السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

البقاعيون أمام معاناة التدفئة: بين انقطاع المازوت وغلاء الحطب (صور)

المصدر: بعلبك- "النهار"
مَن يردّ البرد القارس؟
مَن يردّ البرد القارس؟
A+ A-

بعلبك - وسام اسماعيل

الأمطار الغزيرة التي شهدتها منطقة بعلبك الهرمل، مترافقة مع تساقط الثلوج على المرتفات للمرة الأولى لهذا العام، وسط تدنٍّ في درجات الحرارة، كانت تباشير لبداية فصل الشتاء، التي  يجد الأهالي أنفسهم فيها ككل عام أمام أزمة متجددة في الحصول على مواد التدفئة. 

وتزداد معاناة الأهالي في قرى وبلدات البقاع الشمالي، جراء التكاليف الإضافية التي يتكبدونها لتأمين وسائل التدفئة لتقيهم البرد القارس، وسط ظروف اقتصادية أكثر صعوبة لهذا العام، نظراً للظروف العامة التي يشهدها لبنان، وارتفاع السلع عى مختلف أنواعها، جراء ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية.
 
كل ذلك يتزامن مع انتشار وباء كورونا والإقفال المتكرر، ما يشكل عوامل ضاغطة على المواطن البقاعي الذي بات أمام أزمة في تسيير أمره. 
 
إلا أن الوقاية من البرد وتأمين وسائل التدفئة في فصل الشتاء، أمر لا يمكن الهروب منه، ويجعل الأسر من ذوي الدخل المحدود والمتوسط أمام خيارات صعبة نظراً لصعوبة تأمينها، في وقت الدولة غائبة بشكل كلي عن الوقوف إلى جانبهم.
 

وسائل التدفئة الأساسية التي يعتمدها المواطن البقاعي هي مادتا المازوت والحطب، غير أن ارتفاع سعر الحطب لهذا العام ثلاثة أضعاف سعره السابق باتت كلفته باهظة (حيث بلغ سعر الطن الواحد 750 الف ليرة لبنانية في وقت كان يتم شراؤه خلال الأعوام المنصرمة بين الـ 200
و250 ألف ليرة لبنانية، وحاجة العائلة للعام الواحد لا تقل عن الأربعة أطنان)، ما رجح اعتماد مادة المازوت الأخف كلفة لهذا العام، بعدما أصبحت متوفرة في جميع محطات الوقود، وانتهاء أزمة فقدانها كما حصل خلال الأشهر القليلةالماضية، وهو ما أكده أحد أصحاب محطات بيع الوقود في بعلبك هيثم الدبس. 

ووفق الدبس، إن أسباب توفر المادة تعود إلى لجوء مصرف لبنان إلى فتح اعتمادات لأصحاب المحطات ووقف استلام الشيكات المصرفية وتحويل الأرصدة من حساب لآخر، وهو ما منع التلاعب بالكميات وتبييض الأموال. وما سهل توفرها أيضاً عودة تسليم المادة في المحطات، إضافة إلى التراجع الكبير في عملية تهريبها عبر الحدود بسبب إجراءات صارمة اتخذها الجيش اللبناني وتوفر المادة داخل الأراضي السورية. 

كما اكد الدبس أن سعر صفيحة المازوت الرسمية هو 14,600 ليرة لبنانية، فيما تباع داخل المحطات بين الـ 15 و 16 الف ليرة لبنانية، و توزع على المنازل بنحو 17 الف ليرة، ويعود الفرق القليل في زيادة السعر إلى أن كلفة نقل المادة إلى المناطق البعيدة كالبقاع تصل إلى 1000 ليرة. إن توفر المادة وبأسعارها المقبولة يلاقي استحان المواطن قياساً بالسلع الاخرى. 
 
 
في المقابل يؤكد المواطن ابو خليل، وهو أحد بائعي الحطب، أن ارتفاع أسعار الحطب شكل تراجعاً كبيراً في حركة البيع، إلا انه لا زال هناك طلب عليه من قبل ميسوري الحال الذين لا يستغنون عنه من أجل الاستمتاع باستخدام المدفأة. وأشار إلى أن ارتفاع أسعار الحطب يعود لأسباب عدة منها توقف دخول الحطب المهرب الذي كان يدخل من الأراضي السورية عبر الحدود، بسب الإجراءات التي اتخذها الجيش اللبناني، والإجراءات المتخذة داخل الأراضي السورية بمنع قطع الأشجار كما جرت العادة، إضافة إلى عدم توفر الكمية الكافية من الأحراج في الداخل اللبناني لقطعها وبيعها. 

ويؤكد المواطن محمد خالد أن الكثيرين أمثاله من الأسر ذات الدخل المحدود يحتارون في كيفية تأمين مدافئهم لهذا العام قبل تأمين مادة المازوت أو الحطب، خصوصاً أن جميعها باتت أسعارها مضاعفة، وقال: "لم أتمكن من شراء مدفأة واحدة، فالمدفأة الصغيرة التي تعمل على المازوت التي كان سعرها 80 ألف ليرة لبنانية العام الماضي اصبحت اليوم بـ400 ألف ليرة، كذلك لم أتمكن من شراء مواد التدفئة، وما زلت لا أعرف كيف سنؤمن التدفئة هذا العام" .
 

ولجاره أبو علي، وهو من الطبقة الفقيرة قصة أخرى، فهو كان يعمل على جمع طبليات الخشب المخصصة لرفع البضائع من خلال شرائها بأسعار متدنية من المؤسسات التي تعمل على بيع ونقل البضائع. وكان يبلغ سعر الطبلية نحو 4000 ليرة لبنانية قبل أشهر من بدء فصل الشتاء كما جرت العادة، إلا ان عدم توفر الطبليات جراء انفجار مرفأ بيروت وضعه أمام عجز شراء الحطب أو مادة المازوت.

ويقول إن أحد الأشخاص أعطاه مدفأة قديمة تعمل على المازوت على أن يعمد هو على شراء المادة بشكل يومي لعدم قدرته على تخزينها، وهو أجير يومي في أحد المطاعم، وأب لأربعة أطفال.

ليس هنالك حلول حقيقية أمام الأهالي في ظل الوضع الراهن من تردٍّ في الأوضاع المعيشية وتراجع القدرة الشرائية للأسرة وسط ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، لتساهم في إنهاء معاناتهم في ظل ارتفاع أعداد الفقراء والمحتاجين في البقاع، لتبقى الأيام المقبلة كفيلة بازدياد الأزمة تزامناً مع حاجة المواطن إلى التدفئة.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم