السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

‎قصص ملهمة لأربع أمهات... أحبّي نفسك أيضاً وأولاً

المصدر: النهار
جودي الأسمر
جودي الأسمر
 أمّهات من لبنان (النهار)
أمّهات من لبنان (النهار)
A+ A-

ليس صدفة أن يتزامن عيد الأمّ مع عيد أمّنا الأرض التي تحتفي بالوفرة والخصوبة والجمال بحلول الربيع. لكن طقوس وأدبيات عيد الأمّ غالبًا ما تترافق بمضاعفات عكسيّة تثقل الدور الأمومي بمثاليات حدّ القداسة، تعزز بمرور السنين لدى الأمّهات معتقدات محدودة تقيّد الأمومة بمعايير التضحية والعطاء اللامحدود، فصار هذا العيد دعوة للأمّ بأن تنسى أنها أنثى، ولنكران قيمتها الإنسانية فيجعلها مشروطة بالأمومة.
إزاء هذه الموروثات المجحفة، ومن خلال تسليط الضوء على قصص أمّهات من لبنان، توجّه "النهار" تحيّة لكلّ أمٍّ تعيش على هذه الأرض التي أوهنتها الأزمات، ورتّبت على الأمّهات مسؤوليات استثنائية على المستوى الاقتصادي، تضاف إلى توقعات اجتماعية لا تكفّ عن تحميل الأعباء للأمّ. وكثيرًا ما ينطوي هذا التنميط على سعي الأمّ لتثبت أنها "الأمثل" أو لتطابق أمومتها معايير المجتمع الذكوري في قوانينه وأعرافه وأحكامه المسبقة.

قد تختلف قصص الأمهات التي سنرويها اختلاف خطوط القدَر في راحة اليد، إلّا أنّ المشترك بينها، هو "خيار الأمومة"، وكيف مارست كل امرأة أمومتها، من خلال مسار نابع من الذات  وليس مفروضًا من المجتمع. وهي حين لم تعد زوجة، اختارت أن تكون الأم والأب معًا. الدعوة اليوم لكل أمّ أيضًا، ألا تنسى نفسها، فالأمومة خيار لا إجبار. الأمومة ممتعة لمن اختارتها، ومتعبة عبر كل المجتمعات والأزمنة.

مروة ملقي: "ثورات" في أمومة



هزمت مروة السرطان في عقر دار الأمومة، رحمها، وقد أصابها وهي لم تناهز ٢٢ سنة، ثم أطاحت مخاوف الحمل وأنجبت طفلها طه. ثم وقع الطلاق الذي تصفه بـ"نقطة تحوّل". بعد فترة وجيزة، أقدمت على زواج ثانٍ، لم تكن تعلم بأنه "هروب إلى الأمام"، فاتخذت قرار الطلاق مرة أخرى بعدما أنجبت طفلها عدنان.

لقد خاضت مروة ملقي (٣٠ سنة) جلجلات كبيرة، تتعايش مع أثمانها غير البديهية بالنسبة لأمّ عزباء في مجتمع يغص بالتصورات النمطية المنحازة ضدها. لكن مروة، ممتنّة لأمومتها، تقول: "أخفقت وأصبت، لكن الأهم أنني تبنيت في أمومتي مسؤولية كل تجاربي، فتصالحت مع ذاتي. هذا هو الانتصار العظيم".
 تعيش اليوم مروة بأمل وإقدام هائلين على الحياة ينعكسان على ملامح وجهها
اللطيف. تحتضن ابنيها في منزل أهلها، تربّي، تعلّم وتعيل، وتتولى الالتزامات المادية عن والدها المتقاعد. الأم، والعاملة الاجتماعية الناجحة على رأس وحدة في "مؤسسة الصفدي"، وصاحبة الصوت المميز الذي يتحلق حوله المتابعون على إنستغرام، فقررت أخيرا صقل موهبتها في الغناء، تضع تفاصيل تجربتها بمتناول الفتيات والنساء، هامسة لكل أنثى "من "ثار" على الدرب وصل إلى حيث لا يصل الآخرون".

