السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

الانتخابات وآلية احتساب النفقات الإعلامية... تخبّط بين الدولار والتأجيل!

المصدر: "النهار"
ايسامار لطيف
ايسامار لطيف
الانتخابات النيابية 2022 (تعبيرية).
الانتخابات النيابية 2022 (تعبيرية).
A+ A-

تنطلق الاستعدادات للانتخابات النيابية وسط ترقب حذر من تأجيلها أو إلغائها تماماً لأسباب عدّة، منها التمويل الانتخابيّ الذي بات واضحاً اليوم أنّه غير متوفر، والسؤال الأبرز هو كيف سيؤدّي مبلغ 750 مليون ليرة لتغطية نفقات المرشّح، فيما لا يكفي لظهور إعلاميّ واحد وفقاً لتسعيرة القنوات بالدولار الأميركي؟

 

تخبّطٌ واهتزاز: لا آليّة واضحة حتّى الساعة!

تتحضر القنوات الإعلامية المحلية لبدء الموسم الانتخابي بصورة ضبابية إن كان على صعيد المرشحين أو آلية احتساب الدولار للدقيقة الإعلانية، فسقف الإنفاق حُدّد بـ750 مليون للمرشح، ولكن هذا المبلغ لا يُغطّي النفقات الأساسية للتلفزيون ولا يكفي لدقيقة الهواء المباشرة.

 

في سياق متّصل، يقول مصدر مطلع في إحدت المؤسّسات الإعلامية الشهيرة في لبنان لـ"النهار"، إن "السقف الانتخابي الذي حُدّد بـ750 مليون ليرة للمرشح أي بحدود الـ34884 ألف دولار أميركيّ وفقاً لمنصّة "صيرفة"، و37500 ألف دولار وفقاً للسوق السوداء، لا يكفي لمقابلة واحدة مباشرة على الهواء مدّة 30 دقيقة"، مشيراً إلى أن "الدقيقة الواحدة في موسم الانتخابات كانت تتخطّى الـ5000 دولار حتّى إنّها كانت تصل إلى أرقام خيالية حسب المرشحين، أي 150 ألف دولار لثلاثين دقيقة فقط، وهذا ما يُخالف القوانين الانتخابية اليوم، وفي الوقت نفسه يكبّد التلفزيونات خسائر مادية، إذ إن الإعلانات تُحتسب في أيّ مؤسّسة وفقاً للدولار وحسب".

 

من جهة ثانية، يُشير مصدر في تلفزيون محليّ آخر إلى أن "آليّة الاحتساب لم تُحدّد بعد وهي رهن قرار هيئة الإشراف على الانتخابات التي لم تُبلغهم بعد بأيّ تطوّر في هذا الأمر"، كاشفاً لـ"النهار" أن "إدارة القناة قرّرت تحديد آليتين للعمل، واحدة بالدولار الفريش، وأخرى بالليرة اللبنانية والدولار الفريش".

 

ويوضح أن "سبب قرار الإدارة هذا يعود إلى النفقات التي تتكبّدها القناة في كلّ دقيقة هواء مباشرة، إضافة إلى تكاليف الصيانة والكاميرات والإرسال...".

 

الدولار يُشرذم الانتخابات... والهيئة الانتخابية في المرصاد

لا شكّ في أن الانتخابات فرصة منتظرة لكلّ الراغبين في خوض الغمار السياسيّ من باب البرلمان، إلّا أنّها نقمة لمن لا يملك الدولار "الفريش" أو ما يُعادله لكي يتمكّن من تسديد النفقات الإعلانية.

في هذا الإطار، يذكر رئيس هيئة الإشراف على الانتخابات نديم عبد الملك لـ"النهار" أن "سقف الإنفاق الانتخابي رُفع من 150 مليون مليرة إلى 750 مليوناً للمرشح، وأنّه تمّ احتساب 50 ألفاً على الصوت في الدائرة الكبرى عوضاً عن 5000".

 

ويُشير في حديثه إلى أن "النفقات المحدّدة للموسم الانتخابي التي تشمل الإعلانات والبرامج لم يُحدّد بعد كيفية احتسابها"، موضحاً أن "الهيئة تواصلت مع وزارة العدل حيال هذا الأمر، وهي بانتظار الردّ ليُبنى على الشيء مقتضاه".

 

ويُضيف عبد الملك: "في 25 الشهر الجاري، اجتمعنا في الهيئة وأصدرنا سلسلة تعاميم حول آلية تنظيم العملية الانتخابية لجهة الإعلانات والظهور الإعلامي للمرشحين، ومشكلتنا الأساسية هي الدعاية المدفوعة الأجر لأن معظم التجاوزات تبدأ من هنا".

 

الإنفاق الانتخابيّ ما بين القانون والتنفيذ

تُحدّد المادة 56 من قانون الانتخاب "آليّة تمويل الحملة الانتخابية، حيث يخضع لأحكام هذا القانون، تمويل الحملات الانتخابية وإنفاق المرشحين واللوائح أثناء فترة الحملة الانتخابية، التي تبدأ من تاريخ فتح باب الترشيح وتنتهي لدى إقفال صناديق الاقتراع. فيما تلحظ المادة 57 من القانون عينه المساهمة الانتخابية التي تشمل كل هبة أو تبرّع أو هدية نقدية أو عينية أو قرض أو سلفة أو دفعة مالية أو أيّ شيء له قيمة مادية تقدّم للائحة أو للمرشح".

 

أمّا المادة 58 فتشرح النفقات الانتخابية أو المدفوعات لحساب المرشح أو اللائحة الانتخابية التابع لها، شرط أن تتعلّق مباشرة بالحملة الانتخابية وبعملية الاقتراع، وهي غالباً تشمل تأمين المكاتب الانتخابية وسائر نفقات هذه المكاتب، إقامة التجمعات والمهرجانات والاجتماعات العامة والمآدب ذات الغاية الانتخابية، النفقات المتعلقة بالتجهيزات المستعملة خلال الحملة، إعداد ونشر وتوزيع المواد الإعلامية والدعائية من كتب وكراريس ونشرات ومناشير ورسائل على شكل مطبوعات أو عبر وسائل البريد العادي أو الرقمي، إعداد وتوزيع الصور والملصقات واللافتات واللوحات الإعلانية وتعليقها، التعويضات والمخصّصات المدفوعة نقداً أو عيناً للأشخاص العاملين في الحملة الانتخابية وللمندوبين، مصاريف نقل وانتقال عناصر الحملة الانتخابية والناخبين، مصاريف انتقال الناخبين من الخارج، نفقات الدعاية الانتخابية ونفقات استطلاعات الرأي وأيّ نفقات تُدفع في سبيل الحملة الانتخابية إلى أيّ محطة بثّ إذاعية أو تلفزيونية أو أيّ صحيفة أو مجلة أو وسيلة نشر أخرى بما فيها الإلكترونية.

 

في هذا الإطار، يُشير مصدر مطّلع لـ"النهار" إلى "التجاوزات التي قد تحصل من جرّاء عدم تحديد آليّة احتساب سقف الإنفاق، والتلاعب في سعر صرف الدولار في السوق السوداء ممّا قد ينعكس سلباً على حُسن سير عملية الاقتراع، حتّى إنّه قد يؤدّي إلى تطيير الانتخابات".

 

هل "تطير" الانتخابات النيابية؟

يشرح المدير التنفيذي في الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات "لادي"، علي سليم، لـ"النهار" مخاطر عدم تحديد آلية احتساب النفقات الإعلانية والإعلامية للمرشحين.

 

ويقول سليم: "كان من المفترض أن تتلقّى هيئة الإشراف على الانتخابات طلبات المؤسّسات الراغبة في تغطية الانتخابات النيابية المقبلة في 19\12\2021، إلّا أن هذا الأمر لم يحصل، وهذه أول مخالفة تُسجّل، فيما المشكلة الأساسية هي أن هيئة الإشراف لم تكن تعرف مصيرها، أي بمعنى آخر لم نكن نعرف هل ستتولّى مهامها أم لا، لأنّها كانت تواجه مشاكل عدم تحصيل رواتب إضافة إلى مشاكل اقتصادية أخرى، فيما ينصّ القانون على أن اللجنة الحالية تبقى في مهامها حتّى تشكيل لجنة أخرى"، محذّراً من أننا "نتخطّى المواعيد المحدّدة والمهل الرسمية وهذا يُشكّل خطراً على حُسن سير ونزاهة العملية الانتخابية وقد يؤدّي إلى تأجيلها".

 

ويرى أن "جداول أسعار المؤسّسات الإعلامية ستكون بالدولار الفريش لأن التلفزيونات تتكبّد بالأساس مصاريف بالدولار كما أن الإعلانات تُحتسب بالعملات الأجنبية أيضاً وهذا ليس بشيء جديد، فدقيقة الظهور الإعلامية تخطّت الـ10000 دولاراً عام 2018 وفقاً للمرشحين، وكانت تصل إلى أرقام عالية إن كانوا من الـClass A"، ويلفت إلى أنه "حتّى لو أُعلن عن آلية تحديد عملية الإنفاق بالليرة اللبنانية، فهذا لن يُتبع لأن الاتفاق الذي يحصل بين القناة والمرشح سرّي وهو مغاير لذلك الذي تُحدّده هيئة الإشراف".

 

إلى ذلك، يُشير سليم إلى أنّه "يحقّ لأيّ مرشح تلقّي مساعدات حارجية تندرج أيضاً في إطار عملية الإنفاق الانتخابيّ شرط ألّا يتخطّى السقف المحدّد ألا وهو 750 مليون ليرة لبنانية فقط لا غير".

 

ويوضح أن "كلّ مرشح يخضع لعملية مراقبة من قبل هيئة الإشراف على الانتخابات، وعليه أن يُصرّح عن بيانات المالية بصورة متتالية، وعند أيّ تأخير، يُغرّم المرشح بحدود مليون ليرة تقريباً أي ما كان يُعادل 700 دولار تقريباً على سعر الصرف القديم 1500 ليرة لبنانية"، متسائلاً: "كيف ستُحتسب هذه القيمة اليوم بعد ارتفاع سعر صرف الدولار؟".

 

أمّا على صعيد تحضيرات الجمعية للانتخابات المقبلة، فيتخوّف سليم من "خطر تطيير الانتخابات بسبب عدم وجود مال كافٍ لتمويل الحملات أو تغطية نفقات اقتراع المغتربين التي تتطلّب أيضاً أرقاماً طائلة بالدولار، فيما تعجز الدولة عن تأمين أو سداد كلّ هذه المدفوعات بالعملة الأجنبية نظراً لوضع البلد الاقتصادي وسياسة المصارف الحالية"، معتبراً أنّ "من السهل التذرّع بعدم شفافية الانتخابات أو عدالة التمويل والإنفاق لتأجيل الانتخابات أو تطييرها، وهذا من السيناريوهات المطروحة اليوم".

 

وأكّد سليم في حديثه أن جمعية "لادي" تواكب التحضيرات الانتخابية، و"تُترجم بياناتها إلى لغات أجنبية لتتواصل من خلالها مع المجتمع الدولي لإيصال صرختها والتوعية حول الانتخابات وفي طليعتها موضوع الإنفاق الانتخابيّ والظهور الإعلانيّ والإعلاميّ"، ويُضيف "سنعقد الأسبوع المقبل مؤتمراً صحافيّاً شديد اللهجة في هذا الإطار، وسيكون لنا مواقف حاسمة في هذا الصدد".

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم