حينما يرفع سبابته ويعقد حاجباه، يحبس العراق أنفاسه: ما زال الزعيم الشيعي مقتدى الصدر المتهم بأنه سريع الغضب، يحتفظ بهالة كرجل دين، وبدور يشكل الكفة الراجحة في التوازن السياسي في البلاد.
وأثبتت النتائج الرسمية للانتخابات التشريعية التي جرت في تشرين الأول في العراق، أن مقتدى الصدر لا زال يتمتع بقاعدة شعبية واسعة، إذ فاز تياره بالكتلة الأكبر في البرلمان.
وبالتالي، سيكون رجل الدين المعمّم أكثر من أيّ وقت مضى اللاعب الذي لا يمكن تفاديه في المفاوضات المقبلة لتشكيل حكومة في العراق.
وحقّق التيار الصدري تقدماً ملحوظاً، من 54 نائباً في البرلمان السابق إلى 73 في البرلمان الجديد، من أصل 329.
وحقّق التيار الصدري تقدماً ملحوظاً، من 54 نائباً في البرلمان السابق إلى 73 في البرلمان الجديد، من أصل 329.
وأطلق مقتدى الصدر عبر منصة "تويتر" رسائل سياسية عديدة ترافقت مع المفاوضات للتأسيس لتحالفات سياسية مع قوى أخرى. وعلى الرغم من أن له صلات وعلاقات في إيران، لكن تثير تعليقاته غالبا غضب أولئك المقربين من طهران.
وهو لا يتردّد في المطالبة مثلا بحل "الميليشيات"، وبدعوة أنصار الحشد الشعبي، الفصائل الموالية لإيران التي رفضت نتائج الانتخابات بعد أن سجّلت الكتلة الممثلة لها "الفتح" تراجعاً إلى وقف الضغط.
وقال في تغريدة أخيراً "لا ينبغي التدخل في عمل القضاء والمحكمة وفي تصديقها على النتائج التي يريد البعض تغييرها ليتمكنوا من تعطيل حكومة الأغلبية التي استاؤوا من بوادر إشراقتها".
"احتلال الشارع"
ويعتمد الصدر على دعم جمهور لا يستهان به من الطائفة الشيعية، أكبر المكونات في العراق.
ويعتمد الصدر على دعم جمهور لا يستهان به من الطائفة الشيعية، أكبر المكونات في العراق.
ويشرح الباحث في مركز "واشنطن إنستيتوت" حمدي مالك أن الصدر "قادر على احتلال الشارع، وليس لأحد القدرة على منافسته في هذا الميدان".
ويضيف أن الصدر "هو الشخصية المحورية في تياره، وهذا أمر مهم في العراق"، حتّى لو أنه أحياناً يناقض نفسه ويبدّل مواقفه بين يوم وآخر.
وأرسل الصدر الآلاف من مناصريه إلى الشارع خلال الاحتجاجات الشعبية في تشرين الأول 2019، لدعم المتظاهرين المطالبين بتغيير الطبقة السياسية الفاسدة. لكنه سرعان ما دعا مناصريه لمغادرة الشارع، ليدعو بعد ذلك إلى "تجديد الثورة الإصلاحية السلمية".
ويشير الخبير في التيارات الشيعية في جامعة "أرهوس" في الدنمارك بن روبن دكروز إلى أن الصدر "يحاول موضعة نفسه في مركز النظام السياسي، مع أخذ مسافة منه في الوقت نفسه. موقعه كرجل دين يتيح له أن يوهم بأنه أكبر من السياسة".
وشكّلت ملفات مكافحة الفساد وإعادة إعمار العراق مواضيع حملته للانتخابات التشريعية المبكرة، فيما لعب أيضاً على الوتر الوطني.
"تسوية"
ولد الصدر في العام 1974 في الكوفة قرب مدينة النجف جنوب بغداد. وجهه مستدير ولحيته غزاها الشيب.
ولد الصدر في العام 1974 في الكوفة قرب مدينة النجف جنوب بغداد. وجهه مستدير ولحيته غزاها الشيب.
ينحدر الصدر من سلالة رجال دين شيعة، "أسياد"، كما يشرح حمدي مالك، لكن يردف أن "ذلك، وحده، لا يكفي لتفسير مسيرته".
فهو ورث شعبيته الكبيرة من والده محمد صادق الصدر، أبرز رجال الدين الشيعة المعارضين للرئيس الأسبق صدام حسين الذي قتله مع اثنين من أبنائه في العام 1999.
ومنح هذا النسب المرموق دفعا شعبيا لمقتدى الصدر، فكان أحد أبرز الشخصيات التي لعبت دوراً أساسياً في إعادة بناء النظام السياسي بعد سقوط صدام حسين في العام 2003، وقاد إحدى أكثر الحركات الشيعية نفوذاً وشعبية في البلاد.
بدأت مسيرته بمعارك ضارية مع القوات الأميركية التي اجتاحت العراق في 2003، وصولاً إلى نزاع حاد مع رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي الذي حكم البلاد بين العامين 2006 و2014.
حلّ بعد ذلك ميلشيا "جيش المهدي" المؤلفة من 60 ألف مقاتل، لكنه أعاد تفعيلها بعد اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني مطلع العام 2020 في ضربة عسكرية أميركية في بغداد.
تبقى علاقته مع إيران إحدى أكثر المسائل إثارة للجدل.
وفي حين تبنى في أعقاب احتجاجات العام 2019 خطاً قريباً من الحشد الشعبي الموالي لإيران، بات الآن يدافع عن خط أكثر "وطنية".
ويرى دكروز أن الصدر "يسعى إلى تسوية مع إيران تسمح له بمنافسة حلفائها على الساحة السياسية مع الخروج في الوقت نفسه عن نطاق سطوتهم، لكن إيران لا ترى في الصدر شخصاً يمكن الاعتماد عليه".
ورغم أن شخصيته تحفل بالتناقضات والتقلبات، لكن الجميع، حتى معارضيه، يقرون بأنه لا يزال يحتفظ بقاعدة شعبية قوية تستجيب له. ولا يتوانى هؤلاء عن ملاحقة منتقديه على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويقول مالك "لم يسمح لأحد أن يطغى عليه على رأس الحركة، ولذلك غادرها كثر وطُرد منها كثر".
العلامات الدالة
الأكثر قراءة
المشرق-العربي
12/11/2025 6:15:00 AM
قذائف المزّة والعمليتان اللتان لم يفصل بينهما شهر تحمل رسائل تحذيرية إلى الشرع وحكومته، والرسالة الأبرز مفادها أن القصر الرئاسي تحت مرمى الصواريخ.
المشرق-العربي
12/11/2025 2:25:00 AM
إنّها المرة الأولى التي تتهم المنظمة "حماس" وفصائل أخرى بارتكاب جرائم ضد الانسانية.
المشرق-العربي
12/11/2025 2:10:00 PM
شدد على ضرورة منح المحافظة حكماً ذاتياً داخلياً أو نوعاً من الإدارة الذاتية ضمن سوريا كوسيلة لحماية الأقليات وحقوقها.
اقتصاد وأعمال
12/11/2025 10:44:00 AM
تكمن أهمية هذا المشروع في أنه يحاول الموازنة بين 3 عوامل متناقضة: حاجات المودعين لاستعادة ودائعهم بالدولار الحقيقي، قدرة الدولة والمصارف على التمويل، وضبط الفجوة المالية الهائلة التي تستنزف الاقتصاد