والثورة بمفهوم الأم العزباء "ليست معنى العدوانية وتدمير كل ما أمامها. أن تمتلكي خيارك، وتعيشي حياة منسجمة مع خيارك المدروس والنابع من اقتناعك الخاص، سواء هو عكس المجتمع أو ضده".

اعتمدت مروة هذه القناعة أسلوب حياة، وحقها بالقرار كإنسان لا يرتبط بالضرورة مع أمومتها أو حتى أنوثتها.  تقول: "رفضت الخضوع للعلاج الكيماوي لأنني علمت أنه سيحطّ من حيلتي في متابعة دراسة الجامعة، وكنت على أبواب التخرج. فضلت الاعتماد على الغذاء الصحي الغني بالخضار والفواكه وامتنعت كلياً عن السكاكر. أنا مؤمنة بعلم الطاقة وببرمجة دماغنا على الحقيقة التي نريد، كنت أقف كل يوم أمام المرآة أردد: "مروة أنت قوية، ستشفين". لم يكن المسار سهلاً. كنت أخضع ثلاث مرات أسبوعياً لفحص دم، وقد تبين أن السرطان تكاثر، وخضعت لعمليتين في الرحم بخطورة الإجهاض، لكنني نجوت. أؤمن بأنّ تكتّمي عن المرض ساعدني في تخطيه، لأنّ نظرات الشفقة غير المتقصدة قد تحط عزيمتك. حتى أمي، أخبرتها الطبيبة بمرضي تحت إلحاحها".
في محطة لاحقة، خلعت مروة حجابها "وهنا انهالت عليّ أحكام المجتمع. "تطلّقت فخلعت الحجاب، ماذا بعد؟". حقيقة الأمر، أنّ هذا القرار متمخّض من تفكير في الدّين قبل زواجي لا بعد الطلاق. وتعرّضت بكثافة لمعتقدات ذكورية أخطأت باعتبار المرأة المطلقة هشّة نفسيًا. بعد زواجي الثاني، لم أجعل الطلاق بابًا لضعفي، بل تابعت المسار القانوني لكي أستحصل حقي وإن كان رمزيًا".

مروة الّتي تتحمل تبعات شراء منزلها بقرض من الإسكان، تستقلّ قريباً في بيت صغير مع ابنيها، بفضل حسن إدارتها لمعاشها بالرغم من كل الأزمة. تستمع إلى معاناة الأمهات بلوعة وأحياناً تتماهى مع آلامهن فتبكي.



تبقى الأمومة ذلك الوتر الرهيف الذي حاك أقسى مفصل في حياة مروة، "حين انتزع طليقي طفلي الرضيع عدنان ومنعني رؤيته لشهور. كنت أتلقى منه رسائل من أرقام مجهولة، يقول بأنه اختطف ابني إلى سوريا. لكن عدنان اليوم في أحضاني. وبعد تجاربي، صرت مقتنعة بسلام داخلي، بأن المؤسسة الزوجية ليست مكاني، وأعلم أن هذا لا ينتقص أمومتي على الإطلاق."

أمّ متعب: "المجتمع لم ينصفني"



قد يضلّ المارّ طريقه إلى "سوق الحشائش"، المكوّن من زقاق صغير محاذٍ للمسجد المنصوري الكبير. لكن إن سأل عن "أمّ متعب"، سيصل حتمًا. أصبحت بائعة الحشائش منذ 33 سنة، معلمًا من معالم هذا السوق المنسي، وأمًّا للجميع.
اسمها فاطمة، وأعطتها الحياة اسمًا آخر حملت منه نصيبًا. بعد وفاة زوجها منذ 23 سنة، وجدت الأم نفسها المعيلة الوحيدة لأسرة مكوّنة من 7 أبناء، اعتاشوا من بيع الأم للحشائش، التي لم ترتضي إلا أن يكمل أولادها تعليمهم، واعتمدت على نفسها "حتى لا أنكّس جبيني لمخلوق"، بحسب ما تقول لنا.
بين رزم وأكوام الـ"خبيزة، والشومر، والقلقاس، والكرات، والمشكلة، والمسيكة، وغيرها من الحشائش"، تستقبلنا أمّ متعب بوجه بشوش، حفر عليه الزمن خطوطًا متقدّمة عن سنواتها الـ58. بين تحية تبادلها مع مشاة، واستفسار من زبونة، أو نصيحة عشبية تسديها لأحد السائلين، تكمل لنا قصّتها: "ابنتي الكبرى مهندسة ديكور، وابني الثاني مهندس مدني، يكمل هذه السنة الماجستير. ربيتهم برموش العين. ربي رزقني القوة والنعمة".
 تشرح بنبضٍ عالٍ كيف توفق بين قطاف الحشائش وبيعها: "الطبيعة هي مكان وفير ولا يخذل، مهما ضاقت الظروف بنا.
أداور أيام الأسبوع بين السوق والحقل. أنزل يوماً إلى السوق، في حين أمضي يوماً آخر في البرية لتأمين الحشائش".
هذه الأمّ الصلبة، تخونها دمعتها حين تتذكر ابنها مهيد: "ارتحل إلى ألمانيا عبر البحر، منذ 6 سنوات، ولم أعد أراه. لا أنسى الليلة التي تركنا فيها ليسافر في قارب مطاطي، وعمره لا يتجاوز الـ18، بدون أن أقوى على منعه. عزائي أنه اليوم بخير ويساعد إخوته، لكن أحلم باليوم الذي أشمه فيه وأضمه".

وإذ تعطي أمّ متعب مثالاً لقدرة الأمّ في التأقلم مع مشقات الحياة، تعتقد أن المجتمع لم ينصفها: "المرأة هنا لا تزال في مهب المجهول. لو أن بلادنا تنصف المرأة لما لازمت مكاني في السوق لفرم الحشائش وبيعها، لكنني أحمد الله على عملي الذي يكفيني حاجتي لسواه".

إنعام خالد: "الأمومة ليست الكمال"


استطاعت إنعام خالد، الأم لحمزة (21 سنة) وياسمينة (17 سنة)، أن تكون أيضًا الصديقة والأمان. روحها المرنة وشخصيتها المتفائلة ساعداها على تخطي محنة انفصالها عن الزوج، فتخطى معها ولداها الغمامة النفسية التي تداعت عليهما بعد الانفصال.
تقول: "تحدٍّ كبير أن تعلمي متى تستخدمين الشدة ومتى عليكِ التراخي. فأنا الأم والأب. ألعب الدورين معًا".

تدير إنعام الموارد البشرية في شركة توظيف، وتتطوع لإحياء وصون تراث مدينتها بيروت، تلتقط الصور وتتحرى قصص البيوت التراثية التي تلتقطها بعدسة الكاميرا، وتعرضها على صفحة جمعية "تراث بيروت"، حيث كانت "دينامو" المجموعة في المساعدة على مسح وترميم بيوت متضررة من انفجار 4 آب.
كثيرًا ما تتلقى مكالمات من ابنها وبنتها، يتفقدان سلامتها. "أبتسم حين تلاحقني اتصالاتهما يذكرانني بالحفاظ على سلامتي وأنا أتنقل بين البيوت الهشة والمهدمة: "ماما انتبهي ما توقعي"، "ماما اشتقتلك". الحبّ الّذي نمنحه لأولادنا لا بد أن ينعكس علينا".
تتعاطى الأم الشابة مع يومياتها بمنطق التوازن، وبمقولة "تفاءلوا بالخير تجدوه"، فلم تتخل عنها بعد اشتداد كورونا. تقول: "أنا اليوم طالبة سنة أولى "تسويق" في الجامعة اللبنانية، بعدما اكتشفت أهميته في عملي وهواياتي. وأجده متكاملاً مع تخصصي السابق في إدارة الأعمال. جميعنا محجور، لماذا لا نغتنم الفائض من أوقاتنا في أمر مفيد؟".

وتقول إنعام لكل امرأة: "أنت كاملة، وبداخلك قوة كامنة ليست بحاجة لمن يكمّلها. الزّواج خيار لا يزيد أو ينتقص من قيمتك وقوتك، وكل أنثى تمتلك جمالاً تتفرّد به عن سواها. اكتشفي مكامن قوتك، ولا تنسي أن تعتني بنفسك إن أصبحت أمًّا".

صفاء المصري: "أنا وبناتي فريق"



بعد توقف أعمال الزوج في الإمارات، عادت صفاء المصري (38 سنة) وعائلتها إلى لبنان، تشق مسارًا جديدًا لم يكن أقلّ وعورة. استنفد الزوج سبل البحث عن فرصة عمل، فقررت الأم لخمس بنات أن تستثمر شغفها في إعداد رقائق القرفة
Cinnamon Rolls، والتحقت بدورة لريادة الأعمال في حاضنة Shift، ثم دورة أخرى في "الضيافة" نظمتها جامعة LAU. لم يقف طموح هذه الأم عند شهادة البكالوريا وزواجها في سن صغيرة، وتمكنت من فتح باتيسري خاص بها أسمته Cinnarolls، يعيل أسرتها المكونة من خمس بنات، استمرت به بعد طلاقها من زوجها، كأنه شراكة نسائية متكاملة الأدوار.
تقول: "مجتمعنا يريد تعليب المرأة في دور واحد، ويظلمها في أحكام كثيرة. أتعلمين أن أحد أسباب طلاقي هو لأنني لم أنجب صبيًا؟ لكنني أرفض أن ألعب دور الضحية. أمومتي أعطتني القوة. وبناتي هنّ قدوتي لأنّهن صامدات مثلي. هنّ الكتف والرفيقات والعصامية التي نشترك بها لنعتمد على أنفسنا اقتصاديًا".
وتشرح: "ابنتي الكبرى تخصصت "مراقب صحي"، وابنتاي الوسطيان درستا المحاسبة، فتكاملت أدوارنا معًا"، أما الصغريان، وهما توأم، "تهويان تزيين الحلوى معي. أحاول التوفيق بين عملي والمدرسة، فأصطحبهما معي الى المحلّ لمتابعة الفروض المدرسية".

تتحدث الأم عن اجتماعات في كلّ مساء "بيني وبين بناتي، لجرد حسابات اليوم ولشكر الله على نعمه. هي أيضًا مساحة دعم نسائية لنبقى فريقًا واحدًا متمسّكًا بقوته وإنتاجيته".
وبعد نجاح تجربتها، وتداعي المطاعم والتجار لترفدهم صفاء بالرقائق والحلوى، تحتفي الأم اليوم بانتقالها وبناتها الى محلّ، وتنصح كل أم بـ"الابتعاد عن الناس السلبيين الذين يقولون إنها لن تستطيع. أناس كثر حاولوا إحباطي، وقالوا لي إنّ الوضع الاقتصادي الصعب يمنع الجميع من الإنتاج، كيف ستبدأين من الصفر وأنت في هذه السن؟ لكن تجربتي أثبتت لنفسي أولاً العكس. بناتي كنّ الداعمات لي، وليس أجمل أن تكوني أمًّا لبنات. نحن نكبر سوية".

"كورونا" والأمّ: اختزلت أدوار المجتمع

وفي قراءة نوعيّة لدور المرأة الأم في داخل أسرتها، منذ نهوض المجتمعات الزراعية، وصولًا إلى التحديات الاقتصادية التي تفرضها المجتمعات الحديثة، وتأزمها بعد تفشي "كورونا"، تتحدث "النهار" إلى الباحثة في علم اجتماع العائلة آنّا عازار، الّتي تبيّن النقاط المشتركة الّتي نمّطت دور الأم، إلى جانب الفوارق التي ميزته عبر الأزمنة.
تورد الباحثة أن "الأم في المجتمع الزراعي كانت تساعد الرجل في أعمال الأرض، لكن عملها كان غير مأجور، وهي غالباً ما تساعد الزوج في العمل لكنها لا تساعده في الإنتاجية، لذلك نجد أن نسبة النساء اللواتي التحقن بالتعليم كان محدودًا جدًا. وهي إن تعلّمت، يقتصر علمها على الأعمال المنزلية التي تكتسبها من أمها قبل الزواج، وتساعد في تربية أخوتها، وتخضع لـ"التحضير" لكي تملي دورها الإنجابي لا غير، تهتم بالمسؤوليات الداخلية وتؤمّن جو الراحة والاستقرار داخل الأسرة".
ببروز المجتمع الصناعي، تلفت عازار إلى أن "لبنان لا يندرج ضمن المجتمعات الصناعية، على خلفية اقتصاده الذي لا يعتمد حقًا على الصناعة. لكن يمكن القول إن التطور الذي واكب النهضة الصناعية، والحركات التحررية في أوروبا، ساهمت في التأثير لإفساح المجال لتعلم المرأة وتقدمها علميًّا، والالتحاق في معترك الحياة المهنية على قدم المساواة مع الرجل، فأصبحت منتجة ومساهمة في الاقتصاد وشريكة في القرار. ووجود الأم إلى جانب الرجل في معترك العمل لم يقف عائقًا أمام اهتمامها بأسرتها، بل خلق ديناميكية جديدة ضمن البيت الواحد".
أما في ما يصحّ تسميته بـ"زمن كورونا"، نشهد ما نسميه "تراكب (
(superpositionأدوار الأم. أصبح البيت هو مكان العمل. لنتذكر أن المرأة هي الأم والمعلمة خلال "الأونلاين" حيث تضاعفت مسؤولياتها في التدريس ولم تعد مقتصرة على متابعة الفروض اليومية. كما كانت العاملة الأجنبية تساعد في تحمل أعباء العمل المنزلي، بخلاف اليوم. إذاً، على الأم أن تتولى أعمال الطبخ والتنظيف والتعليم ومتابعة وظيفتها المدفوعة. لقد أعطى زمن "كورونا" للأم العاملة كلّ أدوار المجتمع".
وفي حال غياب الأب، مثلما اقتضى الواقع في قصص مروة وفاطمة وإنعام وصفاء، يترتب على الأم "اعتناق دوره، لأن وجود الأبوين هو عامل توازن في الأسرة. وعند الانفصال أو وفاة الزوج، تحل الفرادة مكان الشراكة في أخذ القرارات والنهوض بأعباء الأسرة، ويصبح تأمين الدورين قائمًا على شخص المرأة، وتكون هي الأم والرجل. الأمر الذي يجعل نهاية المطاف أحد الدورين بارزًا لدى المرأة أكثر من الآخر. وكثيرًا من الامهات، في غياب الزوج، ينسين بأنهن نساء، لديهن حاجات وأحلام، وحين تنسى هذه الأم أولوياتها كامرأة، ستتعب، وأولادها سيشعرون بالعبء".

ولعلّ هذه القراءة الاجتماعية، في ضوء قصص وعبر استقتها الأمهات اللاتي تحدثنا إليهن، تذكير  لكلّ أم  بأن تحب ذاتها لأجلها ولمصلحة أولادها، سواء هي أم متزوجة، مطلقة، أرملة أو عزباء. يحمل العيد دعوة لكل أمّ بأن تهتم بنفسها، وتضعها أولوية، وأن تكفّ عن اعتبار الأمومة إلغاء لذاتها وكيانها من أجل الأسرة. فحتى الأم فاطمة التي أفنت عمرها في بيع الحشائش لتعليم الأولاد، تسأل اليوم عن ضماناتها الاجتماعية وتفهم أنّ حقوقها مهضومة في بلد يغصّ بأزمات عضوية ومستجدّة تضيّق على الأمّ، لكنها خاضت طريقها بكرامة وثبات، فاتكلت على نفسها وأنتجت وربّت وعلّمت. وغالباً ما تصل الأم بأبنائها إلى بر الأمان، بفضل نفسها وبرغم كل العوائق المادية والمعنوية، لأنها اختارت، فاستطاعت. هذا واقع وليس تبجيلًا.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم