة مفادها لا تتوقّفي عن العمل! وسماعي عبارة "لا أصدق أنّ هذا المنتج لبناني، يعيد ثقتي في لبنان أكثر"، تقول إليانا.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم