الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

لمَن يرغب في أن "يبورِد" ويشحن هاتفه وحاسوبه... مبادرات تحاول تلطيف الجوّ

المصدر: النهار
فرح نصور
تعبيرية (من الأرشيف)
تعبيرية (من الأرشيف)
A+ A-
وسط النفق المظلم الذي يعيش فيه المواطن، وأحلكه جحيم غياب الكهرباء، الذي بات يشلّ القطاعات ويهدّد الكثرين بتوقّف أعمالهم، برزت مبادرات تكافل من أماكن تؤمّن الكهرباء مجاناً لمَن يرغب في شحن هاتفه، أو العمل من بُعد على حاسوبه، أو مجرّد الاستمتاع بالتكييف في هذا الطقس الحارّ. مبادرات تُظهر مدى شعور الناس ببعضهم أكثر ممّا يشعر بهم المسؤولون والمعنيّون.
 
 
كانت مبادرتها سبّاقة ومصدر إلهام للعديد من المطاعم. تروي ألين كامكيان، صاحبة مطعم Mayrig في مار مخايل، لـ "النهار"، أنّه بسبب هذه الأزمة، الجميع ومِن بينهم موظفو المطعم الشباب لديها، لم يكونوا يذهبون إلى منازلهم في أوقات استراحتهم إنّما يبقون في المحلّ للاستفادة من الكهرباء لشحن هواتفهم وما إلى ذلك من خدمات مرتبطة بالكهرباء. ومنهم مَن كان يأتي قبل الدوام ليتمكّن من الدراسة أونلاين أو للاستفادة من التكييف. 
 
وانطلقت ألين بالمبادرة من معاناة الشباب والناس، وارتأت أن تفتح أبوابها لمَن يرغب في أن يستفيد من وجود الكهرباء في المطعم، من دون اشتراطها طلب أيّ شيء أو شرائه من المطعم، "ففي جميع الحالات المولّد مُضاء".
 
ولم تكن الفكرة لتسويق المحلّ البتة، بحسب ألين، "إنّما للوقوف إلى جانب الناس ومساندة بعضنا البعض في هذه الظروف الصعبة. وكانت المبادرة عفوية بيتوتيّة ومنطلقة من معاناتنا جميعاً". فهناك أشخاص يعملون أونلاين ومن بُعد لشركات في الخارج، "كيف يمكن أن يستمرّوا في العمل من دون كهرباء تغذّي حواسيبهم وهواتفهم؟"، تسأل ألين. 
 
وتعبّر صاحبة المطعم عن سرورها لرؤية الشباب الزوّار يعملون على حواسيبهم النقّالة، مكوّنين شبه مكتب في مطعمها، حيث شكّلت "المبادرة هذه بسمة وأملاً وإيجابية، جميعُنا بحاجة إليها، وهذا ما أسعدني"، تسرد ألين؛ فهناك "الكثيرون تبنّوا هذه المبادرة في مطاعمهم، ونحاول أن نسند بعضنا منعاً لتوقّف أحد عن عمله". 
 
وتقول ألين: "مَن استوحى منّا وذكر ذلك قام بخطوة جميلة جداً. وما أحببته أنّ هؤلاء الأشخاص أظهروا فعلاً أنّ المطعم كان مصدر إلهامهم، وهذا يبرهن أنّ اللبنانيين لبعضهم، وأنهم يقولون كلمة حق"، ما يتّفق مع تأكيدات عدد من المطاعم على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي بشأن تبنّيهم هذه المبادرة المستوحاة من مطعم ألين.
 
وعن تأمين المازوت في ظلّ أزمة المحروقات الحادة، تؤكّد ألين أن "أكثر ما أكرهه هو الشراء من السوق السوداء، لأنّني لا أحبّ التشجيع على التخزين والتهريب، لكنّني اضطررت إلى أن أشتري المازوت على أمل أن تكون مرحلة قصيرة"، إلى جانب شركة المحروقات التي تتعامل معها منذ وقتٍ طويل وتدعمها بقدر المستطاع  و"لو بالقطارة". 
 
وفي مقهى Haven the cabin في جبيل، نجد المبادرة نفسها، حيث نشر المقهى على إنستغرام أنّه تبنّى خطوة Mayrig. ويقول صاحب المقهى، ميشال قصيفي، لـ "النهار"، "بما أنّنا ما زلنا قادرين على توفير الكهرباء بشكلٍ متواصل من كهرباء جبيل، فلِمَ لا نطبّق هذه الخطوة أيضاً لدينا؟"، مضيفاً أنّ "المبادرة هذه مجانيّة"، والناس بحاجة كبيرة إلى مواصلة أعمالها، سواء عبر الجوّال أو الحواسيب النقّالة، أو لأجل الجلوس فقط في مكان مبرَّد في ظلّ الطقس الحارّ.
 
وكان الإقبال كبيراً على هذه الفكرة، وفق ما يوضح قصيفي، الذي يُبدي سعادته "لرؤية الزوار الشعور فعلاً بأنّنا نساعد في مكان ما". ويتلقّى قصيفي كمّاً هائلاً من اتصالات الزوار فور انقطاع الكهرباء لديهم للمجيء إلى المقهى، فمعظم الناس أصبحت تعمل من بُعد. 
 
أمّا صالون التجميل We nail it في اللعازرية- وسط بيروت، فقد ذهب إلى أبعد من ذلك، وقدّم خدمات أخرى مرتبطة أيضاً بالكهرباء إلى جانب شحن الهواتف والاستفادة من التكييف، مثل كيّ الملابس وتنشيف الشعر والاستحمام، مجاناً أيضاً. 
 
وتروي صاحبة الصالون، زينب شعيتاني، لـ "النهار"، أنّهم من الناس الذين يعانون من الكهرباء إذ انقطعت في المحلّ لمدّة 4 أيام، واضطرّوا إلى إقفاله و"ذقنا لوعتها". 
 
وعندما فتحت الصالون مجدداً مع توافر المازوت "بصعوبة"، ارتأت زينب تقديم خدمات  مجانية، يستفيد منها الناس في صالونها، ونشرت ذلك على صفحتها في إنستغرام. وتشير زينب إلى أنّه "جرت العادة أن يأتي أحياناً بعض الزبائن للاستحمام لظروف خاصّة واستثنائية"، لذلك، عمّمت الخطوة على جميع مَن يرغب من السيدات، "فالظروف صعبة على الجميع، وأردت المساعدة بأي شكل".
 
وفكرة الكيّ جاءت من أنّ معظم زبونات الصالون هنّ من الموظّفات، وتدرك زينب جيّداً ضرورة أن تذهب الموظّفة إلى عملها بشكلٍ لائق، "لكن في هذه الظروف، غياب الكهرباء يُعيق هذا الأمر". 
 
وكان تفاعل الناس كبيراً مع هذه الخطوة، وكثيرون أعادوا بثّ منشور الصفحة سعياً منهم إلى الإرشاد للخير ومساعدة الناس، وفق زينب، التي تشدّد على أنّ "اللبنانيين طيّبون، وأبوابهم مفتوحة دائماً للغريب قبل القريب، وما زالت الدنيا بألف خير، وإذا خلت خربت".  
 
ولتأمين الكهرباء، استأجرت زينب مولّداً تزوّده بالمازوت من السوق السوداء، إلى جانب الكهرباء التي يؤمّنها المبنى. 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم