الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الدكتورة العراقية نغم حسين من "أطباء بلا حدود": "واجهي العالم بشجاعة"

المصدر: "النهار"
مديرة أنشطة طبيّة في مستشفى أطباء بلا حدود للجراحات التقويميّة في الأردن الدكتورة نغم حسين
مديرة أنشطة طبيّة في مستشفى أطباء بلا حدود للجراحات التقويميّة في الأردن الدكتورة نغم حسين
A+ A-
ليس سهلاً أن تختار مهنة الطبّ، المواجهة مع الموت والألم والجروح القاسية. المعركة ضدّ الأمراض لا تعرف الهدوء. يوماً، أنت عامل إنساني في ساحة مليئة بالحروب والنزاعات والعنف والإصابات البالغة. ما اختبرته نغم كمديرة الأنشطة الطبية في مستشفى الجراحات التقويمية التي تديرها منظمة أطباء بلا حدود في الأردن منذ 15 سنة في مسيرتها الطبية، أشبه بكتاب يوثق لويلات النزاعات التي عاشتها الدول العربية. وجوه كثيرة لجرحى الحروب طبعت في ذاكرتها، جروحات مفتوحة، إلتهابات شديدة، خسائر موجعة وجراحات تقويمية لإنقاذ الأرواح، لقد اختبرت كلّ ذلك ولم تستسلم يوماً، لأنها تثق في أعماق قلبها أنها وُلدت لتكون في هذا المكان ولتساعد كلّ جريح بحاجة إليها.
 
من العراق إلى الأردن حملت الدكتورة نغم حسين شهادتها وحبّها للطبّ ومضت إلى بلد جديد بعيداً عن بلدها، حملت ما اكتسبته من علم ومعرفة، وحبها لهذه المهنة التي كبرت عليها لأنّ والدها كان طبيباً، وقرّرت أن تكون مشاركة في عملية إنقاذ الجرحى. في 2007، انضمت إلى فريق منظمة أطباء بلا حدود في الأردن حيث عملت في مستشفى الجراحات التقويمية للمصابين في الحروب والنزاعات في المنطقة.
 
أكثر من ثلاثين عاماً من العطاء في مجال الطب ّومعالجة المرضى من مختلف الجنسيات والأديان. تقول نغم:" أفتخر بعلمي وبخبرتي التي لا أتوانى عن استخدامها في سبيل تقديم الافضل لمرضاي. لا أنكر انّه كان صعباً ومرهقاً جدا أن أكون امرأة عاملة وأمًا لثلاثة ابناء، ولكن لو عاد الزمن بي، لاخترت الطريق نفسه، فرغم الصعوبات والمتاعب التي مررت بها، فأنا سعيدة جداً وفخورة بما أنجزته سواء في تربية أبنائي أو في عملي."
 
تستذكر حسين السنوات التي مرّت حيث شهدت المنطقة حروباً ونزاعات عدّة بدأت في العام 2007 مروراً بالعام 2009 (حرب غزة) ومن ثمّ في 2011 مع الأزمة السورية ومن بعدها اليمن. تقول "كنا نشهد على أعدادٍ هائلة واصابات شديدة الخطورة وكان هدفنا الوحيد انقاذ حياة المصابين ليتمكنوا من العودة إلى حياتهم وعملهم. وبما أنني مسؤولة عن معالجة الالتهابات الشديدة التي تخلفها الإصابات الناتجة من الحروب والرعاية الصحية السيئة والتأخر للحصول على العلاج، كنتُ أخوض حربي الشخصية العلمية والطبية مع هذه الإصابات والالتهابات لأُبعد عن المريض شبح الموت. كنت أواجه الموت الذي يأخذ أوجهاً مختلفة، فحتى الالتهابات قد تكون تهديد صامت يتغلغل في جسدك وقد يسلبك حياتك في حال لم تتلقَ العلاج المناسب".
 
تعرف حسين التحدّي الأكبر بالنسبة لها إنّها مقاومة المضادات الحيوية، هي التي تشير إلى أنّ "نحو في المئة من الجرحى الشباب عرضة للموت بسبب الالتهابات التي تحصل نتيجة سوء البنى التحتية والرعاية الصحية المتأخرة وعدم قدرة المستشفيات على ضبط العدوى. التحديات كبيرة وقد فقدنا بعضهم بسبب هذه الالتهابات الشديدة ولكننا نحاول باستمرار إعطاء الرعاية الصحية القصوى لإنقاذهم وقد نجحنا في غالبية هذه الحالات على فعل ذلك."
 
 
 
تسترجع احدى تحدياتها الطبية قائلةً "نحن في تحدٍّ وعلم برغم تطوره يبقى محدوداً، وهذا ما يذكرني بجريح كان يبلغ من العمر 48 عامًا، يعاني من التهاب شديد في ساقه. وقد استغرق وصوله إلينا نحو شهر بعد إصابته، وبرغم من كلّ محاولاتنا الحثيثة سواء ببتر ساقه وإعطائه علاجات مكثفة من المضادات الحيوية إلّا انّه خسر معركته مع هذه الحياة. مرّ على هذه الحادثة 10 سنوات وما زلتُ أتذكرها لأنّها كان بمثابة تحدٍّ لنفسي للقيام بالمستحيل لمعالجة المريض بالقوة والعلم. صحيح أنّ خسارة الجرحى نادرة جداً لكن الأمل يبقى في ما أحرزناه من أمل وشفاء لغالبية الجرحى الذين قدموا إلى المستشفى للحصول على الرعاية الطبية اللازمة.
في اليوم العالمي للمرأة، تعرف حسين تماماً أن التحديات ما زالت قائمة وأننا في امتحان مستمرّ لطموحنا وعزمنا وإرادتنا. لذلك تنصح كلّ امرأة "على مواصلة تعليمها والتخصص بما تحبّ والعمل به وأن تكون قوية وتحارب من أجل حلمها. لقد تركت بلدي وعملت في بلد آخر ونجحت بفضل شهاداتي وتخصصي في إثبات جدارتي. عليها بالعلم والعمل لأنّهما سيكونان الركيزة في تطوير نفسها والمجتمع."
 
 
لدى حسين الكثير لتقوله للمرأة، هي العارفة بما قد تختبره وتخوضه من معارك صغيرة وكبيرة في المجتمع الواسع، " أتمنى من كلّ امرأة في عالمنا هذا، أن تثق بأنّها قادرة، قادرة على تغيير واقعها المؤلم والصعب. صحيح أن ذلك لا يحصل بين ليلة وضحاها ولكن تذكّري لا شيء مستحيل، آمني بنفسكِ وثقي بأنكِ خُلقت امرأة في هذا العالم لحكمة كبيرة جدا. أتمنّى ألّا تنسي نفسك في خضم هذه الحياة الصعبة وأن تعلمي أن هناك كثيرون يستمدون قوتهم وطاقتهم من قوتك وطاقتك الجميلة. وأرى أنّ المرأة في الوطن العربي تفتقد إلى الإيمان بحقها في الراحة النفسية والجسدية، فهي قد تفضّل العائلة على نفسها وقد تُهمل صحتها."
 
وعن قدوتها في هذه الحياة، تُجيب "قدوتي كلّ امرأة طموحة وقوية، تستيقظ كلّ يوم لتواجه العالم بشجاعة وبقوة وبمحبة وامتنان. لا يمكنني ان اسع وراء الهدف والطموح من غير ان يكون القلب مليئا ً بمشاعر المحبة والامتنان لهذا العالم الذي خلقني انثى وجعلني قوية".
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم