الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

يُتم العيد لشهداء المرفأ، قالب حلوى وصورة... "ليه مات البابا"؟

المصدر: النهار
ليلي جرجس
ليلي جرجس
عائلة جو أيدون.
عائلة جو أيدون.
A+ A-
10 شهور على جريمة المرفأ، وكأنّ الوقت لم يمرّ والوجع إلى ازدياد والفراق أصعب وأصعب. لا يُشفي الوقت قساوة الموت، فالجرح ينزف عند كل ذكريات ومناسبة. عاشت عائلة أندون عذاب الرحيل، وأمام صورة جو وقفت لتحتفل معه في عيد مثقل بالأحزان والأسئلة، التي لم تجد لها جواباً يشفي غليلها.
 
صغيرتان على فهم الموت، إلا أنّ ابنتيه تعرفان جيداً أنّ والدهما رحل إلى السماء، وغيابه قاس. لا تخفي زوجته ميشيل صعوبة الرحيل، وخصوصاً عندما تحاول الإجابة عن اسئلة ابنتها جيني، وكيف لعالم الصغار أن يفهم جرم الكبار؟!
 
من منشور على حسابها على "إنستغرام" إلى حديث مع الإعلامية دانيل قزح، التي لها مع هذه العائلة قصّة مؤثرة ورابط قويّ بنكهة الغائب الحاضر، تسترجع قزح كيف تعرّفت إلى عائلة أيدون قائلةً لـ"النهار": "بعد يومين على انفجار آب، تلقيت رسالة من ميشيل، زوجة جو أيدون، تخبرني فيها بتعلّق زوجها ببرنامجي الصباحي ووفائه له. وطلبت مني أن أقدّم صلوات من أجله لأنه كان من عداد المفقودين آنذاك".

"رفعت الصلوات من أجله، ثم تلقيتُ رسالة جديدة من زوجته تطلعني بالخبر المفجع. طريقة تعارفنا كانت بسبب جو، وبقي التواصل حتى اليوم. بالأمس، وصلتني صورة من ميشيل تخبرني كيف عايد الشهيد ابنتيه، وغنيا له بمناسبة عيد الأب. وجع رحيله لن يندمل، وغياب العدالة يزيد من ندوب هذا الجرح العميق. لذلك، قررت أن أتشارك مع الناس صورة هذه العائلة التي تُلخّص معاناة عشرات العائلات، التي خسرت أحبّاء في ظلّ غموض وعدم محاسبة.
 
لا كلام يصف شعوري، أحبّ هذه العائلة وتعلّقت بهم. هذا الحبّ غير مشروط، هو يسمعنا من فوق، والرحمة لروحه اليوم صلاة مقدّسة".
 
 
تقف جينيفر وجوي أمام صورة والدهما جو برفقة والدتهما ميشيل. وبقالب حلوى وأغنية عايدوا الأب والزوج الذي استُشهد في انفجار مرفأ بيروت.
 
تصف ميشيل لـ"النهار" كيف قرّرت النزول إلى المرفأ لمعايدة الأب وسند العائلة الذي غادر منذ 10 شهور. تقول: "ليس صحيحاً أنّ الوقت يبلسم الجراح، وجع الموت يزيد ثقلاً مع الوقت والمناسبات تغرس سكين الفراق والخيبة أكثر فأكثر. مرّ الوقت ولم يحدث شيء ولم يُحاسَب أحد. يستحيل أن تتعايش مع هذا الألم، ولكن أحاول أن أخفف عن ابنتيّ، وأن أزرع الفرح في حياتهما. لا ذنب لهما ليشعرا بالاختلاف عن باقي الأطفال، ولا ذنب لهما أنّ والدهما رحل نتيجة جريمة لم نجد لها بعد أجوبة أو محاكمة".

وتتابع ميشيل: "لدى جيني أسئلة كثيرة، تردد دائماً "لماذا أبي؟ ومتى سأراه؟ ليه مات؟ في الليلة ذاتها التي ذهبنا فيها إلى المرفأ، استيقظت جيني باكيةً تصرخ لوالدها "بدي بابا". ومن ثم قالت لي "عيديني أن لا تتركيني". ما يجري جارح، أحاول أن أخفف عنهما الحزن، لا ذنب لهما بكل ما حصل".

وتختم برسالة مؤثرة: "لا عدالة على الأرض، الجرح ينزف ولا يندمل رغم الوقت. سيبقى وجع الرحيل في عائلتنا، ووقعه عليّ وعلى ابنتيّ. وحده الله عادل، وفي انتظار عدالة الأرض نتضرع لعدالة السماء".
 
يصعب على ميشيل الحديث أكثر، فالدموع كفيلة باختصار ما خلّفته أيادٍ سوداء في قلوب عائلات كثيرة. بالأمس، عضّت هذه العائلة على وجعها. لدى جيني وجوي اشتياق يصعب تلخيصه بكلمات، ولا تملكان سوى صورة والدهما للحديث معه والسماء التي تحضنه. هذا ما جنته دولتنا عليهم وعلى عائلات كل شهداء المرفأ، عسى أن تخفف العدالة من الغضب الساكن داخلهم.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم