الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

قراءة في كتاب "الحركة النسوية الإسلامية في مصر"

المصدر: النهار - د. سوسن الشريف - مصر
الحركة النسوية الإسلامية
الحركة النسوية الإسلامية
A+ A-
الحركة النسوية الإسلامية
هي جهد فكري ومعرفي يقوم به باحثات وباحثون من تخصصات ودول متعددة، بدراسة السياق التاريخي لتنزيل النصوص القرآنية، والأحاديث النبوية، بخصوص بعض المسائل والقضايا الخاصة بالنساء، مثل الحجاب، والزواج، وتعدد الزوجات، والطلاق والميراث، وسلطة الرجل، وغيرها من القضايا المثيرة للجدل. كما يفحصون الروايات حول النساء ومدى صحة المصادر الواردة فيها، وإمكانية الوثوق بها والاعتماد عليها، ويشمل التحليل النصي للتراث الإسلامي أعمالًا لمفكرين إسلاميين كبار، وأفكارهم حول النساء، ولا ينصب الاهتمام على النصوص فقط بل على سياقات التنزيل أيضًا. ويقارن الباحثون والباحثات بين مكانة النساء في القرآن ووضعهن في شبه الجزيرة العربية ما قبل الإسلام، وكيف تم تفسير الآيات القرآنية حسب أفكار كانت سائدة في العالم أجمع آنذاك.
 
في هذا السياق يمكننا القول إن الحركة النَسوية الإسلامية بدأت منذ عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم)، فكانت أول من نادت بالمساواة بالرجال أم سلمة زوجة الرسول، عندما سألت عن تمييز الرجال في الميراث والغزوات. (عنْ مُجَاهِد، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَغْزُو الرِّجَالُ وَلا نَغْزُو، وَإِنَّمَا لَنَا نِصْفُ الْمِيرَاث، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الآية الكريمة "وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْض" (سورة النساء:32)). وكذلك "أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية"، كانت من ذوات الرأي والعقل والحكمة والدين، خطيبة فصيحة وتقوم على تنظيم النساء المؤمنات، وتتزعم المطالبة بما لهن من حقوق، حتى لقد سميت في كتب السنة والسيرة بـ"وافدة النساء"، لأنها ذهبت إلى الرسول محمد وهو في المسجد متحدثة باسم نساء المسلمين، فقالت: "أنا وافدة من خلفي من النساء يقلن بقولي وهنّ على مثل رأيي. إن الله قد بعثك للرجال والنساء. ولقد غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يومًا من نفسك، تعلمنا فيه". فوعدهن رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا، لقيهن فيه، فوعظهن وأمرهن.. وروت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من ثمانين حديثًا.
 
خصائص المعرفة النَسوية الإسلامية
 إن المعرفة النَسوية الإسلامية تستند إلى إطار مرجعي عقيدي، فبينما تخضع بعض المدارس النَسوية لنتاج فكري بشري قاصر أُسس وفق منظومات انحيازية تعكس القصور والانحياز الذكوري والأبوي، فإن التماس العدل المطلق الذي ننشده في المنظور الإسلامي تقتضي وتؤكد أهمية التمييز الواضح والحاسم بين المقدس الثابت وبين التاريخي النسبي من ناحية أخرى. حيث المصادر الأخيرة للمعرفة هي الإنتاج البشري الذي نسج حول الاصول (القرآن والسنة).
 المعرفة النَسوية في المنظور الإسلامي هي معرفة نقدية في جوهرها ومضمونها، إصلاحية في هدفها. هي معرفة تتجه بالنقد إلى الواقع القائم والأنظمة الاجتماعية والبني المعرفية والعلمية، كشفاً عن مواطن الانحياز وعدم الشرعية في ضوء المرجعية الإسلامية المبرأة عن التحيز والظلم. التحليل والتفكيك للمعرفة والأنظمة هو أحد وسائل تلك المعرفة ولكنه ليس هدفها، فالمعرفة النَسوية جزء من بنية المعرفة الإنسانية تتغذى منها وتغذيها. النقد والتفكيك في المنظور النَسوي الإسلامي يهدف إلى الإصلاح وليس الهدم، يهدف إلى إزالة مواطن العلة في الجسد الكلي للمجتمع وللعلم وليس إلى قتل ذلك الجسد.
 
هل النسوية الإسلامية ترفض التراث الإسلامي؟
لا ترفض النسوية الإسلامية التراث الإسلامي، بل تقدره وتثمن جهود العلماء والمفكرين بقوة، إنما فقط تعرضه على الآيات القرآنية، لتنقيته من الشوائب من العادات والتقاليد التي طمست المعاني الأصلية لبعض الآيات التي تحفظ مبادئ العدالة والقسط بين الرجل والمرأة، كما في آيات الزواج والمودة والرحمة والمعاشرة بالمعروف، وآيات تعدد الزوجات واشتراط تحقيق العدل. وكما في موضوع "الختان" الذي ليس له أصل في الدين الإسلامي، وما هو إلا عادات وتقاليد متوارثة فقط.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم