الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

الحقيقة رقم 1: بعد ما حدا تعاقب عالجريمة... جوزي وسكاي

المصدر: النهار
فرح نصور
الحقيقة رقم 1 : بعد ما حدا تعاقب عالجريمة ... جوزي وسكاي
الحقيقة رقم 1 : بعد ما حدا تعاقب عالجريمة ... جوزي وسكاي
A+ A-
في حيٍ شعبي في المدّور، المنطقة المحاذية للمرفأ، تسكن عائلة زوين في الطابق الثامن من أحد المباني. لدى وصولنا ظهر المبنى مطلياً باللونين الأبيض والبنفسجي الفاتح، وسط مبانٍ، بعضها مرمم ومطليّ حديثا، وأخرى قيد الترميم. لكأن المنطقة تخرج من الدمار بعد عام على وقوع الانفجار المأسوي. 
 
من الشرفة، فوجئنا بمشهد الصوامع المدمَّرة، وبمدى قرب المبنى من المرفأ. فرؤية مشهد الميناء من هذا الموضع كفيلة باسترجاع يوم الفاجعة في الذاكرة. 
 
تروي ديانا وبناتها الثلاث كيف نجون من الموت في ذلك اليوم المشؤوم: "رأيت ألسنة النيران تتصاعد من المرفأ وبدأنا بتصويرها ومشاهدتها مع بناتي من على الشرفة". عند الساعة السادسة بالضبط انقطعت الكهرباء، ما دفع بهنّ إلى ترك الشرفة، متّجهات إلى الداخل بعد نداء جارة ديانا وإيعازها بإطفاء جميع الإلكترونيات.
 
ابنتها سكاي، ذات الـ 8 سنوات راحت تصلّي. أختها جوزيه أكملت إعدادها للطعام في المطبخ. طفلة ديانا، كاتي، ذات الثلاث سنوات، كانت في غرفة النوم.
قالت ديانا إن سكاي المرتعبة، هرعت، بعدما اشتدّ "صوت الطيران" إلى الدرج، ثم انبرت الأخيرة تروي: "لدى وصولي إلى الطابق السابع وقع الانفجار ولم أعد أستطيع سماع أي شيء".
 
قبل هذه الأثناء بنحو دقيقة، كانت ديانا تصرخ داعية سكاي لتأتي إليها، وجوزيه تصرخ منادية أمّها التي لم تسمعها. قالت جوزيه: "كنت أبحث عن مفاتيح السيارة لكي نتحرّك سريعاً، لكنّني لم أجدها. وصلت إلى الصالون ووقع الانفجار، تسمرت في مكاني خمس ثوان، ثم شعرت أنّ شيئاً ما دفعني إلى خارج المنزل، وأُغلق باب المنزل من الضغط، ورغم ذلك لم أخف البتة".
 
نجت العائلة كلّها بأعجوبة، ولم يُصب أي منها بخدش واحد. لدى استرجاعها هذه الذكريات، روت ديانا أنّ "كل حركة قامت بها عائلتها كانت مدروسة بالثواني من العناية الإلهية، فنحن نجونا بأعجوبة. حتى زوجي، كان يقود سيارته على جادة شارل حلو التي دفعها الإنفجار إلى مكان آخر وأتُلفت من بعدها، لكنه لم يُصب هو بأي أذى". 
 
هل تخطيتم تبعات الإنفجار؟ ديانا: "حتى الآن لم يمرّ عام على الكارثة بالنسبة إلي، فنحن لا نزال في 4 آب 2020 رغم أنّنا صلّحنا ما دمرّه الانفجار في منزلنا. عندما أنظر إلى الإهراءات أشعر بفظاعة ما حدث، فالمشهد مخيف، ونحن لا نزال في قلبه ولم نتخطَّ أي شيء". 
 
استولى الخوف على سكاي وجوزيه وسيطر عليهما التأثير النفسي اثر الحريق الذي اندلع في المرفأ بعد فترة من الانفجار، إلى درجة أنّ سكاي خضعت لعلاج نفسي ولا تزال تتابعه حتى الآن، هي التي رفضت لمدة شهرين زيارة منزلها ومنطقتها.
 
بالنسبة لجوزيه، فإنّ "أي شيء يُذكر عن الإنفجار، يجعلني أستعيد ذلك اليوم بتفاصيله. بقيت لثلاثة أشهر، وفي الرابع من كل شهر، أحلم وكأنّني في يوم 4 آب". 
تقول ديانا :"كان أثر الإنفجار هائلاً في نفسنا جميعاً"، مضيفةً "أنا عشت الحرب اللبنانية وأُصبت خلالها، لكن الانفجار كان فظيعاً وهو اعتداء علينا ونحن في بيوتنا". 
 
كان هول الحريق الثاني أقوى من الانفجار، و"كان مخيفاً وشعرنا أنّنا في خطر، وفقدنا أعصابنا جميعنا وتركنا المنزل وفررنا".
 
لا تأبه سكاي لمعرفة مرتكب هذه الجريمة، لكن جوزيه تقول: "من المؤكّد أريد أن أعرف مَن هو الذي بسبب فعلته، أصبحت أخاف من كلّ شيء حولي".
 
تسأل سكاي مرتكب هذه الجريمة  ببراءة الأطفال: "جرحت الآلاف وشرّدتهم، كيف لم تسجن نفسك؟".
 
رغم ذلك كلّه لم تفكّر ديانا بتاتاً في الانتقال من المنزل، "فموقعه جميل ورغم أنّني أرى المرفأ كل يوم، لكنّني لن أعتاد على هذا المشهد. لا خيار آخر أمامي، ولدى نظري إلى الصوامع المدمّرة، أسأل نفسي متى سنعرف من ارتكب هذه الجريمة اللاإنسانية؟".
 
توجّه جوزيه رسالة إلى القاضي بيطار: "شكراً لتحمّلك مسؤولية التحقيق في هذا الإنفجار الذي خرّب حياة كثير من الأشخاص، وأطلب منك التسريع في محاكمة الفاعلين، فالناس لا يسعها الإنتظار، ومن حقّنا معرفة السبب والفاعل".
 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم