السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

فروقات الاستشفاء بالملايين... "يلي بفوت ع المستشفى بموت قهر"

المصدر: "النهار"
صورة من الأرشيف (النهار).
صورة من الأرشيف (النهار).
A+ A-
أن تسمع صرخات المرضى شيء، وأن تختبر تجربتهم شيء آخر. هذا ما لمسه ابن مريضة أدخلت إلى المستشفى بصورة عاجلة بعد توقف قلبها واجراء تمييل وروسور لقلبها.
 
لم يعدّ الاستشفاء حقاً مؤمّناً للجميع، الأزمة المالية قضت على آخر قطاع، وحوّلت الناس إلى أجساد يائسة تستنجد باكيةً. الجهات الضامنة مكانها راوح، عاجزة أو متعذر عليها تصحيح تسعيرة الطبابة، المستشفيات تواصل مهمتها واستنزاف الناس "على سعر السوق" أو "الفريش دولار"، في حين يقف المواطن مستسلماً لأن من يحبه لن ينجو أو تجرى له العلاجات اللازمة إلا بعد تأمين المبلغ المطلوب.
 
وكأن حياة من يحب أصبحت مرهونة بما يملك، أصبحت بعض المستشفيات أشبه "بالمسلخ"، لا أحد يرحم هذا المواطن الذي ما زال راتبه على 1500 ل.ل في حين أن كل شيء يحلق بالدولار أو ما يوازيه بالسوق السوداء.
 
لم يعد الناس يموتون بالمرض بقدر ما أصبحوا يموتون ذلاً وقهراً ووجعاً. تشكو المستشفيات من ثمن المستلزمات الطبية التي أصبحت باهظة جداً، وعلى المريض أن يدفع الفروقات، فيما تواصل الجهات الضامنة عجزها عن تحمل الكلفة الزائدة.
 
قصص كثيرة تدور في نفس المأزق، فروقات مالية كبيرة وعجز عن دفع المستحقات، صرخات موجعة تكثر في الآونة الأخيرة والخوف من أن نصل إلى الامتناع عن التوجه إلى المستشفى لتعذر تأمين الكلفة.
 
هذه الحقيقة لا يُخفيها نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون، إذ أوضح في حديثه لـ"النهار" أن المشكلة تكمن في ثمن المستلزمات الطبية خصوصاً المغروسات الطبية كالـprothese أو الـressort التي زادت أسعارها 14 مرة خصوصاً بعد رفع الدعم عن بعضها. إذاً ارتفاع الأسعار يعود إلى أن بعض هذه المغروسات ومنها الـprothese وغيرها من المستلزمات الطبية الخاصة بالعظم قد رُفع عنها الدعم كلياً.
 
في حين أن "روسور" القلب مدعوم 50% فقط بينما كل المعدات والمستلزمات الطبية التي تستخدم في عملية تمييل القلب مرفوع عنها الدعم كلياً، كما يشير هارون. أما غسيل الكلى ما زال مدعوماً بنسبة 93% والـ7% تدفع بالفريش دولار. كما هناك بعض الفحوص المخبرية مدعومة بنسبة 65% (فئة الفحوص الأولوية) والفحوص غير الأولية مدعومة بنسبة 25% .
 
كما أن الجهات الضامنة ومنها الضمان والوزارة والتعاونية ما زالت تغطي على سعر الـ1500 ليرة، وعلى سبيل المثال اذا كانت كلفة الـprothese 1000$ يدفع الضمان مبلغ مليون و500 ألف ليرة، في حين أن كلفتها على المريض تساوي 22 مليون ل.ل وفق سعر دولار السوق. وكلما ارتفع الدولار ارتفعت الكلفة أكثر على المريض.
 
 
 
نحن نتحدث عن رفع كلّي عن مستلزمات طبية باستثناء بعضها، وارتفعت أسعارها 14 مرة بعد أن كانت على سعر 1500 ليرة للدولار ليصل سعرها على22 ألف للدولار. وعليه، يدفع المريض الفروقات الكبيرة لأن الجهات الضامنة عاجزة عن الدفع على سعر السوق، وهذا ما يكبد المرضى دفع عشرات الملايين كفروقات مالية.
 
ويشرح هارون أن "كلفة ارخص ورك اصطناعي حوالى 1500-2500$ أي ما يوازي 55 مليون ل.ل، وهذه كلفة الورك من دون كلفة الجراحة والاستشفاء. في حين بدفع الضمان كلفة الورك الاصطناعي الذي يبلغ (2500$) حوالى 3 ملايين 750 ألف ليرة، وبالتالي يدفع المريض الفروقات الكبيرة نتيجة رفع الدعم عن المغروسات الطبية الخاصة بجراحات العظم.
 
ويشير إلى "أنه في الحالات الطارئة أو التي تُشكّل خطراً على حياة المريض، لا يتوانى المستشفى عن التدخل وإجراء المطلوب ومن ثم البحث مع المريض ومدى امكانيته على الدفع".
ما جرى مع السيدة انطوانيت مهنا عينة صغيرة عن واقع أقسى للمرضى الذين يضطرون إلى دخول المستشفى بصورة عاجلة أو حتى لتلقي العلاج.
 
يروي ابنها غابي عقيقي لـ"النهار" أن "والدته (51 عاماً) لم تكن تشكو من شيء، كانت صحتها جيدة، ولكنها في تلك الليلة أي في 3 شباط شعرت بألم كبير في صدرها، فتوجهنا بها بسرعة إلى مستشفى السان جورج في عجلتون. وفجأة توقف قلبها وهي في غرفة الطوارئ، استطاع أحد الأطباء الموجودين من إنعاشها وإعادة النبض، إلا أن حالتها كانت خطيرة."
 
لم يكن مستشفى السان جورج قادراً على إجراء "الميل" لأنه ليس لديه التجهيزات اللازمة، وكان يتوجب نقل المريضة بصورة فورية إلى مستشفى آخر لأن وضعها خطير.
 
وعليه، نُقلت انطوانيت إلى مستشفى البترون من خلال الصليب الأحمر برفقة طبيب يتابع حالتها الصحية، وكما يؤكد ابنها "أجري لها ميل وأصبحت في حالة مستقرة. إلا أنها اليوم تقبع في المستشفى في انتظار دفع فروقات الاستشفاء التي تبلغ حوالى 35 مليون ليرة لبنانية في مستشفى البترون، ناهيك عن 700 $ في مستشفى السان جورج. الضمان لا يغطي هذه الفروقات، ويتوجب علينا دفع المبلغ لتتمكن من الخروج.
 
يستنجد ابنها للمساعدة، فهو عاجز عن دفع كامل المبلغ، وينتظر أي مساعدة. التقرير الطبي يفيد أن "ألسيدة انطوانيت خضعت بصورة طارئة لعملية تمييل للقلب مع زرع روسور نتيجة ذبحة قلبية وتوقف عمل القلب. حال انطوانيت كحال عشرات المرضى الذين يواجهون المأزق نفسه، ولم يخطئ من وصف حال
الاستشفاء اليوم بالقول "ستصبح الطبابة للميسورين فقط، أما الفقراء فإياكم والمرض".
 
للمساعدة الاتصال على هذا الرقم : 03/404601

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم