السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

الحالة الأولى في لبنان... تفاصيل إصابة الطفل عمر النادرة بمضاعفات كورونا

المصدر: النهار
كارين اليان
كارين اليان
تعبيرية.
تعبيرية.
A+ A-

 

لم يخطر في بال والدي عمر أن تكون لكورونا علاقة بحالته. عندما ظهرت أعراض المرض عليه، تبين أن ابن الثماني سنوات مصاب بمضاعفات كورونا لدى الأطفال لتكون هذه الحالة الأولى في لبنان والتي كادت تسرقه من حضن والديه لو لم يتلقَ العلاجات الفاعلة في الوقت المناسب، خصوصاً أن المعلومات عن هذا الموضوع والخبرة قليلة جداً.

ويؤكد الأطباء منذ بداية ظهور كورونا أن الأطفال لا يتأثرون إلا نادراً بالفيروس. فغالباً ما يصابون به دون أعراض أو مع أعراض بسيطة تزول دون التنبه إليها أحياناً. في تجربة عمر مع متلازمة التهاب الأجهوة المتعددة لدى الأطفال المرتبطة بفيروس كورونا، رسالة إلى الأهل لكي يتنبهوا إلى أعراض معينة يمكن أن تظهر لدى أطفالهم، خصوصاً بعد إصابة بفيروس كورونا أو حصول إصابة به في العائلة. فالطفل قد يصاب بالفيروس التاجي دون أن تظهر عليه أعراض. أما متلازمة التهاب الأجهزة المتعددة لدى الأطفال فقد يصاب بها الطفل حتى لو لم تظهر عليه أعراض الإصابة بكورونا، وهذا تحديداً ما حصل مع عمر.

كيف ظهرت أعراض المرض على عمر؟

أثارت حرارة عمر التي بلغت الـ40 درجة وأكثر قلق والديه الذي زاد أكثر بعد أن فشلت كل العلاجات في خفضها. وبعد الحصول على أدوية من الصيدلية ثم من الطبيب الذي أعطاه حقنة ومضاداً حيوياً، بقيت الحرارة ترتفع رغم المحاولات، فأُدخل عمر إلى المستشفى.

 

ونظراً لقلة الخبرة في هذا المجال باعتبارها حالة جديدة لم يسبق أن صادفها الأطباء، تلقى عمر علاجات لم تظهر فاعلية، فكانت حالته تتدهور أكثر فأكثر، بحسب والده السيد زعتري. "بلغنا مرحلة أصبح عمر فيها في حالة سيئة جداً بعد تدهور واضح، بحيث أصبح عاجزاً عن الوقوف، حتى نصحنا أحد الأطباء بالتدخل سريعاً لأن الحالة قد تتدهور أكثر بعد، وقد نصل إلى مرحلة غسل الكلى. التقينا الدكتور عبد الرحمن البزري الذي اطلع على ملف عمر

وحالته وطلب نقله فوراً إلى مستشفى الجامعة الأميركية".

كان عمر يعاني عندها هبوطاً حاداً في ضغط الدم والتهابات عديدة في الدم. وفيما أتت نتيجة فحص كورونا لديه سلبية تبين في فحص الأجسام الضدية أنه سبق أن أصيب بالفيروس قبل فترة. وفق ما يذكره والده أن والدة عمر كانت قد أصيبت قبل شهر ونصف الشهر وأيضاً جده وجدته بكورونا. أما عمر فلم تظهر عليه أعراض المرض باستثناء ارتفاع في الحرارة ليوم واحد. علماً أنه في معظم الحالات، تقتصر أعراض كورونا لدى الأطفال على ذلك.

خلال حوالي أسبوع في قسم العناية الفائقة ثم في غرفته في المستشفى، تحسنت حالة عمر بشكل ملحوظ وسريع على أثر تلقيه العلاجات المناسبة. علماً أنه كان قد عانى ضعفاً في عضلة القلب ومشاكل في الرئتين بسبب انحباس الماء فيهما، لكن تمت السيطرة تماماً على الوضع ويعود اليوم إلى حضن عائلته ومنزله. اليوم يدعو والداه الأهل إلى التنبه إلى أي أعراض يمكن ان تصيب أطفالهم لأنها قد تكون علامات تنذر بالخطر ولو لم تظهر علامات كورونا الواضحة عليهم.

ما حقيقة حالة التهاب الأجهزة المتعددة الخاصة بالأطفال؟

وفق ما توضحه رئيسة قسم العناية الفائقة في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت الدكتورة ماريان مجدلاني التي تابعت حالة عمر، إن متلازمة التهاب الأجهزة المتعددة الخاصة بالأطفال هي فعلاً إحدى مضاعفات كورونا. هي متلازمة ظهرت مع كورونا لكنها الحالة الأولى في لبنان، فيما ظهرت حالات في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية نظراً لارتفاع أعداد الإصابات بكورونا لديهم.

في المقابل، تشير مجدلاني إلى وجود دراسات عديدة وتقارير عن هذه الحالة التي قد تصيب الأطفال ولو لم تظهر لديهم أعراض واضحة لكورونا وحتى بعد فترة من الإصابة. وبالتالي ليس ضرورياً أن تتطور حالة كورونا حتى يكون الطفل عرضة للإصابة بالمتلازمة.

تشير مجدلاني إلى أن فحص كورونا لعمر أتى سلبياً، فيما أتى فحص الأجسام الضدية إيجابياً، فتبين أنه كان قد أصيب قبل فترة بالمرض. وعلى الرغم من أن كثراً من الأطفال لا يعانون أي مشكلة جراء الإصابة بالفيروس، إلا أن ثمة فئة معينة يمكن أن تواجه هذا النوع من المضاعفات ولو بعد فترة.

 

ما الأعراض التي على الأهل ملاحظتها؟

-ارتفاع في الحرارة يصل إلى 40 أو أكثر على مدى أيام عدة

- طفرة في الجسم

- احمرار في العينين والتهاب فيهما

- تعب وانحطاط في الجسم وأوجاع فيه

- إسهال

- ضيق نفس

- تشقق في الشفتين

- انقطاع الشهية

- خمول

يُفترض بالأهل أن يتنبهوا لهذه الأعراض لأنها تتطلب استشارة الطبيب سريعاً حتى لا تتدهور الحالة، خصوصاً انها حالة جديدة. علماً أن ارتفاع الحرارة خلال أسابيع عديدة والتعب الزائد والخمول يتخطى بمعدلاته ما يحصل في باقي الحالات المرضية للأطفال. في الوقت نفسه، تطمئن مجدلاني مؤكدة أن حالة كورونا لا تتطور فعلاً لدى معظم الأطفال وتصيب هذه الحالة نسبة قليلة منهم. كما أن الوفيات قليلة جداً فيها وغالباً ما تتم المعالجة وتتحسن الحالة لاعتبار أنه التهاب يتجاوب مع العلاجات الخاصة لذلك، ويحتاج قسم من الأطفال إلى العناية الفائقة لكنهم يظهرون تحسناً ويتجاوبون مع العلاجات بالكورتيزون وهو الذي أعطي لعمر، وقد أظهر تحسناً سريعاً خلال يومين، ولم يتبق إلا عضلة القلب التي تتطلب وقتاً أطول.  فتشير مجدلاني إلى أن ثمة أعضاء قد تتأثر وهنا تكمن المشكلة. فقد يحصل ضعف في عضلة القلب وفي الكلى وتتأثر القدرة على التركيز.

أما بالنسبة إلى التشخيص فيُجرى على أساس فحوص الدم  مع الإشارة إلى أن من يتعرضون إلى مثل هذه الحالة قد يكونون أكثر عرضة لتخثر الدم والجلطات، ما يستدعي أيضاً وصف الأسبرين لهم والمتابعة عن كثب مع الطبيب حتى بعد التعافي، وإجراء الفحوص للتأكد من عدم حصول مضاعفات في المدى البعيد، لاعتبار أن ما من تأكيد حتى اللحظة ما إذا كانت هناك مضاعفات يمكن أن تحصل في المدى البعيد للطفل.

 

ما العلاجات التي أعطيت لعمر حتى تحسنت حالته؟

يعتمد العلاج على الكورتيزون بشكل أساسي لتخطي الالتهاب الحاصل بعد أن تجرى فحوص الدم الدقيقة للتأكد من معدلات الالتهاب. كما أعطي له علاج immunoglobuline في الشريان. أما الأسبرين فيوصف عادةً بحسب الحالة لمنع تخثر الدم. لكن مما يبدو واضحاً، بحسب مجدلاني، أن التحسن كان سريعاً واستعاد عمر نشاطه باستثناء عضلة القلب التي تتطلب المزيد من الوقت وهذا طبيعي. هذا مع ضرورة التشديد على أهمية المتابعة مع طبيب حتى بعد التعافي تجنباً لأي مشاكل لاحقة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم