الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

موجة إنفلونزا قوية تضرب قرى البقاع... مبالغة أم واقع يُنذر بسيناريو صحّي سيّىء؟

المصدر: النهار
ليلي جرجس
ليلي جرجس
البقاع. تعبيرية.
البقاع. تعبيرية.
A+ A-
عندما انتشر فيروس #كورونا في دول العالم من دون استثناء، لم يسمع العالم بحالات إنفلونزا أو غيرها من الفيروسات الموسمية التي كانت تشهدها الدول بنسب متفاوتة. وبعد أن أصبحت الإنفلونزا H1N1 جزءاً من الإنفلونزا الموسمية، وبرغم من غيابها الملموس في السنتين الماضيتين، إلّا أنّ انتشارها اليوم أثار تساؤلات وحالة هلع في ظلّ تزامنها مع ارتفاع حالات الكورونا بشكل متزايد وسريع.
 
يُثير التداخل بين وباء كورونا والإنفلونزا قلق الأطباء والعلماء، ليس سهلاً أن تواجه فيروسين أو موجتين بوتيرة متسارعة في الوقت نفسه.
 
في لبنان، بدأت قرى البقاع تلمس حقيقة مخاطر أن يجتمع الفيروسين في بقعة واحدة، شهدت مستشفيات المنطقة على انتشار حالات الإنفلونزا التي تعتبر بديهية وطبيعية في مثل هذا الوقت، إلّا أنّها عادت بقوّة بعد غيابها السنة الماضية نتيجة سيطرة فيروس كورونا على باقي الفيروسات.
 
وعلمت "النهار" أنّه سُجّل45 حالة اليوم فقط في عيادة واحدة، وهذه الأرقام إن كانت تدلّ على شيء، فهي تعني أنّ موجة قاسية تضرب بعض القرى لأسباب كثيرة وأهمها تغيير الطقس والعدوى المتنقلة في المدارس والإهمال في الوقاية.
 
 
وفي هذا الصدد، يوضح طبيب الأطفال وحديثي الولادة في الهيئة الصحية ومستشفيات بعلبك الدكتور أكرم اسماعيل لـ"النهار" أنه يومياً يتم تشخيص حوالى 40 حالة مؤكدة من الانفلونزا، وأن 75% من المرضى مصابون بالـ Parainfluenza بعوارض مختلفة تشمل الحرارة المرتفعة، ألماً في الحلق، سعالاً حاداً، سيلاناً في الأنف مع انحطاط في الجسم. ويضطر الأطباء إلى معالجة بعض الحالات في المستشفى خصوصاً الأطفال دون السنة، لأنهم يعانون من ضيق في التنفس".

وفق اسماعيل أنه منذ الجمعة وحتى اليوم يمكن القول أن هناك 150 حالة انفلونزا تم معاينتها في المستشفيات او عيادته، ناهيك عن المستشفيات والعيادات الطبية الأخرى. وبالتالي، نشهد زيادة في حالات الانفلونزا مقارنة بالسنة الماضية إلا أنها تعتبر طبيعية في حال مقارنتها مع السنوات الماضية، أي قبل ظهور كورونا. وعليه، نستقبل يومياً 10-15 طالباً من المدارس يعانون من عوارض الانفلونزا، لذلك يجب التشدّد، على أهمية عدم ارسال الأولاد إلى المدارس عند ظهور أيّ عارض منعاً لنقل العدوى كما نرى اليوم في بعلبك – الهرمل".

إذ يصدر يومياً نتائج إيجابية في المختبرات لحالات إنفلونزا، وهذا دليل على أنّ الموجة قوية وبعوارض شديدة عند البعض. ومعظم هذه الحالات تعود للإنفلونزا A، ويعود السبب إلى الاختلاط والعدوى داخل المدارس والمنازل، وغياب التدفئة في ظلّ الوضع الاقتصاديّ والمعيشيّ الصعب.
 
وصحيح أنّ كلّ حالات الإنفلونزا ليست موثّقة مخبرياً نتيجة عدم قدرة البعض على إجراء الفحص، إلّا أنّه يجمع أطباء المنطقة حسب ما أكّد أكثر من منتابع على أنّ الحالات تندرج بمعظمها بين الإنفلونزا والـRSV. وأكثر العوارض شيوعاً تتمثّل بحرارة مرتفعة، سعال، آلام في المفاصل، إسهال وآلام في البطن...
 
الأمر المربك والمعقّد يكمن في صعوبة التمييز بين الإنفلونزا والكورونا، عوارض متشابهة لفيروسين مختلفين. وبرغم من أنّ الإنفلونزا الموسمية من الفيروسات المتوقّع ظهورها في هذا الموسم، إلّا أن انتشارها في ظلّ ارتفاع اصابات كورونا ينبئ بكارثة صحية وسيناريو مخيف في بلد يرزح تحت ضائقة مالية واقتصادية قاسية.
 
كانت المؤشرات الوبائية لفيروس الإنفلونزا منخفضة على حساب #كورونا، وقد ساعدت الإجراءات الوقائية على الحماية من انتقال العدوى حتى من الفيروسات الموسمية الأخرى. لكن اليوم، وفي ظلّ تخفيف القيود والإجراءات، سُجلت حالات لافتة وكبيرة للإنفلونزا، فماذا يجري في منطقة البقاع والهرمل؟
 
 
يؤكّد مسؤول الترصّد الوبائي في منطقة بعلبك – الهرمل الدكتور جهاد رزق لـ"النهار" أننا نتابع الحالات التي تمّ الإبلاغ عنها، والتي معظمها مجرّد رشح عادي وليس إفلونزا، في حين نتابع تفاصيل الإنفلونزا للتأكّد من مدى صحة الأرقام المتداولة، خصوصاً أن هناك مبالغة في الموضوع.
وإزاء هذا الواقع، وبين التهويل والحقيقة، نتابع عن كثب كل الحالات مع الأطباء ومدراء المدارس بالإشراف مع وزارة الصحة لمعرفة الأعداد الصحيحة. كذلك أرسلنا فريقاً صحياً إلى الهرمل لإجراء فحوص الـPCR والإنفلونزا،  وستكشف النتائج حقيقة ما يجري ومدى وجود اصابات من كل فيروس.

يبقى كلام رزق مقتضباً في انتظار النتائج، في حين غرد النائب جميل السيد أن "ظاهرة الإنفلونزا الحادة التي انتشرت أخيراً في الهرمل وجوارها وأصابت العديد من الأطفال، تستدعي تحرّكاً سريعاً وإيفاد فريق طوارئ طبّي إلى المنطقة للوقوف على أسبابها ومعالجتها".
ودعا السيد "لتعميم توجيهات للمواطنين حول العدوى وبخاصة أن إمكانات المنطقة محدودة، والمطلوب من الوزارة التحرك فوراً.
من جهته، يؤكد رئيس مصلحة بعلبك الهرمل في وزارة الصحة الدكتور محمود ياغي في حديثه لـ"النهار" أنّه "سُجل حالات انفلونزا H1N1 كثيرة ولافتة في المنطقة، إلّا أنّها متوقعة وغير مفاجئة في هذا الموسم، خصوصاً أن المنطقة جبلية وتتميز ببرودتها القاسية والتغيير الواضح في درجات الحرارة.
 
وحسمت الفحوصات المخبرية أنّ هذه الحالات تندرج معظمها في خانة الإنفلونزا وليس الكورونا، برغم من العدوى السريعة التي انتقلت من المدرسة إلى المنزل أو العكس. إذ شهدت المستشفيات حالات متزايدة وكبيرة من الإنفلونزا التي تظهر عليها عوارض متشابهة لكورونا وأهمها الحرارة المرتفعة، السعال وضيق التنفس وغيرها.
 
 
ويستغرب ياغي من طريقة تعاطي البعض مع الموضوع بهدف إثارة الرعب والهلع، في حين أن الواقع ليس بهذا السوء، وانّما أمر طبيعي في موسم الفيروسات الموسمية. يقول "موجة الإنفلونزا في كل لبنان وليس فقط في منقطة بعلبك الهرمل، ولقد تم التواصل مع أطباء الأطفال للوقوف على الحالات التي يعاينونها، وأكدوا وجود حالات إنفلونزا معدية إلّا أنّها لا تتطلب إقفال المدارس ولا تستدعي حالة هلع وانما اجراءات وقائية مشددة لمنع انتقال العدوى."
 
ولا يُخفي ياغي وجود"زيادة في حالات الإنفلونزا، وما شهدته مستشفيات المنطقة وعيادات الأطباء تؤكّد ذلك، لكننا بحاجة إلى زيادة التوعية حول الوقاية وعدم ارسال الطلاب إلى المدارس في حال ظهور أيّ عارض تفادياً لنقل العدوى إلى زملائه. والأهم عدم التهويل والمبالغة كما جرى التداول به كوباء معد وموجة قاسية تجتاح المنطقة، فنحن بحاجة إلى تشديد الإجراءات الوقائية وليس إثارة الخوف والهلع، خصوصاً أن الحالات متوقعة وطبيعية في هذا الموسم".
ستكشف الأيام المقبلة حقيقة ما يجري في المنطقة، وما تشهده منطقتا بعلبك والهرمل هو عينة مما تشهده مناطق أخرى حتى لو بنسب مختلفة. فهل نحن أمام موجة إنفلونزا قاسية؟

 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم