المتن في وداع ميشال المرّ: رجل دولة... ولن يتكرّر

لا يمكن في خضمّ البحث بين سطور تعاريج ترسيمة خريطة قرى قضاء المتن، إلا العثور على تجسيد لصورة وجه دولة الرئيس ميشال المرّ الجامعة البحر مع الجبل في البناء والخدمات والعين الساهرة في المناسبات الاجتماعية والانتخابية. هذا ما تُجمع عليه كلّ المقاربات على اختلاف الآراء السياسية والمناطقيّة وتنوّع ارتفاعات القرى عن سطح البحر. "دولة الرئيس" - اللقب الأحبّ على قلوب المتنيين - انتمى زمنه إلى عصرٍ ذهبيّ عايش فيه لبنان البحبوحة والازدهار، وكان فيه ميشال المرّ صاحب البصمة والرجل الأول حامل مقصّ الشريط الأحمر، كلّما كان لا بدّ أن يتعإلى صدى التصفيق في الأرجاء التي وثّقتها صفحات الأرشيف الغنيّ بالأبنية الحكومية التي أنجزت في المتن، إلى الخطة الخمسيّة التي غطّت البنية التحتيّة وتشييد مشاريع طرق ومدارس وملاعب رياضية وتأمين مصادر مياه الشرب، مروراً بدوره في القطاع الخاص ووصولاً إلى العمل الإنساني في الحقول الصحية والتعليمية والاجتماعية.  وفي السياسة، كانت نظّارات المرّ العريضة تسهر على حدود المتن انتخابيّاً وتعمل للبنان وطنيّاً، في تأكيد كلّ من عاصروا حقبته وواكبوا ديناميّته في العمل السياسيّ وتشكيل اللوائح الانتخابية. وعند فلفشة أوراق الماضي والبحث عن شخصيات واكبت زمن ميشال المرّ الذهبي، نقف أمام شهادة حليفه النائب السابق أنطوان حدّاد الحاضر على صورة الأيام العتيقة ومقارنتها بالزمن الحاليّ، والذي يقول لـ"النهار" إنّه "يمكن اختصار كلّ شيء بكلمة... كان ميشال المرّ رجل دولة، وهذا ما ينقصنا في لبنان. وكان مستنيراً ويدرك أين الحقّ وأين الباطل، ويتّجه نحو الحقّ الذي في مصلحة شعبه وجماعته الذين كان يحبّهم ويحبّونه. يا ليته كان قادراً في هذه الفترة أن يقوم بأدوار كتلك الأدوار الكبيرة التي يُشهد له فيها بكلّ شيء، لكانت الأزمة الحكوميّة وجدت الحلّ منذ زمن، لأنه كان يفرض احترامه على الرئيس وعلى الرئيس المكلّف. وكان يستطيع أن يجد صيغة توافقيّة تسهم في ولادة الحكومة. لأنّ رجل الدولة ليس في شخصه فحسب يستطيع أن يعمل، بل باستطاعته أن يعطي من نفسه للآخرين ويفرضه عليهم من أجل الحلول...