الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

خلايا "داعش" في لبنان… حقيقة أم شبح أمني؟

المصدر: "النهار"
اسكندر خشاشو
اسكندر خشاشو AlexKhachachou
جندي عراقي أمام علم تنظيم "داعش" (أ ف ب).
جندي عراقي أمام علم تنظيم "داعش" (أ ف ب).
A+ A-
‎عاد الحديث عن اختفاء شبّان من مدينة طرابلس في الأيام الأخيرة، والتحاقهم بآخرين تركوا المدينة والتحقوا بتنظيم "داعش" في العراق. وكان الشهر الماضي قد حفل بعدد من الروايات في هذا الشأن، بدأت بعد الإعلان عن مقتل شابّين من المدينة وهما أحمد كيالي وزكريا العدل في مواجهات عسكرية بالعراق، لتسارع عائلات عدّة إلى التواصل مع القوى الأمنية للإبلاغ عن "اختفاء" أبنائها. وظهرت إحدى الأمّهات عبر عدد كبير من وسائل الإعلام المحلية لتروي قصّة ابنها ذي الـ18 عاماً، الذي اختفى فجأة من المنزل وعاد ليتّصل بها بعد عدّة أيام ويبلغها أنه في العراق من دون أن يقدّم لها تفاصيل أكثر عن ملابسات ذهابه.
 
تراكمت الأرقام باطّراد عن هؤلاء "المختفين"، فمنهم من قال إن العدد أكثر من 100 شابّ، فيما تحدّث آخرون عن بضعة شبّان فقط استُدرجوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث استغلّ التنظيم الأزمة الاقتصادية وانتشار البطالة والمخدّرات في الأحياء الفقيرة بمدينة طرابلس ليعمل على استقطاب الشبّان تحت غطاء العقيدة وإغراء الأموال.

‎في المقابل كثرت المطالبات السياسية للقوى الأمنية والرسمية بإطلاع اللبنانيين وأهل طرابلس على حقيقة ما يجري بالفعل، وإن كان الأمر حقيقياً أم يجري تضخيمه، إذ ما تكاد تخبو موجة أخبار عن شبّان أصبحوا في العراق حتى تنطلق موجة أخرى.

‎لم تصدر الأجهزة الأمنية اللبنانية أيّ بيان بهذا الشأن رغم الجدل المتفجّر، وهناك إعلان رسمي وحيد من وزير الداخلية بسّام المولوي خلال مقابلة تلفزيونية عن 34 شاباً من طرابلس التحقوا بالتنظيم، ولكن مصادر أمنية أكدت لـ"النهار" وجود عدد من الشباب الذين التحقوا بتنظيم "داعش" من شمال لبنان وتحديداً من طرابلس، لكنّها تنفي علمها بالعدد الدقيق.

‎وقالت المصادر إن هؤلاء هربوا باتجاه العراق إثر إلقاء الجيش اللبناني القبض على خليّة تابعة للتنظيم في طرابلس في أيلول الماضي من جرّاء مقتل أحد المتقاعدين من المخابرات، مشيرة إلى أن عدد هؤلاء ليس كبيراً ولكن لا يُعرف بدقة.

‎وكشفت المصادر أن أفراداً من الخليّة اعترفوا بأسماء أخرى وتجري متابعتهم أمنياً، لكن هناك من يستغلّ الموضوع للتأثير على عدد من الشبّان وحثّهم على الهروب.

‎ولفتت إلى أن بعض الشبّان عمدوا إلى تخويف أصدقائهم بذريعة أنه سيُلقى القبض عليهم في لبنان، وأنهم علموا بوجود أسمائهم لدى الأجهزة الأمنية، ما أدّى إلى ارتفاع عدد المختفين، مؤكدة أن العمل جارٍ مع السلطات العراقية لتتبّع هؤلاء وإعادتهم إلى لبنان.

‎ورجّحت المصادر أن تكون عمليات الانتقال تجري عبر الحدود اللبنانية-السورية، ومنها يتم التوجّه إلى العراق عبر شبكات متخصّصة بتهريب البشر.

‎ وفي هذا السياق يرى السياسي الشمالي خلدون الشريف أن هناك من يستهدف طرابلس بتاريخها وبشبابها وأمنها، و يستذكر ما حصل أواخر عام 1999 في الضنية، الذي أدّى إلى سقوط شهداء من الجيش ودخول البلاد حقبة المعتقلين الإسلاميين الى يومنا هذا وأغلبهم مظلومون. كما أنتج حالات متطرّفة برعايات أمنية، مشدّداً على مسؤولية رئيس الحكومة ابن طرابلس نجيب ميقاتي في معالجة هذا الوضع عبر السبل كافة وأهمّها عبر مصارحة أبناء مدينته بحقيقة هذه الحالة الداعشية وشرح ما يشاع عن التحاق عدد من الشبّان بها من دون مبالغات ولا توظيفات سياسية وانتخابية.

‎ويرى الشريف في حديث لـ"النهار" أن هناك محاولات دائمة لشيطنة عاصمة الشمال، وهذا ليس جديداً على المدينة بل يعود إلى نشوء لبنان الكبير حتى يومنا هذا، حيث لم يشعر أهل المدينة بأن هناك دولة لبنانية مسؤولة عنهم بل إن هناك استهدافات متلاحقة لها، لأمنها، واقتصادها.
‎ ويشير الى أن هناك استغلالاً سياسياً وطائفياً ومذهبياً لكل ما يجري، ومبالغة في الأرقام من جهة وتصويباً نحو مكوّن لبناني أساسي ومدينة لبنانية كبرى.

‎ويؤكد أن شدّ العصب لأيّ مكوّن مذهبي يكون عبر إيجاد "بعبع" على الضفة الأخرى وشحذ الهمم الانتخابية يتم عبر شدّ العصب الطائفي وإبقاء حالة الخوف عند الناخب من الآخر.
‎ولا يستبعد الشريف أن يكون هناك تحضير لأعمال أمنية وراء هذا الأمر، تهدف فيما تهدف إليه، إلى تطيير الانتخابات من بوابة "تدعيش" المدينة، لافتاً نظر رئيس الحكومة ووزير داخليته وهما من أبناء المدينة، الى ضرورة تحمّلهما مسؤولياتهما الوطنية والسياسية والشعبية تجاه أهلهما ومدينتهما ووطنهما، وكفّ يد الاستهداف عنها وعدم السماح بظلمها كما عدم السماح لخلايا قليلة بأن تصيب المدينة برمّتها بالأذى.

‎أمّا الصحافي المتخصّص في الشؤون الإسلامية أحمد الأيوبي فيكشف أن عودة الحديث عن الموضوع هي بسبب اختفاء 8 شبّان حديثاً من دون معرفة مصيرهم، ما يرجّح التحاقهم بالتنظيم لأن طريقة الاختفاء تشبه حالات من سبقوهم.

‎ ويقول لـ"النهار": نواجه إشكالية برفض الأهالي الكلام والتكتكم الشديد، وهذا يعرّض مصير أبنائهم للخطر"، مشيراً الى أن هناك شبكة في طرابلس تعمل على رصد الشبّان ممّن يتعاطون المخدّرات، أو من هم من أسر مفكّكة أو يعانون من فقر شديد، وحديثاً يجري التواصل مع "زعران الأحياء وإغراؤهم بالمال".

‎وإذ قدّر الأيوبي العدد بأكثر من 150 شابّاً التحقوا بالتنظيم، سأل: من بإمكانه نقل الشبّان عبر الحدود اللبنانية وتأمينهم في العمق السوري وإيصالهم الى العراق سوى "حزب الله" والميليشيات الإيرانية؟
ويختم بأنه كلما "حُشر" الإيراني بملفّ يعود الحديث عن "داعش" في الشمال.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم