السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

"كوني عنيدة"... الحقوقيّة الفلسطينيّة نورا عريقات تتحدّث عن المرأة والنّضال

المصدر: "النهار"
جودي الأسمر
جودي الأسمر
نورا عريقات.
نورا عريقات.
A+ A-

على طاولة الغداء، تسأل: "ما رأيُكِ بأن نحتجّ على تأخّرهم في تقديم الطّعام؟". تضحك. وسرعان ما تنسى في انهماكها مجدّداً بأحاديث مع مشاركين تعرفهم أو تعرّفت عليهم للتوّ في "لقاء مارس" الذي تنظمه مؤسسة الشارقة للفنون، حيث وقفت المحامية والباحثة في مجال حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وفلسطين، نورا عريقات،  تُجادل، متوهّجة الهالة، مسألة "ديمومة اللا مساواة: الاستعمار الاستيطاني والتفرقة والفصل العنصري". استحضرت بدون وازع الانتهاكات العنصرية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني.

"البعض علّق على أسلوبي المباشر في تناول المسألة الفلسطينية. وكان ردّي: أردتم أن أقول ما لديّ، ففعلت". تعتقد أنّها راضية عن الندوة. تعمّدت ارتداء فوق بنطلونها الجلديّ صدريّة طويلة بتطريز فلسطينيّ يدويّ. زهو بالتّاريخ، "الصدرية من فلسطين وقد تكون من عَمّان. لا أدري. اشترتها أمّي".
 

امرأة ملهمة ومستشارة في الكونغرس

"نورا" بمدّ الألف لا بربط التاء. حاضرة بثقة. تشاكس الظلم في عينه. فلسطينية الأصل، ولدت عام 1980 في كاليفورنيا لأم وأب فلسطينيين. ومثلما تفضل العائلات المحافظة في فلسطين، لم يشأ الوالدان أن ينخرط أولادهما في السياسة. إذن، "كيف وصلتِ إلى ما أنتِ عليه، بالرغم من الضغوطات التي تعترض المرأة والفلسطينيات خصوصاً في المجال السياسي؟"

لا تتردّد: "بالعناد، والمثابرة. وإن كان حديثنا يدور حول يوم المرأة العالمي، فأنا أنصح كل امرأة بأن تتسلح بالعناد. كوني عنيدة. هذا أهم سلاح للنجاح".

تعمل نورا عريقات اليوم أستاذة القانون الدولي في جامعة جورج ميسون. حصلت على الدكتوراه في القانون من كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، وعلى ماجستير في القانون من مركز القانون بجامعة جورج تاون حيث درّست لاحقاً. وبدأت تحصيلها الجامعي في التنمية الاقتصادية في جامعة بيركلي بكاليفورنيا، حيث كانت عضواً فاعلاً في حركة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين".

قد تكون الولادة في الولايات المتحدة منفى عن الأرض الأم، لكن الأكاديمية والناشطة الحقوقية وجدت فيها فرصة لرفع الصوت ضد المظالم في عقر دارها "لا حل للفلسطينيّ الذي يناضل ضد الاستعمار الأمريكي المؤيد للصهاينة، إن لم ينشط لأجل شرائح تعاني من التمييز العنصري ضدها في أميركا، وأهمهم السود".

اختارت أخيراً تركيز عملها "في الأكاديميا. وبحثي متعلق بحقوق الإنسان والتفرقة العنصرية وقوانين الحرب واللجوء". اعتبرت عريقات أنّ تجربتها مستشارة للجنة المتابعة والإصلاح الحكومي في الكونغرس، بصوت "منحاز بوضوح لحقوق الفلسطينيين ومناهض للصهيونية والرأسمالية، أكسبتها ما أرادته في الإلمام بكيفية صنع القرار وتنظيم حملات المناصرة والضغط".

أنجزت عريقات أبحاثاً في مضمار حقوق الانسان والعدالة الاجتماعية، وشاركت في تأسيس مجلة "جدلية" التي تعرض محتوى علمياً بالانكليزية والعربية والفرنسية، ولها مساهمات في صحيفة "واشنطن بوست" وغيرها من وسائل الاعلام في الولايات وخارجها، مشكّلة علامة فارقة أهلتها لجوائز ومناصب شرفية، من بينها جائزة "كتاب فلسطين" من مركز "ميدل إيست مونيتور" عام 2019 عن كتابها الأكاديمي الأول "العدالة للبعض: القانون وقضية فلسطين" الصادر عن جامعة ستانفورد، واختيارها عام 2015 في قسم القانون لجامعة هارفرد لتكون من بين نساء ملهمات التغيير.

 

من النسوية إلى الانسان

انطلقت نورا عريقات في النضال الحقوقي من وعيها النسويّ لحقوقها كامرأة أوّلاً، وخصوصاً "من كوني امرأة عربية مهاجرة". بدون مبالغة ولا تقليل، المرأة بالنسبة لها "إنسان مكتمل الاستقلالية والحقوق والمسؤوليات. وأهم ما تستطيع أن تحققه المرأة في مضمار حقوقها هو القرار النابع من الذات. فمثلا إن تحجبت أم لم تتحجب، الحرية في كلا الحالتين هو أن يكون القرار ذاتياً كما في سائر شؤونها الشخصية، بما يعني هي من تختار مسكنها وعملها وشريك الحياة وتربية الأبناء، هذا إن أرادت انجاب الأطفال".

في الأمومة، هي بطبيعة الحال ليست أمّاً تقليدية.

"ابنتي نايا موجودة في الولايات كنتُ أتحدّث معها في الصباح على "فايس تايم". منذ أسبوعين، اصطحبتها لمؤتمر "النسويات الفلسطينيات"، واصطحبت أمّي كذلك. أمّي من جيل آخر، وأريد أن يرى هذا الجيل كيف نحن ننشغل في مناهضة الاحتلال والمطالبة بالعدالة من منطق نسوي".

لا تزال رواسب المؤتمر تشغل الطفلة "قالت لي في محادثتنا الفيديو: أريد أن أقدم لك محاضرة مثلما تفعل النسويات الفلسطينيات"، تتابع بمرح "طبعاً، قدّمت لي محاضرة عن الكلاب والقطط".

برأي الأم نورا "هذا دليل أنني لا أفرض على نايا طريقة تفكير أو تصرف. أهتم بتذكيرها من هي. وأعلم أنها تراقب كيف أعمل وأتواصل مع الناس، وهي لاحقاً من تقرر اي خط سياسي ستسلك وبأي ديانة ستؤمن".

وتختم "الحب هو الأهم. لا أتحدث عن بديهيات الطعام والتعليم والمسكن والدواء. دوري هو أن أحب ابنتي بعمق كبير، حباً من غير شروط. هذا الحب سيخوّل الأنثى لاحقاً أن تحبّ نفسها حقاً، لدرجة تجعلها لا تخاف المجتمع فتسيّر خيارها تبعاً لإرادته. نعود حيث بدأنا: حرية المرأة تبدأ من احترام حقها في تقرير شؤونها الخاصة".

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم