السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

"الرفيق سجعان..."

المصدر: "النهار"
Bookmark
سجعان قزي.
سجعان قزي.
A+ A-
جوزف القصيفي*       أشعلت عود ثقاب الذاكرة فهبّت نار الحنين مخترقة حجاب الزمن، ونزعت الستارة عن ذكريات تعود إلى عهد الطفولة يوم كنا على مقاعد الدراسة في معهد الرسل - جونيه، ندرس ونلهو، ونرسم في مخيلتنا صورا لغد نسعى اليه من دون أن تتضح معالمه. كبرنا من دون أن تخبو نزعة الطموح الذي اتخذ منحى آخر، مع انخراطنا في العمل الوطني، مقتفين خطى والدينا ميلاد ومارون اللذين جمعتهما وحدة نضال في حزب ساهما وآلاف امثالهما في إعلاء مداميكه، وهما الوافدان من ساحل الفتوح الكسرواني وجبله، لا يملكان من متاع الحياة إلا عرق الجبين والايمان الذي ينقل الجبال من مواضعها.الأول كان متمردا، صلبا، أطلق على نفسه لقب "كاتنغا" دلالة على استقلاليته وحسّه النقدي الذي يجعله صعب التقبل لاملاءات ولو ارتدت لبوس الأمر الحزبي. وكان "الرئيس الاعلى" على صرامته وحزمه، يتفهم هذا المتمرد، ولا يخشى منه او عليه، لأنه كان يثق بنقاء سريرته، وأصالة معدنه. اما الثاني، فكان ثائرا، سريع الانفعال، لا "يتزكزك"، يهبّ كـ"جبل نار" لا يلبث أن يهمد، فيعود إلى شفافته كصفحة جدول رقراق. باكراً شدّ ميلاد الرحيل. وبعده بثلث قرن ويزيد ترجّل مارون. ولم تنقطع الصلات بيننا يوما. معا دخلنا إلى العمل الحزبي ومعا وُجدنا في الصحافة والإعلام. لم نملك من حطام دنيانا إلا الطموح وارادة الحياة. وأذكر كيف كنتُ أنهي مقرراتي الجامعية، وعملي الصحافي في "البيرق"، متعجلا الذهاب إلى مقهى "الاكسبرس" في أول شارع الحمراء، حيث نمضي وقتا صاخبا نستنزفه بالنقاش السياسي والنكات، والتعليقات الساخرة مع وزراء ونواب ورجال أعمال وزملاء ادمنوا ارتياد هذا المقهى الرائع، لنعود بُعيد منتصف الليل إلى منزلينا. كنت تقود سيارتك "اللانسيا" الرمادية، وانا إلى جانبك، نتحدث عن كل شيء ولا شيء، كحال ذاك الذي "يبكي...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم