السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

معرض لأمل جعاره قمر: لوحات صارخة بين جشعنا وإنسانيّة الحيوان

المصدر: "النهار"
روزيت فاضل @rosettefadel
الصراع نحو الحرّية
الصراع نحو الحرّية
A+ A-
يدور المعرض المنفرد للفنّانة التشكيليّة أمل جعاره قمر المستمرّ إلى ظهر الثلثاء المقبل، في فلك المشاعر المتناقضة جدّاً، من خلال جملة لوحات بألوان صارخة أحياناً، ومنتفضة أحياناً، في حوار غير متكافئ بين الإنسان والحيوان.

في مقرّ جمعية "ربيرث بيروت" في شارع الجمّيزة، أرادت قمر أن تعرض، وقبل أيّام قليلة من الذكرى الرابعة لاغتيال بيروت وناسها في 4 آب 2020، جملة لوحات زيتيّة وأخرى بالحبر الصينيّ، ببعد تجريديّ إلى حدّ ما، تجربة صراع حادّ بين عالمَي الإنسان والحيوان، متّخذة تجربة مصارعة الثيران كنواة لعرض ميزان القوّة، الذي ينتصر غالباً فيها الحيوان على الإنسان.
 


اللون الأحمر يطغى على العمل كأنّه يهدر في محيط اللوحة، إيذاناً بالصراع، الذي فرض نفسه على الساحة، أو حتّى في هذه الحياة المليئة بالمفاجآت، وما أكثرها.

ظهرت من أعمال قمر الرحمة عند الحيوان أكثر من الإنسان... وهذا منطقيّ كون الحيوان يدافع عن نفسه، وعن بقائه بدافع غريزة البقاء، في حين أنّ الإنسان يتوق إلى مصالحة ذاتيّة تجعله يبتعد طوعاً عن المصلحة العامّة.

هذا الصراع لا يركّز على القوّة فحسب، بل هو مسار للحركات المتتالية في عرض القوّة بين الإنسان والحيوان... هل طرحت هذه الحركات بتمايلها بؤسنا، أنانيّتنا، تناقضاتنا، هيمنة الطاغية علينا؟!
نقطة انطلاق الأعمال هي بداية رسم من خلال الدائرة المتحرّكة لإتمام اللوحة، وهو أساسيّ لإكمال القصّة في كلّ منها... هل هو دلالة على دوّامة الصراع والألم والخوف من ولادة جديدة؟
 


هذه الولادة الجديدة هي رجاؤنا، وبصيص الأمل في آخر النفق، في عمقه، وفي سواده. نقلت قمر، التي أرادت نقل تجربة حياة فيها صراعات، في لوحتين كشفت في كلّ منهما التوق إلى التحرّك البشريّ نحو الحرّية من خلال مجموعة من البشر، في صفوف متلاصقة وفي بحث مستمرّ ودائم عن فسحة أمل، عن توق نجاة يقودنا إلى التغيير الآتي إلينا دون أيّ محال.

هل هو نموذج فقط عن لبنان؟ لا نعتقد ذلك لأنّ للرسم رسائل كونية توّاقة إلى الحرّية لكشف النقاب عن رغبة دفينة في طرح الصوت عالياً... الألوان تعكس تحرّكاً بشريّاً على شكل ظلال واضحة المعالم لتوقنا إلى الحرّية، إلى حرّية مدينتنا المجروحة، إلى لبنان المتأزّم.

بَنَت قمر صداقات عبر الأشكال والألوان مع الحيوانات لأنّها أكثر ثباتاً من البشر، وأكثر تحرّراً منهم... ويظهر ذلك من خلال عرضها في المعرض نفسه منحوتات ثلاث هي النمر بهامته التي ترمز إلى الوحشيّة أو القوى الضاربة جدّاً، وصولاً إلى الثور بجبروته، مروراً إلى منحوتتين لهرّتين تتبادلان مع الزائر ملامح الجمال والنعومة.
 

للحيوانات عند قمر شخصيّات وملامح تحمل خبايا مهمّة جدّاً، وتبرز جاذبيّتها إلى عالمنا... يحمل المعرض رسائل عدّة عن الحبّ والتوق إلى التفاهم، إلى توقّف
العنف بين الناس. هي مجموعة كوريغرافيّة لما نحن عاجزون اليوم عن تحمّله، ذلك العجز الشديد القائم على الاستسلام لواقعنا المرير، ولكلّ ما لا يشبه عالم الإنسانيّة القائم على الشراكة مع الآخر.
 
يطرح المعرض أسئلة محرجة عن معنى وجودنا في مساحة محكومة بالعنف، تتفشّى فيها قوّة غير متكافئة مع الآخر، يكون فيها الحيوان أكثر رحمة مع الإنسان، حتّى ممّا عليه البشر بين أنفسهم.

rosette:[email protected]

Twitter:@rosettefadel



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم