الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

هكذا بدأ الاحتقان أمام قصر العدل وانفجر في الطيونة

المصدر: "النهار"
ايسامار لطيف
ايسامار لطيف
من اشتباكات المسلّحين في الطيونة (نبيل إسماعيل).
من اشتباكات المسلّحين في الطيونة (نبيل إسماعيل).
A+ A-
"مسيرتنا أنقى من النقاء"... هكذا وصف محازبو ومناصرو كلّ من "حركة أمل" و"حزب الله" وقفتهم الاحتجاجية التي نظمّوها أمام قصر العدل في بيروت رفضاً لـ"تسييس" ملف تفجير مرفأ بيروت، حسبما أفادوا.
 
واكبت عدسة "النهار" التحرّك مباشرة من أمام قصر العدل الذي تحوّل إلى ساحة شغب ومعركة بين بعض المحتجّين، قبل أن يتطوّر لاحقاً إلى إطلاق نار وقذائف "B7"، ممّا دفع المحالّ والمراكز التجارية إلى الإقفال تحسّباً من تفاقم الأمور سلبيّاً. أمّا المدراس في محيط قصر العدل فحدّث ولا حرج، حيث عاش التلاميذ الرّعب الذي أعاد إلى أذهان الكثيرين ذكريات الحرب الأهليّة.
 
(الصور بعدسة الزميل نبيل إسماعيل)
 
 
 
في حديث لـ"النهار"، أكّد مناصرو "حركة أمل" أنّ "موقفهم من مسار التحقيق العدليّ في القضيّة ثابت وراسخ، ولن يقبلوا بتسييس القضيّة واستغلال دماء الشّهداء لمصالح أميركيّة وصهيونيّة".
 
كذلك أوضحوا بأنّه سيكون لهم "تحرّكات أخرى تصعيدية خلال الأيّام المقبلة رفضاً لإلغاء دور القضاء"، لافتين إلى أنّ "جلدهم لا يُسلخ، وليسوا طعماً سهلاً للمحرّضين على الفتنة".
 
الأمر اللافت في الساحة كان انقسام الآراء بين مؤيّدٍ لكفّ يد المحقّق العدلي القاضي البيطار، ومعارضٍ للفكرة، وسط غياب ملحوظ لمناصري تيّار "المردة".
 
البداية كانت مع مقتطفٍ من كلمة الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرلله قبل يومين حين "فتح الجبهة" على القاضي البيطار، ثم كان تجمّع المتظاهرين أمام البوابة الرئيسية لقصر العدل في بيروت حيث بقيت أعداد المتظاهرين تتزايد لغاية السّاعة الواحدة ظهراً. وبعد أنّ أطلق المحتجون العبارات والشّعارات المندّدة بمسار التحقيق الذي يتبعه القاضي البيطار، توجّهوا حاملين الأعلام ضمن مسيرة طغى التنظيم عليها من قبل عناصر "حزب الله" و"حركة أمل"، إضافة إلى مواكبة من قبل القوى الأمنية والقوّة الضاربة التي انتشرت بشكل كثيف في المكان.
 
(الصور بعدسة الزميل نبيل إسماعيل)
 
 
وعلى وقع مكبّرات الصّوت والأغاني الحزبيّة، تعالت أصوات الرّصاص من دون سابق إنذار. وفي معلومات لـ"النهار"، أفاد مصدر أمني بأنّه "جرى توقيف شخصين من مطلقي النار، والعمل جارٍ على ملاحقة الآخرين".
 
وأفاد مصدر آخر لـ"النهار" بأنّ "‏عناصرهم تعرّضوا لإطلاق نار مباشر ‏من قبل قناصين متمركزين على أسطح البنايات المقابلة، ‏تبعه إطلاق نار مكثّف أدّى إلى وقوع ‏شهداء وإصابات خطرة حيث إن إطلاق ‏النار كان موجّهاً إلى الرؤوس".
 
(الصور بعدسة الزميل نبيل إسماعيل)
 
 
‏وفقاً للمتابعة الميدانية، وبعد الرّصد والتأكّد، لم يُلحظ وجود أيّ قنّاص على سطوح المباني المجاورة حسبما أفادت بعض الجهات، إنّما ما حصل كان عبارة عن احتقان بين شارعين.
 
ماذا حصل؟
خلال تغطية التحرّكات أمام قصر العدل، سُمع إطلاق نار كثيف من جهة مدخل فرن الشباك، فحاولنا الاقتراب لمعرفة ملابسات الإطلاق في وقت من المفترض أن يكون التجمّع "سلمياً" حسبما روّج له، وإذ بنا تفاجأنا بخبر إصابة عدد من الأشخاص من دون تحديد الجهة المطلقة للنار أو السبب.
من خلال الأجواء العامة والأحاديث، التي كانت تدور بين الأشخاص المولجين فرض الأمن في المكان والتابعين للأحزاب، عرفنا أنّ عدداً من العناصر اشتبك مع مناصرين لـ"القوات اللبنانية" عند مدخل فرن الشباك، حيث حصل تدافع وإطلاق نار بين الطرفين، إلّا أنّ هذا الأمر لم يتمّ الإعلان عنه، وحاول المنظّمون ضبط النفوس منعاً لخروج الأوضاع عن السيطرة. 
 
(الصور بعدسة الزميل نبيل إسماعيل)
 
 
بعد مرور نصف ساعة، دعت الأحزاب المنظّمة إلى مسيرة راجلة لاختتام الوقفة الاحتجاجية، إلّا أنّنا تفاجأنا بتأجيلها نحو نصف ساعة لأسباب أمنيّة، وهي ملاحقة وتوقيف بعض العناصر المسبّبين للشغب.
 
(الصور بعدسة الزميل نبيل إسماعيل)
 
 
من خلال المشاهدة على أرض الواقع، لم يظهر أن إطلاق النّار جرى من المباني المجاورة لقصر العدل، إنّما من جهة الطيونة. وبالرّغم من المحاولات الحثيثة لضبط الأوضاع، فشلت الأحزاب المنظّمة بذلك، مع الإشارة إلى أنّ عناصر "حزب الله" انسحبوا منذ اللحظة الأولى للاشتباكات، ليبقى عناصر الحركة في السّاحة بمواجهة الشارع الموازي.
 
عقب ذلك، توالت البيانات في بيروت، التي لم تُشفَ بعدُ من انفجار الرابع من آب، لتشهد السّاحة مواجهات دامية أسفرت عن مقتل 5 قتلى وعدد من الجرحى، وفقاً للصليب الأحمر اللبناني.
 
(الصور بعدسة الزميل نبيل إسماعيل)
 
 
 
بدوره، أعلن الجيش في بيان أنّ "وحداته المنتشرة سوف تقوم بإطلاق النار باتّجاه أيّ مسلّح يتواجد على الطرقات، وباتّجاه أيّ شخص يقدم على إطلاق النار من أيّ مكان آخر، وتطلب من المدنيين إخلاء الشوارع".
 
في مواجهة الانفلات، أطلقت "النهار" نداءً إلى المواطنين تحت عنوان "لا تطلقوا النار على أنفسكم"، في إشارة إلى تحمّل المسؤوليّة وعدم الانجرار إلى الفتنة.
 
(الصور بعدسة الزميل نبيل إسماعيل)
 
 
قد يكون المبادر إلى إطلاق النار مسؤولاً جزائياً، لكنّه لن يغيّر شيئاً من مآلات الأمور، إذ ستُقابل النار بالنار، وستتحوّل المواجهات إلى عنف أهليّ ونزاعات، جرّبها اللبنانيّون طويلاً ولم يجنِ منها سوى الدمار.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم