الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

التحرّش في أعلى مستوياته والنساء بين نارين

المصدر: "النهار"
تعبيرية.
تعبيرية.
A+ A-
بوجود قانون يجرّم التحرّش الجنسي، تتعرّض يوميّاً الفتيات والنِّساء لشكل من أشكال التحرّش في المنازل والأماكن العامّة وسوق العمل.

677 شكوى من أصل 1184 هي للتبليغ عن تعنيف زوجيّ و1056 للتبليغ عن تعنيف جسديّ بحسب إحصاءات قوى الأمن الدّاخلي.

في زمن الانهيار، لا تزال قضايا المرأة تتصدّر المركز الأول في أولويّات المجتمع، لا سيّما الأثر الواضح الذي نتج عن الأزمات الاقتصاديّة المتتالية، من ازدياد ملحوظ في نسب التّعنيف ضدّها بشتّى أساليبه، ممّا شكّل دافعاً قويّاَ للجمعيّات والمؤسّسات المناصرة للمرأة لرفع مستوى الوعي عند فئات المجتمع كافّة، من خلال حملات تهدف إلى حماية المرأة ودعمها لتمكينها من تحقيق ذاتها والمضيّ قدماً في المجتمع.

من هنا، أطلقت "لوريال باريس"، بالشراكة مع منظّمة "أبعاد" و"هولاباك"، منظّمةً غير حكوميّة دوليّة تهدف إلى إنهاء التحرّش والمضايقات على شتى أشكالها، وبرنامج "قف في مواجهة التحرّش على الطّرقات" في 8 آذار 2020، بهدف زيادة الوعي وتدريب مليون شخص على استخدام منهجيّة 5D (Direct- Distract- Delay- Delegate- Document)، وهي توبيخ المتحرّش، صرف انتباه المتحرّش، دعم الضحيّة، طلب العون، وتوثيق الحادث.

وفي استطلاع رأي دولي أُجرِيَ بالشراكة بين شركة "إيبسوس" وباحثين في جامعة "كورنال" و"لوريال باريس" بشأن التحرّش في الأماكن العامّة، كشفت الإحصاءات عن أنّ 80% من النّساء قد شهدن تحرّشاَ في الأماكن العامّة في حين تلقّت 25% منهنّ المساعدة فقط، بالإضافة إلى أنّ 86% من الأشخاص لا يتقنون كيفيّة التدخّل إذا شهدوا أيّ تحرّش في الأماكن العامة.


وفي كلمة للمديرة العامة لـ"لوريال لبنان" إميلي وهّاب قالت: "لطالما التزمت "لوريال باريس" بتمكين المرأة، ومحاربة التحرّش في الطّرق والشوارع حيث تهان كرامة النساء، ويفقدن الأمان وتقدير الذات، وهو ما يتعارض مع كلّ ما تمثله "لوريال باريس". هذا السّبب المهم دفعنا إلى أن نقف ونساعد في مكافحة هذه المشكلة التي تؤثِّر علينا جميعاً"ً.

وأعربت مديرة ومؤسسة منظّمة "أبعاد" غيدا عناني عن امتنانها من التشارك مع "لوريال"، فقالت: "معاً سنمنح النساء الأدوات اللّازمة للردّ على التحرّش، سواء كنَّ ضحايا أو شاهدات. من خلال هذا الجهد المشترك، سنسعى جاهدات لتمكين النساء من المشي بحريّة وثقة في جميع الأماكن العامّة".

وفي حديث لـ"النهار" عن إمكانيّة تأمين الحماية الجسديّة للنساء اللّواتي يهَبنَ الجاني، ويتعرّضن لتهديدات، شرحت رئيسة منظّمة "أبعاد" غيدا عناني أنّ "هناك ما يُسمّى الحزمة الشاملة من الخدمات التي تتضمّن إطلاع النّاجية على الخيارات المتاحة واستشارة قانونيّة، بالإضافة إلى قرار حماية ومراكز الإيواء الآمن في حال خوف النّاجية من عنف حادّ واحتياجها إلى مكان سرّي مؤقّت".

كذلك أشارت إلى أنّ: "تعزيز ثقافة المساءلة وتعديل الذهنيّات تحتاج لوقت طويل، لأنّ المثابرة والمتابعة والملاحقة للاقتصاص من الجناة وتحقيق العدالة مسار لسنا معتادين عليه في لبنان، وإلّا فالنّصوص القانونيّة موجودة، لكنّ الضّعف يكمن في تطبيقها ومتابعة القضايا".

وفي السّياق، حذّرت عناني من أنَّ "نساءنا بين نارين. اليوم في لبنان ندقّ ناقوس الخطر بعد ارتفاع معدّلات العنف وغياب قدرة النّساء على طلب المساعدة نتيجة المعوّقات اللوجستيّة والأزمة الاقتصاديّة الراهنة".

وعن بدء تطبيق قانون التحرّش الجنسي الذي صدر في العام المنصرم، قالت: "نعتزّ بأنّه أصبح لدينا قانون يجرّم التحرّش الجنسي في الأماكن العامّة، والذي صدر في ظروف استثنائيّة للبلاد. لكن وضع القانون قيد التطبيق يحتاج وقتاً لتعزيز ثقافة القانون بين النّاس".

ولفتت عناني إلى أنّ: "الأزمة الاقتصاديّة كانت فُجائيّة بضخامتها وثقلها، وتأثّرت بها الجمعيّات والمنظّمات على عدّة مستويات، منها التّكاليف والمستلزمات التي تحتاجها مراكز الإيواء من غذاء وكهرباء ونفقات أخرى"، مضيفةً القول "نحن كمنّظمة حاولنا إيجاد بدائل وإشراك النّساء أنفسهنّ في كيفيّة التفكير ببدائل كيلا تكون الأزمة عاملاً من عوامل التخلّف عن رسالتنا الإنسانيّة؛ فنحن لدينا جسم يتألّم، وهو الوطن، ولا نستطيع أن نتخلّى عنه".

من جهتها، أوضحت إميلي وهاب، المدير العامة لـ"لوريال لبنان" أنّ "(لوريال باريس) ليست مجرّد علامة تجاريّة بل تدعم المرأة بعدّة طرق لتمكينها من الازدهار"، مضيفةً أنّ "هذا البرنامج لا يقتصر على لبنان فقط بل هو برنامج دولي بالتشارك مع الجمعيّة الدوليّة (هولاباك) وجمعيّات محليّة في كلّ دولة، وأنّ الحاجة لهذا البرنامج أتت في الوقت المناسب بعد الأزمات المتتالية التي فاقمت حجم التحرّش والعنف الذي تتعرّض له النِّساء يوميّاً".


بحسب الدِّراسة الإحصائيّة الوطنيّة التي قامت بها منظّمة "أبعاد"، امرأة من أصل اثنتين في لبنان تعتبر أنّ حماية النِّساء يجب أن تكون أولويّة. 1 من أصل 10 نساء لا يبلّغن لأنَّ الأمر ليس أولويّة في ظلّ الوضع الحالي في البلد. اليوم من جديد تضحّي المرأة بنفسها في سبيل العائلة والوطن، تضع نفسها أسفل قائمة الأولويّات لاعتبارها أنَّ التحدِّيات الاقتصاديّة هي قائمة التحدّيات التي تواجهها. إلى متى ستهمَّش المرأة نفسها في وطن لا يخلو من الأزمات؟ متى ستصبح حياة المرأة وحقوقها أولويّة عند الدّولة؟

حماية الفتيات والنّساء حقّ لهنّ، وواجب على الدّولة، التي عليها أن تعمل بجدية وعناية تامّة لتحقيق العدالة للناجيات، والاقتصاص من الجناة، وتأمين مجتمع متساوٍ يجرِّم التّعنيف والتحرُّش ويضمن ويحترم حقوق الجنسين.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم