بمناسبة الافتتاح الرسمي للعام الدراسي الجديد في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) ، أقيم حفل في قاعة "الأسمبلي هول" التاريخية في حرم الجامعة. ونظرًا للظروف المستمرة لوباء كوفيد-19، حضر الحدث عدد محدود من الجمهور بما في ذلك الأمناء والعمداء والقيادة وأعضاء هيئة التدريس والموظفين والطلاب. وتمت دعوة جميع أفراد مجتمع الجامعة وعائلاتها وأصدقائها للحضور أونلاين.
وأشار دخول الموكب الأكاديمي الرسمي المؤلف من الرئيس والعمداء وأعضاء هيئة التدريس والأمناء، ببدء حفل يوم الافتتاح السادس والخمسين بعد المائة للجامعة الأميركيّة في بيروت. تلا ذلك النشيد الوطني اللبناني. ثم توجه الدكتور فضلو خوري، رئيس الجامعة الأميركية في بيروت، الى الجمهور والمشاهدين بخطابه المعتاد في يوم الافتتاح، والذي كان عنوانه لهذا العام "الصيف الذي لا يُقهر."
بدأ خوري بالترحيب بالجميع وأشار إلى أنه "ربّما لا يتشابه عامان،" إلا أن "يوم الافتتاح هذا لا مثيل له ولتاريخه."وقال أنّ العودة المخطّط لها للطلّاب وأعضاء هيئة التعليم إلى الحرم الجامعيّ تجلب الأمل والشعور بالمقدرة دون التقليل من التحدّيات التي عصفت بالجامعة الأميركيّة في بيروت ولبنان والعالم. وأكد خوري أن "أمرًا واحدًا غدا جليًّا تمامًا للكثيرين منّا على مدى الأشهر الأربعة والعشرين المنصرمة، وهو أنّ الجامعة الأميركيّة في بيروت يجب أن تتغيّر بشكل جذري لتواصل الاستمرار والازدهار. ويجب أن نستمر ونزدهر. ما هو على المحكّ حيوي للغاية، وهذه الجامعة مهمة للغاية فلا يسعنا أن نفشل."
وأضاف، "على مدى السنوات الثلاث الماضية، تفاقمت الأزمات وتسارعت، بما في ذلك الانهيار الماليّ الوطني، وجائحة تقع مرّةً في كلّ قرن. طوال الوقت، كنّا في مجلس أمناء الجامعة وقيادتها نصغي، نستوعب، ونناقش، ونتحاور لنرسم الطريق إلى الأمام لإنقاذ هذه الجامعة الغالية على قلوبنا، والتي يوفّر وجودها التنوّع والأمل والفرصة والهدف وحتّى الحياة لمجتمعها."
وتابع، "إنّنا نعتقد اعتقادًا راسخًا أنّ هذا الطريق يجب أن يبدأ بفحص متأنٍّ ونقديّ للذات وتقييم واقعيّ لمهمّتنا وأهمّيتها ومرونتها في عصر التغيير وثقافته."
بالنظر إلى التاريخ بحثًا عن دروس قد تكون مفيدة، قارن خوري بين أساليب القيادة لقائدين مختلفين جدًا في اليونان القديمة: ديموستين وبريكليس. في حين أن ديموستين كان خطيبًا رائعًا، فإن غطرسته هي التي أدت في النهاية إلى سقوط أثينا. ثم نظر خوري إلى قيادة بريكليس الذي حث، في خطبته الجنائزيّة الشهيرة، سكان أثينا على التجمع والقتال من أجل مدينتهم الدولة الديمقراطية ضد الاسبارطيين الأقوياء. وقال خوري، "فيما لم يقدّم بريكليس في خطبته طريقًا واضحًا للمضيّ قدمًا، ألهم مثالُه رجال أثينا للقتال. ويجب علينا أن نقاوم ونثابر، وإن كان ذلك باستخدام أساليب سلميّة، ولكن بعزم لا يقلّ عن عزم الأثينيين القدماء. إنّ الجامعة الأميركية في بيروت ولبنان يستحقّان أن نهبّ ونقاتل ونصمد من أجلهما."
ثم أضاف، "إنّ هدف الجامعة الأميركيّة في بيروت هو تمكين الأجيال وخدمة من هم أقلّ حظًّا والعناية بهم وشفاء المرضى وتضميد جراح الفرد والمجتمع على حدٍ سواء، وكلّ ذلك بينما نسعى للتميّز من أجل الصالح العامّ للبشريّة ولشعوب المنطقة التي خدمناها بامتياز وإخلاص لأكثر من قرن ونصف. ولتجنّب انحراف المهمّة ومنع فقدان التركيز على هدفنا، سنقوم أوّلًا بتأمين قاعدتنا، حرم الجامعة الأميركيّة في بيروت حيث نوفّر الأمل والهدف والاستمراريّة."
وتحدث خوري عن الاستراتيجيّة الشاملة: "الطريق إلى الطريق السريع"، التي أطلقتها الجامعة مؤخراً، والتي تترامى على ثلاث سنوات وهي بقيمة مئة وخمسين مليون دولار أميركيّ، وتمكّن مجلس أمناء الجامعة من وضع استحداثٍ لرتب الأساتذة ودعم برامج الأبطال للطواقم الطبّيّة والموظّفين وأعضاء هيئة التعليم. "نحن نصرّ على دعم كلّ عضو في أسرة الجامعة الأميركيّة في بيروت، إلى أقصى إمكاناتنا، مع الحفاظ على الاستدامة والبقاء كمؤسّسة. سيسمح هذا للكثيرين بالبقاء والصمود في الجامعة الأميركيّة في بيروت مع تجنيبهم الخيار الذي لا يحسدون عليه بين خدمة مهمّتنا المشتركة وتوفير متطلّبات عائلاتهم وحمايتها. من الضروريّ أيضًا أن نضمن أنّ المركز الطبّيّ العالميّ المستوى في الجامعة الأميركيّة في بيروت لديه الأدوية والوقود والموارد ليواصل أطبّاؤنا وممرّضونا وموظّفونا عملهم الحيويّ في إنقاذ الأرواح."
وتابع خوري، "يتوقّع طلّابنا وأعضاء هيئة التعليم والموظّفون الكثير من هذه الجامعة، ويجب أن نسعى دائمًا لنكون عند حسن ظنّهم، بما في ذلك القيام بكلّ ما هو ممكن لإعادة طلّابنا الذين تقطّعت بهم السبل في أفغانستان، ولخدمة مجتمعنا التعليميّ المتنوّع أثناء الوباء والأزمة اللبنانيّة ليواصلوا رحلتهم الاستكشافيّة، مع الحفاظ على معاييرنا التعليميّة وتحسينها باستمرار."
وقال، "سنعيد تفعيل تجربة طلّابنا من خلال منهج غنيّ فيه التعلّم بالتجربة مع التعليم الليبراليّ والتعليم العلميّ الذي تشتهر به الجامعة الأميركيّة في بيروت. نقوم بذلك لتزويد طلّابنا بتعليم الجامعة الأميركيّة في بيروت، ليكونوا مستعدّين ومهيّئين لخدمة المجتمعات المُعانية في العالم، والمجتمعات التي تنكبها تحدّيات الحرب، والبطالة، وغياب الحرّيّات الاجتماعيّة، وعدم المشاركة في حكم دولهم. والأهمّ من ذلك كلّه، فقدان الأمل بغد أفضل. هذه المجتمعات وأبناؤها سيحولّهم أفراد تميّزوا بالدراسة في جامعتنا العظيمة ليكون لهذه المجتمعات والأفراد حياة ولتكون حياة أفضل."
وتابع، "إنّ السمة المميّزة لروحيّة الجامعة هي أنّنا نتبادل الملامح الثقافيّة بعمق في حرمنا الجامعيّ." وأضاف، "نحن نخدم شعوب لبنان والمنطقة. ولن يجبرنا أيّ تراكم للظروف، أو التهديدات، أو الأذى، على التخلّي عن مهمّتنا المقدسة."
وقال، "مع الاضطراب المحيط بالتدهور الاجتماعيّ-الاقتصاديّ والسياسيّ الذي يمرّ به لبنان، فإنّ من واجبنا الواضح تعزيز الترابط بين لبنان ومنطقته والعالم. ولمزيدٍ من التنوّع، وعلى مدى العام أو العامين القادمين، نأمل في إطلاق أكثر من حرم جامعيّ جديد للجامعة الأميركيّة في بيروت، واحد في الغرب وآخر إلى الشرق من حضننا الأبديّ اللبناني. هذه الحُرُم ستسمح بتبادل الأفكار والمعارف والأهداف مع الحرم الجامعيّ في بيروت وبنشر الثقافة الفريدة لجامعتنا معزّزةً تنوّعها وجدارتها في الوقت عينه. ومن خلال التوسّع إلى خارج لبنان للوصول إلى الكثيرين الذين يستحقّون الوسام الفريد للتعليم التي تقدّمه الجامعة الأميركيّة في بيروت، ننفّذ مهمّتنا وهي إيصال روحيّة هذه الجامعة إلى شعوب المنطقة والعالم. وبتقديمنا إلى العالم الأوسع المضمونَ الأكثر غنًى وصمودًا في الثقافة الفريدة لجامعة التعليم الليبراليّ هذه، الجامعة البحثيّة بامتياز، الجامعة الراسخة الجذور في بيروت والمتبادلة للثقافة معها ومع العالم الأوسع، نحافظ على أهمّ ميزة للبنان وننشر تأثيره وهويّته إلى ما هو أبعد من شطآنه."
وتابع، "وحدها الديناصورات، الحقيقيّة والمجازية تقف مكتوفة الأيدي، والكلّ يعرف مصيرها. وفيما ننهمك في تحويل هذه الجامعة العظيمة، فإنّنا نفعل ذلك مدركين أنّ البديل عن ذلك مرعب، كما يتمثّل في قصة فرانز كافكا السوداويّة عن التطوّر المضادّ، "ميتامورفوزيس". إذا أفرطنا في النوم في الجامعة الأميركيّة في بيروت، ولم نسمع النداء العالي للتطوّر الأكاديميّ، فسوف نُدان مع صراصير التاريخ. الجامعة الأميركية في بيروت موجودة لدرء التطوّر المضادّ في الفكر الليبراليّ، والذي يستشهد به أولئك الذين يرغبون في فرض قيمهم الخاصّة على الآخرين بدلًا من إقناعهم بالانخراط في مصير مشترك. ولذا، فالجامعة الأميركية في بيروت ستدوم طويلًا."
وأضاف خوري أنه خلال تحوّلها، ستعتمد الجامعة الأميركية في بيروت على دعم أصدقائها في جميع أنحاء العالم، الخرّيجون والحكومات والمؤسّسات. وقال أنّ الانهيار الاقتصاديّ الخطير أدّى إلى إفقار اللبنانيّين لدرجة أنّ أكثر من ستّين بالمائة منهم باتوا يعيشون تحت خطّ الفقر ولم يعد بإمكانهم تحمّل كامل التكاليف الدراسيّة لأولادهم. "علينا جميعًا تحمّل مسؤوليّات إضافية، منها أنّ الطلّاب المتميّزين القادرين والمناسبين للالتحاق بالجامعة الأميركيّة في بيروت، ولكنّ والديهم أو أولياء أمورهم يعيشون في لبنان، يمكنهم الدراسة في الجامعة بسعر معقول، بينما أولئك الذين يعيش آباؤهم ويعملون في الخارج سيدفعون رسومهم الدراسيّة بعملة أكثر استقرارًا."
نقل خوري عن ألبير كامو قوله: "في أعماق الشتاء، علمت أخيرًا أنّ هناك صيفًا لا يُقهر بداخلي،" وعلّق بأن هذا القول قد كُتب في سلسلة من المقالات نُشرت بعد فترة طويلة من وفاته، والتي حث فيها كامو البشريّة على المثابرة في وسط الشدائد، وقال خوري أن هذه "مشورة ملائمة لشعوبنا اليوم." وأنها "في صميم السبب الذي يدفعنا في الجامعة الأميركيّة في بيروت إلى تبنّي هدفنا بشكل كامل وتجسيده بالفعل. في أعماق كلّ شتاء صيفٌ لا يقهر."
وختم، "إنّ السعي وراء التميّز من أجل الصالح العامّ، وإنقاذ الأرواح التي لا تُقَدَّر بثمن، ليس بالأمر السهل أبدًا، كلّ ذلك مع تمكين العقول العظيمة، التي ينبئُ مستقبلها بعالم أفضل وأكثر عدلًا وشموليّة. الآن أكثر من أيّ وقت مضى، وكما قال كامو، يجب أن نصلح ما يمكن إصلاحه، أن نلتحم معًا وأن نتعهّد أنفسنا لقضايا أعظم بكثير منها."
العلامات الدالة
الأكثر قراءة
المشرق-العربي
12/11/2025 6:15:00 AM
قذائف المزّة والعمليتان اللتان لم يفصل بينهما شهر تحمل رسائل تحذيرية إلى الشرع وحكومته، والرسالة الأبرز مفادها أن القصر الرئاسي تحت مرمى الصواريخ.
المشرق-العربي
12/11/2025 2:25:00 AM
إنّها المرة الأولى التي تتهم المنظمة "حماس" وفصائل أخرى بارتكاب جرائم ضد الانسانية.
المشرق-العربي
12/11/2025 2:10:00 PM
شدد على ضرورة منح المحافظة حكماً ذاتياً داخلياً أو نوعاً من الإدارة الذاتية ضمن سوريا كوسيلة لحماية الأقليات وحقوقها.
اقتصاد وأعمال
12/11/2025 10:44:00 AM
تكمن أهمية هذا المشروع في أنه يحاول الموازنة بين 3 عوامل متناقضة: حاجات المودعين لاستعادة ودائعهم بالدولار الحقيقي، قدرة الدولة والمصارف على التمويل، وضبط الفجوة المالية الهائلة التي تستنزف الاقتصاد